الأفاكادو: زراعة تقبر الفقر في الجنوب (1-2) مع فيديو
كتب زهير دبس
«الذهب الأخضر» أو «البترول الأخضر المقبل» هو ما بدأ يُطلق على زراعة شجر الأفوكادو التي بدأت زراعتها تجتاج مناطق لبنان وخصوصاً الساحل الجنوبي منه، حيث بدأ العديد ممن يملكون بساتين حمضيات باقتلاعها واستبدالها الأفوكادو بها. المشهد لا يقتصر على البساتين فقط، فمن النادر أن تدخل إلى بلدة ساحلية جنوبية أو متوسطة الارتفاع دون أن ترى أشجار الأفوكادو منتشرة في كل مكان سواء في الحقول أم في حدائق المنازل، أم في الأراضي الصغيرة الحجم. والسبب في ذلك يعود إلى نجاح زراعة تلك الشجرة وإلى ارتفاع أسعارها وأيضاً إلى فوائدها العالية. حمى زراعة الأفوكادو أدى إلى نشوء العديد من المشاتل الكبيرة والمتوسطة التي تبيع نصوب تلك الشجرة التي يزداد الطلب عليها يوماً بعد يوم. «مناطق نت» جالت في بساتين الأفوكادو واطلعت عن كثب على تطور تلك الزراعة والتقت الخبير الأول فيها وهو الخبير محمد حجازي وعادت بهذا التحقيق.
يعود أصل شجرة الأفوكادو إلى القارة الأميركية بقسميها الشمالي والجنوبي وتحديداً المكسيك وغواتيمالا وكولومبيا، حيث تقول الدراسات إلى أن تاريخ تلك الشجرة في غابات هذه الدول يعود إلى مليون وستة آلاف سنة، تزاوجت وتهاجنت فيما بينها ونتج عنها الأصناف التي نعرفها الآن. لكن أولى زراعات الأفوكادو بشكل علمي بدأ مع شعوب المايا وذلك في العام ٩٠٠ ميلادية. أما المرحلة الثانية من تاريخ تلك الزراعة فبدأ مع اكتشاف أميركا وحلول الاستعمار الأسباني فيها، وهناك الكثير من أصناف الأفوكادو يعود إلى تلك الدول التي اكتشفت فيها. التطور الأبرز في زراعة الأفوكادو كان في العام ١٨٩٠ حين قدم تجار زراعيون ونقلوا تلك الزراعة إلى أميركا، حيث بدأت الدراسات عليها في العام ١٩١٢ وما زالت مستمرة حتى الآن وصنفت الأفوكادو إلى ثلاثة أجناس وهي المكسيكي والغواتيمالي والكولومبي.
الأفوكادو التي تُصنّف ضمن خانة الزراعات الاستوائية وتُعتبر من أصناف الفاكهة كانت ثمارها صغيرة وبحجم حبة البلح، لكن مع تطور الأيام واختيار الإنسان الثمر الأكبر منها لزراعته بدأ يتحسن ثمار الشجرة ويكبر حجمها وصولاً إلى حجمها الحالي. وفي هذا الإطار يقول الخبير في زراعة شجرة الأفوكادو والذي يملك شركة هي الأولى من نوعها في لبنان «ليبانيز أفوكادو» محمد حجازي لـ «مناطق نت» «إن شجرة الأفوكادو تعيش على السواحل وحتى ارتفاعات ٨٠٠ متر عن سطح البحر ودرجة الحرارة المثلى لها هي بين الـ ١٢ درجة والـ ٢٦» درجة. وتستطيع العيش حتى المئتي عام في حال كانت الظروف مؤاتية لها. يتابع «تحتاج نصوب الأفوكادو عند زراعتها ما بين ٨ و١٢ ليتر مياه يومياً، تُروى من يوم الى ثلاثة ايام اذا كان نظام الري بالتنقيط، ام اذا كان نظام الري بالرشاشات فتُروى من ثلاث ايام الى اسبوع وتحتسب استهلاك المياه حسب حجم الشجرة والتبخر الناتج عن الحرارة. في عمر الست سنوات تحتاج ٧٠ ليترا وما فوق.
تُعتبر القيمة الغذائية لثمار الأفوكادو كبيرة جداً فهي تتمتّع بخصائص مميزة ومفيدة، فهي تتشكل من 80 بالمئة من المياه، وتحتوي على نسبة دهون قليلة وترفع الدهون الإيجابية في الجسم، كما تحتوي نسبا عالية من البوتاسيوم والزيوت والقليل من السكر. فوائدها عالية جداً وتناولها يقي المرأة من سرطان الثدي، ويجري الآن استعمال قشور بذورها لاستعماله في أدوية الضغط والسكري وأيضاً لتضميد الجروح، وتم استدخالها في الأطعمة خصوصا السلطات.
دخلت زراعة الأفوكادو إلى لبنان يقول الخبير حجازي في العام ١٩٥٧ من خلال مغتربين لبنانيين كانوا يعيشون في المكسيك وأميركا الجنوبية وأحضروا بذور تلك الشجرة معهم إلى لبنان، حيث زُرعت على نطاق ضيق لكنها فشلت. يتابع: «في السبعينيات قام آل البساط والشموط في صور بزراعة بساتين منها لكن هذه التجربة لم تتطور. بعد ذلك في الثمانينيات بدأت هذه الزراعة في الانتشار على نطاق واسع وخصوصاً على الخط الساحلي في الجنوب، لكن العام ٢٠١٢ كان مفصلياً حيث تضاعفت تلك الزراعة وبدأت تنجح بشكل باهر نتيجة الإلمام بمعاملتها سواء من خلال طرائق الري وغيرها». سبب هذا النجاح يقول الخبير حجازي كان برنامج LIVCD الممول من الوكالة الأميركية للتنمية USAID التي أوجدت مجموعة شجّعت على زراعة شجرة الأفوكادو، حيث كنت على رأس تلك المجموعة التي استطاعت إثبات نجاح تلك الزراعة من دون أن يموت نصف الشتول». يضيف الخبير حجازي «من أجل تعزيز الثقافة المعرفية بشجرة الأفوكادو قامت الـ USAID في العام ٢٠١٧ بتنظيم دورة تدريبية في ولاية كاليفورنيا الأميركية استمرت شهر حيث دعت إليها تلك المجموعة والتي ضمّت مهندسين.
تُقدّر الـ USAID عدد أشجار الأفوكادو في الجنوب بنحو ٣٦٠٠٠٠ ألف شجرة موزّعة على نحو ستة آلاف دونم من الأراضي، وفي هذا الإطار يقول الخبير حجازي «إن هذا الرقم لا يزال متواضعاً، والزيادة في هذه الزراعة لن يُؤدي إلى فائض في الانتاج سواء في السوق المحلي أو الاقليمي، وهذا الأمر مرتبط بالسوق العالمي الذي ينتج الآن حوالى عشرة ملايين طن ولا يزال يشهد طلباً متزايداً على ثمار الأفوكادو بسبب قلّة إنتاجه عالمياً وعدم قدرته على تلبية احتياجات السوق خصوصاً الدول التي يُسجّل فيها دخلاً مرتفعاً للفرد ولا تصلح أراضيها لزراعة تلك الشجرة». يضيف حجازي أن لبنان ينتج سنوياً حوالى ٨٠٠٠ طن سنوياً في حال كان الموسم جيداً وألفي طن في حال كان سيئاً، وهو لا يكفي السوق المحلي».
يتبع غدا.