الحرب تفاقم أزمة النفايات في الجنوب ولا حلول في الأفق
تتفاقم أزمة النفايات أكثر في الجنوب، بفعل الحرب القائمة على الحدود مع فلسطين المحتلّة وتبعات النّزوح من البلدات والقرى الحدوديّة، حتّى باتت اليوم أكثر تعقيدًا وسوءًا عمّا كانت عليه سابقًا، وفي هذا التحقيق نحاول تسليط الضّوء على هذه الأزمة القديمة- الجديدة تحديدًا، لما لها من ضرر بيئيّ وصحّيّ من جهة، وبسبب فشل الدّولة والسّلطات المحليّة في إدارة هذا الملفّ من جهة أخرى.
يعود تاريخ أزمة النفايات في الجنوب كما في كلّ لبنان إلى عقود من الزّمن، بسبب سوء إدارة هذا الملفّ، وعدم تطبيق خطّة بيئيّة مستدامة على مستوى كلّ الوطن، حيث كانت الحكومات المتعاقبة تتّخذ قراراتها في اللحظات الأخيرة وبشكل طارئ ليس أكثر.
منذ انتهاء الحرب الأهليّة اللبنانيّة في العام 1990، كان تركيز الحكومة المركزيّة آنذاك، على كيفيّة إدارة نفايات بيروت وجبل لبنان، تاركة البلديّات في المناطق الأخرى تتعامل بفرديّة مع هذا الملفّ، من دون أن تزوّدها بالدّعم الماليّ والتقنيّ اللازمين في هذا الخصوص، علمًا أنّ الدّول المتقدّمة تمكّنت من تحويل النفايات من نقمة إلى نعمة، بعد أن حوّلتها إلى طاقة.
منذ انتهاء الحرب الأهليّة اللبنانيّة في العام 1990، كان تركيز الحكومة المركزيّة آنذاك، على كيفيّة إدارة نفايات بيروت وجبل لبنان، تاركة البلديّات في المناطق الأخرى تتعامل بفرديّة مع هذا الملفّ، من دون أن تزوّدها بالدّعم الماليّ والتقنيّ اللازمين
ولطالما اشتكت البلديّات من تأخّر توزيع مستحقّات “الصّندوق البلديّ المستقلّ” لأشهر طويلة، وعدم انتظام صرف أمواله وتبدّل معاييره، ما صعّب على البلديّات الاستثمار في إدارة النفايات الصّلبة وسبّب نشوء المكبّات العشوائيّة وانتشارها؛ ذلك قبل أعوام كثيرة من تصاعد الحديث عنها جرّاء أزمة تكدّس النفايات في الشّوارع التي بدأت في بيروت وجبل لبنان العام 2015.
وفق الأرقام
وفق الأرقام التي زوّدتنا بها وزارة البيئة، فإنّ كمّيّة النفايات الصّلبة التي يُنتجها الجنوب (محافظة الجنوب) تبلغ 551 طنًّا يوميًّا، فيما تنتج النبطيّة (محافظة النبطية) 516 طنًّا، من أصل 7.342 طنًّا تُنتج يوميًّا في لبنان وفق تقديرات العام 2018، وهي مكوّنة من 50 – 55 في المئة جزء عضويّ، 15 – 17 في المئة ورق وكرتون، 10 – 13 في المئة بلاستيك، 5 – 6 في المئة معادن، 3 – 4 في المئة زجاج و10 – 12 في المئة موادّ أخرى (منسوجات، خشب، متفرّقات).
لكن تقديرات أخرى (في العام 2022) أشارت إلى أنّ نسب إنتاج النفايات الصلبة انخفضت إلى 5600 طنّ يوميًّا ومن غير المتوقع أن تعود إلى مستويات العام 2018، خلال خمس أو سبع سنوات مقبلة. وباتت مكوّنة من 69 – 72 في المئة جزء عضويّ، 4 – 5 في المئة ورق وكرتون، 11 – 14 في المئة بلاستيك، 2 في المئة معادن، 3 – 4 في المئة زجاج و3 – 11 في المئة نفايات أخرى (منسوجات، خشب، متفرّقات) وفق نسب عام (2021).
يوجد في الجنوب معمل وحيد لمعالجة النفايات يعمل راهنًا، وهو معمل صيدا، يستقبل 550 طنًّا يوميًّا، ويتمّ فيه فرز وتسبيخ النفايات والهضم اللاهوائيّ. أمّا معمل فرز وتسبيخ النفايات في عين بعال (صور) فتوقّف عن العمل بعدما كان يستقبل 250 طنًّا يوميًا، وكذلك معمل الكفور في النبطيّة. ومن أهمّ أسباب توقّفهما عدم توافر موارد كافية لتشغيلها وضمان استمراريّتها وصعوبة تأمين مطامر للعوادم.
النفايات في زمن الحرب
يتّفق جميع الخبراء المتابعين لهذا الملفّ ممّن تواصلنا معهم في “مناطق نت” على أنّ أزمة النفايات باتت أكثر تعقيدًا بفعل الحرب القائمة، لسبب بسيط جدًّا، وهو أنّ إدارة هذا الملفّ كانت في الأصل سيّئة فما بالك في ظل وجود حرب حقيقيّة وأعباء إضافيّة تتكبّدها بعض البلديّات التي استقبلت النّازحين منذ خمسة أشهر وحتّى اليوم؟
ووفق رئيس اتّحاد بلديّات صور حسن دبوق “يوجد راهنًا حوالي 24 ألف نازح مسجّل من البلدات الحدوديّة، ما يُشكّل 10 في المئة من حجم السّكّان البالغ 300 ألف نسمة هناك على مستوى قضاء صور”.
ويضيف في حديث مع “مناطق نت”: “بالطّبع ارتفعت كمّيّة النفايات بفعل النّزوح، ولا يمكن تقدير كلفتها على مستوى اتّحاد بلديّات صور كون كلّ بلديّة أو ربّما مجموعة من بلدتين أو ثلاث، تتولّى جمع ونقل وطمر نفاياتها بنفسها. أمّا على مستوى المدن الكبرى مثل مدينة صور فإنّ كلفتها مرتفعة جدًّا وهي بحدود مليارين ونصف المليار موزّعة بين كنس وجمع ونقل وطمر وأجرة مكبّ النفايات”.
وفي هذا السياق، شبّه البعض الحالة الراهنة، بزمن الحرب الأهليّة، حين كانت تُرمى النفايات في مكبّات عشوائيّة. علمًا أنّ، كمّيّات النفايات المُنتجة انخفضت في البلدات الحدوديّة بفعل النزوح، فيما ارتفعت في المناطق التي نزح إليها النّاس.
واقع مزريّ
“واقع النفايات مزريّ هنا. ما زال كما هو وربّما بات أسوأ بفعل تزايد المكبّات العشوائيّة راهنًا”، حسبما يؤكّد الناشط البيئيّ في منطقة صور محمد درباج لـ”مناطق نت”، ويضيف: “يتشكّل اتّحاد بلديّات قضاء صور لوحده من 60 بلديّة تقريبًا، يعني وجود ما يوازي عددها مكبات عشوائيّة، مثل كلّ مناطق لبنان”.
وعن سبب المشكلة يقول: “ملفّ النفايات موضوع شائكٌ للغاية. المشكلة أن لا أحدَ يتعاطى بمسؤوليّة في إدارة هذا الملفّ، يتمّ إصدار القوانين لكن تغيب المراسيم التطبيقيّة الخاصّة بها، الحرب والنّزوح الآن، بما فيهم السوريّين، قد فاقمت الوضع أكثر. بلديات كثيرة حاولت، لكنّها لم تنجح بسبب غياب الإدارة الجيّدة وعدم وجود ثقافة الوعي البيئيّ لدى النّاس”.
ويضيف: “ليس من المهمّ إقرار خطط جديدة، بل التأكّد من إمكانيّة تطبيقها ووضع غرامات لكلّ المخالفين” مشيرًا إلى أنّ تجربة القطاع الخاص في تشغيل معامل النفايات هي أكثر فعاليّة.
محمد درباج: ملفّ النفايات موضوع شائكٌ للغاية. المشكلة أن لا أحدَ يتعاطى بمسؤوليّة في إدارة هذا الملفّ، يتمّ إصدار القوانين لكن تغيب المراسيم التطبيقيّة الخاصّة بها، الحرب والنّزوح الآن، بما فيهم السوريّين، قد فاقمت الوضع أكثر
من جهته يرى دبوق أنّه “لا بدّ من إجراء مقاربة واقعيّة واقتصاديّة لهذا الملفّ” وبأنّ “صعوبات بالجملة تواجه البلديّات، لجهة تدنّي قدراتها الماليّة في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة والنقديّة الراهنة، وتراجع موارد ومستحقّات البلديّات. وصعوبة تنفيذ الخطط الموضوعة لا سيّما إيجاد العقارات حيث يفترض تشييد المعامل وطمر النفايات وقبول النّاس بها”.
ويختم: “إنّ ما عجزت الدّولة عن تحقيقه لن تتمكّن البلديّات من القيام به. الخبرات موجودة في لبنان ولكن يجب استثمارها بالشّكل الصّحيح”.
نموذجان صارخان
تطول لائحة الأمثلة عن مكبّات عشوائيّة في الجنوب ذاع صيتُها وكانت حديث النّاس والإعلام مرّات ومرّات، كجبل نفايات صيدا (بوّابة الجنوب) ومكبّ النفايات في الكفور (النّبطيّة)، لكنّنا هذه المرّة سنسلّط الضّوء على مكبّات عشوائيّة أقلّ شهرة من مثيلتها، كوّنها نماذج صارخة تؤكّد الاستهتار في التّعاطي مع هذا الملفّ الحيويّ من دون الاكتراث إلى المخاطر الصحّيّة والتلوّث البيئيّ.
مكب بمحاذاة مدرسة!
“كتير أوقات منشمّ ريحة حريق بشعة بتوصّل ع الصفّ، وأنا عندي حساسيّة بتضايقني كتير” تقول كريس (13 سنة) إحدى طالبات مدرسة ـ”Smart College” في منطقة البازوريّة – الحوش (صور) لـ”مناطق نت”، وتضيف: “السنة الماضية أيضًا عانينا من حرق النفايات حدّ مدرستنا”.
بدأت القصّة في العام 2019 حين قرّرت بلديّة البازوريّة إقامة مطمر للنّفايات، واتّخذت لذلك عقّارًا بالقرب من المدرسة التي تضمّ أكثر من 1200 طالب، وبدأت تنقل النفايات إليه حتّى بات المكبّ “أشبه بجّورة كبيرة” على حدّ تعبير أحد أولياء الأمور لـ”مناطق نت”، ويضيف: “أصاب بالسُّعال في كلّ صباح أقوم فيه بتوصيل أطفالي. إنّ عدد من الطلّاب باتوا يعانون من حساسيّة بسبب تنشّق دخان حرق النفايات”.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها “مناطق نت” ينتشر الدُّخّان الكثيف والرّوائح المنبعثة جرّاء إحراق النفايات في المكبّ لتفوح روائحها على امتداد أحياء البازوريّة وعيّن بعال وبرج الشّماليّ لتصل إلى كلّ التّجمّعات السُّكّانيّة المحيطة هناك، ناهيك بانتشار الحشرات والذُّباب وتسرُّب عصارات النفايات إلى البساتين المجاورة.
في مرّات كثيرة، انتفض الأهالي على هذا الواقع، مطالبين بإزالة المكبّ كُلّيًّا، بدعم من إدارة المدرسة وضمن الأطر القانونيّة وبهدف ضمان صحّة الأولاد. تمّ التّواصل مع البلديّة من دون جدوى، وكانوا في كلّ مرّة يوضعون أمام خيار من اثنين، كلاهُما أمرّ، إمّا نقل النفايات إلى المكبّ وإمّا إبقائها في الشّارع. حتّى وصل الأمر بهم للتّواصل مع جهات سياسيّة فاعلة، فيؤكّد الجميع أحقّيّة مطالب النّاس، ولكن لا أحد يسعى من أجل إيجاد حلول بديلة.
جارة محميّة طبيعيّة
هي قصّةٌ قديمةٌ، تعود إلى ما قبل عقد من الزّمن، حين بدأت مكبّات النفايات العشوائيّة تتمدّد في أعلى سفح وادي زبقين (قضاء صور) الّذي تسعى الجمعيّات الأهليّة والبيئيّة لإعلانه محميّة طبيعيّة. ومنذ أعوام تعلو صرخة الأهالي الرّافضين لوجود المكبّات هناك. أمّا البلديّات المعنيّة، زبقين وياطر، اللّتان تشتركان في رمي النفايات، فتتبادلان الاتّهامات، من دون اللّجوء إلى حلول مستدامة وفاعلة.
يؤكّد أحد ناشطي جمعيّة “الجنوبيّون الخضر” في حديث مع “مناطق نت”، أنّ “المكبّ الواقع عقاريًّا على حدود البلدتين يحمل مخاطر عدّة صحّيّة وبيئيّة على هاتين البلدتين. وعلى رغم أنّه أقرب إلى زبقين منه إلى ياطر وبالتالي تتأثّر به البلدة أكثر، إلّا أنّ المسؤوليّة تترتّب عليهما معًا”.
وبرأيه، “فإنّ هذه المشكلة ممكن تحويلها إلى فرصة للعمل على إيجاد تعاون لحلول مشتركة، من خلال تنفّيذ مشروع مستدام للفرز والمعالجة. وهذا النّهج تشجّع عليه الجمعيّة وتسعى إلى تعميمه، على اعتبار أنّ البلديّات عادة ما تكون غير مقتدرة مادّيًّا خاصّة في هذه الفترة مع عدم وجود مخصّصات بلديّة، وبالتالي يكون أسهل عليها التّوافق سويّة على أرض لفرز النفايات وبناء معمل مشترك لمعالجتها وإيجاد مطمر صحّيّ للعوادم، إلّا أنّ ذلك لن يتحقّق من دون وجود إرادة مشتركة بين الجهات المعنيّة”.
ويضيف: “هناك مخاطر صحيّة وبيئيّة لوجود مثل هذه المكبّات، أسوأها، عصارة النفايات التي قد تتسرّب إلى خزّانات المياه الجوفيّة والتي تتفجر منها العيون المنتشرة بكثرة في المنطقة وكذلك عبر السيول الموسميّة، فيما تشكّل حرائق النفايات (المُفتعلة أحيانًا كثيرة) خطرًا كبيرًا لجهة امتداد النيران إلى الأحراج وتضرُّر المنطقة الحرجيّة لا سيّما في ظل تغيّر المناخ والعوامل المساعدة على اشتعال الحرائق من طول فترة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، والتي قد تمتدُّ بفعل ذلك إلى مساحات شاسعة”.
بين رومين وعزة
وفي السّياق ذاته، يُشكّل استحداث مكبّ للنّفايات في الوادي الواقع بين بلدتي رومين وعزّة في قضاء النّبطية منتصف العام الماضي (وهو ما أثرنا موضوعه بعدما تواصل معنا أهالي المنطقة) على مقرُبة من حرج سنديان معمّر ووسط مجرى سيل يروي الوادي ويغذّي الخزّانات الجوفيّة، خطرًا يهدّد السّلامة والصحّة العامّتّين وينبغي على بلديّة رومين وقف رمي النفايات في الموقع والعمل مع البلديّات القريبة واتّحاد بلديّات إقليم التفّاح على أيجاد معمل للفرز وعدم تكرار مأساة وادي الكفور” حسبما يقول.
معوّقات كثيرة؟
يرى الخبير البيئيّ، الدكتور جوزيف الأسمر في حديث مع “مناطق نت” أنّ “الجنوب يعاني من المشاكل نفسها التي يعاني منها كلّ لبنان في ما يتعلّق بإدارة ملف النفايات، لا سيّما لجهة الاتّفاق على اختيار مواقع لمعالجة النفايات. لكن للجنوب خصوصيّة وميزة بسبب طبيعة المنطقة، تجعله قادرًا على إدارة هذا الملفّ بشكل أفضل مقارنة بباقي المناطق، أهمُّها، عدم وجود اكتظاظ سكّانيّ، إمكانيّة الفرز من المصدر، القدرة على استخدام النفايات العضويّة لحاجات يوميّة كإطعام الماشية، كما كان يفعل النّاس في قديم الزّمان، ووجود المساحات التي تسمح ببناء معامل لمعالجة النفايات”.
جوزيف الأسمر: الجنوب يعاني من المشاكل نفسها التي يعاني منها كلّ لبنان في ما يتعلّق بإدارة ملف النفايات، لكن للجنوب خصوصيّة، تجعله قادرًا على إدارة هذا الملفّ بشكل أفضل مقارنة بباقي المناطق
ويتابع: “لكن للأسف، ثمّة معوّقات كثيرة ربّما تقف حاجزًا أمام التّعامل بجدّيّة مع هذا الملفّ، مثل غياب مبدأ الفكر الإنمائيّ والإدارة الصحيحة، وأحيانًا عدم توافر الخبرات اللازمة، إضافة إلى طغيان الفكر الانتخابيّ على الفكر الإنمائيّ، ناهيك بالتنوّع المذهبيّ، الذي يخلق معظم الأوقات، حساسية تجاه الاتّفاق على عقار موحد، فيكون النّاس أكثر تقبّلًا للمكبّات العشوائيّة على اعتبار أنّها قد تكون مؤقّتة، بدلًا من الحلول الدّائمة كإنشاء معامل للمعالجة”.
نقطة أخرى ومهمّة، يلفت إليها الأسمر لجهة معامل النفايات التي تمّ تمويلها من قبل الاتّحاد الأوروبيّ (12 معملًا تقريبًا في كلّ لبنان) من خلال وزارة الدولة لشؤون التنميّة الإداريّة ونال منها الجنوب حصّة الأسد، لينتهي الأمر بعد ذلك، بوجود معامل تشتغل بمواصفات دنيا، الكفور مثالًا (أقفل لاحقًا)، ومعامل لا تعمل أبدًا.
ويختم: “ولا مرّة كانت المشكلة في التمويل. توجد خططٌ كثيرةٌ وجميعها لم تنفّذ، بسبب صعوبة تحقيق المرحلة الأولى منها، ويكون تطبيقها في المدى القريب، وتطرح سؤالًا أساسيًّا: إلى أين تنقل النفايات بينما تبنى المعامل لمعالجتها؟”.
خطّة الوزارة
تعمل وزارة البيئة راهنًا على تنفيذ خارطة طريق إدارة النفايات الصّلبة لإنقاذ القطاع من الانهيار للسّنوات 2023- 2026، كجزء من برنامج المساعدة التقنيّة للبنك الدوليّ، وبعد مشاورات مكثّفة مع الجهات المعنيّة، تهدف إلى إنقاذ القطاع من الانهيار الشامل، وتقوم على ثلاث ركائز أساسيّة: حوكمة القطاع، تعزيز فرز وتحويل النفايات والاستثمارات الأساسيّة في منظومات النفايات.
يحاول وزير البيئة أن يجمع بين المشاريع المموّلة، وتقوم إدارة متكاملة للنفايات تبدأ بالفرز والتّسبيخ وتنتهي بإيجاد مطامر للعوادم، مرورًا بالسّعي من أجل تخفيف إنتاج النفايات. لكنّ التجارب السابقة مع خطط إدارة النفايات، أثبتت مدى صعوبة التنفيذ على أرض الواقع، لأسباب كثيرة منها، غياب الدولة المركزيّة التي تمارس الرقابة، ضعفُ السلطات المحلّيّة، الهيمنة الحزبيّة وعدم ديمومة الموارد الماليّة وغيرها كثير.
وفي ما يتعلّق بخارطة الطّريق الجديدة، يرى الأسمر “أنّها من الأفضل، كونها حقيقيّة وواقعيّة، تنطلق ممّا هو موجود أصلًا من أجل الوصول إلى الحلّ، وأبرز ما يميّزها أنّها تعتمد على اللامركزيّة الموسّعة، لكنّ المشكلة تكمن في مسألتين هما: الحوكمة ومدى إمكانيّة تشكيل الهيئة الوطنيّة لإدارة قطاع النفايات الصّلبة، التي تخضع لمبدأ 6 و6 مكرّر، وتشبه إلى حدّ ما الهيئة النّاظمة لقطاع الكهرباء، والتّوافق المحلّيّ على مواقع جديدة لمعالجة النفايات الّذي طالما كان محلّ خلاف على المستوى المحلّيّ وعائقًا أمام تنفيذ خطط النفايات.