الوزير الحاج حسن لـ “مناطق”: بحاجة لخطة طوارىء زراعية والقنب الهندي يدخل مليار دولار
شأنه شأن كل القطاعات التي ترزح تحت وطأة الانهيار الاقتصادي الذي يشهده البلد، يعاني القطاع الزراعي المعاناة نفسها التي تعانيها القطاعات الأخرى، بدءًا بغياب الخدمات التشغيلية من كهرباء وغيرها مروراً بارتفاع الأكلاف من وقود وعمالة وحراثة وبذار وشتول، وصولاً -وهي الأساس – غياب الخطط الوطنية الزراعية التي ترعى القطاع ومزارعيه.
جائحة وطفرة ضربتا القطاع الزراعي في لبنان، الجائحة كانت اقتصادية حيث تداعياتها كارثية. والطفرة كانت انتعاشا غير مسبوق للزراعة، وذلك نتيجة الحجر ونزوح الناس صوب الأرياف وأوقات الفراغ الذي أحدثه الإقفال حيث ملأته الناس بالزراعة. وبالرغم من ذلك فإن الطفرة الزراعية التي ترافقت مع جائحة كورونا ولا زالت مستمرة نوعاً ما، لا يبنى عليها لأنها لا زالت تقتصر على مبادرات فردية ولم ترتقِ إلى خطط عامة تتحول إلى مستدامة، بفعل غياب الاحتضان الرسمي لتلك الظاهرة.
اقتصاد من دون زراعة!
إذن السؤال كيف الخلاص من الجائحة والإفادة من الطفرة؟ وزير الزراعة عباس الحاج حسن تحدث لـ “مناطق نت” عن مشاكل القطاع الزراعي وأبرز التحديات التي تعترض عمله فقال “إن ميزانية القطاع الزراعي منذ عشرات السنين هي نفسها، والدعم كان عبارة عن فُتات تضعه الحكومات المتعاقبة التي وضعت نصب عينيها تحطيم القطاع، لأنها كانت تعتقد واهمة أن لبنان قادر أن ينهض باقتصاد دون الزراعة، وهذا ما تبين اليوم أنه غير ممكن”.
الحاج حسن أشار إلى أن كلفة الإنتاج في القطاع أصبحت مرتفعة جداً، بدءًا من تأمين المياه والتسميد والمبيدات والعمالة. يترافق ذلك مع عدم وجود استدامة حقيقية للقطاع الزراعي، إذ حتى موسمياً لا يمكن تحديد المنتج المطلوب، وبالتالي لا زلنا غير قادرين على وضع رزنامة زراعية داخلية لجهة ضبط المساحات والكميات المزروعة، وأيضاً العملية التفاعلية بين المناطق وما يُزرع في الداخل وعلى الساحل.
تحديات كبيرة وكثيرة يواجهها المزارع أولها استدامة الري الذي يعتبر عماد الزراعة ويعتمد على الطاقة وتوفيرها بشكل منتظم. عن ذلك يقول الحاج حسن “يجب البدء بوضع خطة طوارئ، وهذه تحتاج إلى دعم دولي من أجل العمل على مجموعة من المشاريع التي بدأنا بالإعداد لها مثل استدامة المياه من خلال الطاقة الشمسية، وتوفير بئر ارتوازي لكل مزارع. هذه المشاريع من شأنها أن تؤمن تدفق لمدة اثنتي عشر ساعة، وذلك سينعكس على الإنتاج ويمكن المزارع من القدرة على المنافسة سواء محلياً أو في السوق العالمية”.
التقاط اللحظة المناسبة
وذكر الحاج حسن أن لبنان يعوم على برك من المياه من دون استغلال ذلك. قائلاً إن الفاو والدول المانحة يمكنها الدعم وتقديم المساعدة من حيث مشروع استدامة المياه. مشيراً أن لا استثمار على نهر العاصي ولا الليطاني، لا بل أصبح الأخير مشكلة بحد ذاته، هذا عدا عن الأنهار الساحلية التي لا تُستثمر مع العلم ان لبنان بحاجة إلى كل قطرة مياه في الداخل وعلى الساحل.
ودعا الحاج حسن إلى التقاط اللحظة السياسية المناسبة وهي دعم الهيئات والدول المانحة، لأنها قادرة على المساعدة لجهة مشاريع استدامة المياه وتطوير زراعة الزعفران والزعتر وزراعة القنب الهندي، بالإضافة إلى المساعدة في كيفية التصدير والتوضيب والإرشاد الزراعي، مشدداً على أهمية الأخير في ذلك لأنه لا يمكن أن ينهض القطاع الزراعي دون الإرشاد والتوجيه الذي هو اساسي في دول العالم كافة إلا في لبنان حسب الوزير الحاج حسن الذي أعطى مثالاً على أن أي من المزارعين يملك القدرة على فحص تربته، بالرغم من ان هذا الإجراء هو من أساسيات العمل الزراعي.
استراتيجية وزارة الزراعة
حول أبرز الإجراءات التي تقوم بها الوزارة للنهوض بالقطاع الزراعي ودعم المزارع البقاعي يؤكد الحاج حسن أن وزارة الزراعة وضعت استراتيجية منذ سنوات معتبراً إنها واعدة، ولكن ومع انهيار قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار والأزمة الإقتصادية أصبحنا بحاجة إلى خطة طوارىء، لا سيما مع إقفال بعض الأسواق في وجه المنتوجات اللبنانية، ولا بد أيضًا من تعزيز المنافسة فالمنتج الزراعي مدعوم في معظم الدول المحيطة إلا في لبنان.
من ضمن خطة الطوارىء التي شرحها الحاج حسن مساعدة المزارع على تهجين البذور وزراعة الأشجار المثمرة وغير المثمرة وكيفية اختيارها. أيضاً اختبار مدى قدرة شجر الجوز على تحمّل الطقس البارد، وتفعيل المختبرات من خلال الخبرات التي يرفد الاتحاد الاوروبي الوزارة بها، متفائلاً بالتأثير الإيجابي لهذه الخطوات التي ستظهر خلال أشهر لا سنوات. مشراً إلى أن الدعم أيضا من خلال مجموعة من المشاريع parcifal و agrical, وتوسيع المساحات الزراعية في الداخل وزراعة حوالي ٤٠ مليون شجرة.
الوزير الحاج حسن: لولا استيراد البطاطا من مصر الذي بدأناه في ١ شباط لكان سعر البطاطا وصل إلى ٢٥٠٠٠ ليرة وأكثر، ولم تعد بمتناول محدودي الدخل
القنب الهندي والزعفران
في إطار الإجراءات التي تقوم بها الوزارة يعتبر مشروع القنب الهندي الصناعي على قدر كبير من الأهمية، ويعتبر الحاج حسن أنه يجب إيلاء سهل البقاع أهمية كبرى لأنه الأكبر في لبنان، والمزارع البقاعي يستحق الدعم لأنه عانى كثيراً لا بل هو الأكثر معاناة، لذلك فإن مشروع القنب الهندي الصناعي مهم جداً في هذا السياق، وهو يشكل رافعة للاقتصاد اللبناني لأن من شأنه إدخال مليار دولار، وهو يحتاج فقط إلى مراسيم تطبيقية حيث أن القوى كافة تؤكد أنه ضرورة وطنية.
زراعة الزعفران من المشاريع التي تحاول وزارة الزراعة العمل عليها، وتطويرها في المناطق التي تقع على ارتفاع ٦٠٠ متر وما فوق. عن ذلك يشرح الحاج حسن “طلبت الوزارة المساعدة من “أكساد” والأتراك والايرانيين ليصبح لبنان قادر على المنافسة في السوق العالمية، لافتاً إلى أن هناك لجان خاصة في الوزارة تتابع الأمر لتوسيع رقعة زراعة الزعفران اللبناني”.
“لا أسمدة مدعومة من الوزارة لأن الدعم كان يصل إلى من لا يستحق”.. هذا ما قاله الوزير الحاج حسن لافتاً إلى أن هذه الإشكالية مستمرة منذ ثلاثين عاماً. “اليوم نحاول إدخال أسمدة ضمن المعايير الدولية وبتكاليف أقل لأنه وبكل بساطة مع هذه الأسعار للأسمدة من كان يزرع 1000 دونم سيكتفي بزراعة 200 دونماً”.
الوزير الحاج حسن: ما صُدّر هذا العام من التفاح يبلغ ضعفي ما صُدّر العام الماضي، هناك أسواق فُتحت بسبب الخلاف مع المملكة معتبراً أن العلاقة ستعود إلى ما كانت عليه لأنها محكومة بالأخوة. الأردن ومصر فتحوا أسواقهم دون سقف أمام المنتجات اللبنانية، بالإضافة إلى دور العراق واستعداده للتعاون
تحديات تصريف الانتاج
تكتمل معاناة المزارع في عملية تصريف إنتاجه بالشكل الذي يحقق له المردود، لا سيما في ظل إقفال أسواق عدة أمام المنتجات اللبنانية والمضاربة الأجنبية. وهنا يتساءل الحاج حسن حول ما إذا كان هناك مشكلة في التصريف وهل هناك كساد، مجيباً بـ “لا”، قائلاً “ما صُدّر هذا العام من التفاح يبلغ ضعفي ما صُدّر العام الماضي مشيراً إلى أن الإرباكات التي حكمت العلاقة مع بعض دول الخليج والمملكة العربية السعودية أثرت ولكن في الوقت نفسه هناك أسواق فُتحت بسبب الخلاف مع المملكة معتبراً أن العلاقة ستعود إلى ما كانت عليه لأنها محكومة بالأخوة”. مشدداً على دور الأردن ومصر خلال هذه الفترة حيث فتحوا أسواقهم دون سقف أمام المنتجات اللبنانية، بالإضافة أيضًا إلى دور العراق واستعداده للتعاون. فالأسواق كانت جيدة، والكثير من البضائع خرجت من لبنان إلى الدول العربية.
عن التهريب من سوريا وتأثير ذلك على المنتجات اللبنانية يوضح الحاج حسن أن التهريب أصبح غير ممكن، لا سيما في ظل انهيار سعر صرف العملة مضيفًا “أنه لولا استيراد بعض الخضار من الشقيقة سوريا لكانت الأسعار مضاعفة ثلاث مرات، ولولا استيراد البطاطا من مصر الذي بدأناه في ١ شباط لكان سعر البطاطا وصل إلى ٢٥٠٠٠ ليرة وأكثر، ولم تعد بمتناول محدودي الدخل”. مؤكداً أن وزارة الزراعة هدفها حماية المنتج اللبناني من جهة، وإعانة المستهلك من جهة ثانية، ونطمح أن نحقق الإكتفاء الذاتي في هذا المجال.
الحاج حسن شدد على أهمية العلاقة مع سوريا في إطار تبادل واضح، ورزنامة زراعية وعرض وطلب تجاري بحت تحكمه حركة السوق وعملية الاستهلاك المحلي، مضيفاً “مشكورة الدولة السورية فتحت أسواقها للموز اللبناني”.
يبقى السؤال هل سيستطيع المزارع البقاعي الصمود طويلاً ريثما تصبح مشاريع وزارة الزراعة لجهة القنب الهندي وتطوير زراعة الزعفران واستقدام المبيدات بأثمان أقل واستدامة المياه؟!