تلوث المياه حقيقة أم خديعة؟ ما علاقة مشاريع البنك الدولي بتقرير إفرام ؟ هذا ماقاله زعاطيطي ل”مناطق نت”:
زهير دبس
أثار حديث رئيس مصلحة الابحاث العلمية الزراعية الدكتور ميشال افرام والتقرير الذي نشرته المصلحة حول تلوث المياه في لبنان جدلاً واسعاً في أوساط الخبراء المائيين. افرام الذي قال إنَّ «مياه لبنان بمعظمها ملوثة بنسب متفاوتة، تلوثا جرثوميا وكيميائيا وبالمعادن الثقيلة (خصوصا الزئبق)”، ولفت إلى أن المصلحة قامت بمسح لنوعية المياه في كل المناطق اللبنانية، وللأسف جاءت النتائج كارثية بحيث قد يصل التلوث إلى حدود 100%، وفي أغلب الأحيان نجد الملوثات الثلاثة المذكورة أعلاه. ليس هناك نهر أو نبع أو منطقة بمنأى عن هذا التلوث، ليس الليطاني وحده والبقاع وحده، بل الشمال، عكار، الساحل، الجبل، الجنوب، كل قطرة مياه يتوجب فحصها لأنها قد تكون ملوثة”. اضاف: “نعاني نقصاً في المياه السطحية ونقصاً في المياه الجوفية التي انخفض مستواها بشكل دراماتيكي في مختلف المناطق”.
من جهته ردّ الدكتور سمير زعاطيطي (هو هيدروجيولوجي خبير في علوم المياه الجوفية)، على كلام افرام قائلاً لـ «مناطق نت» أنّ “تسرب مياه الأمطار ومياه ذوبان الثلوج الى داخل الصخور الكربوناتية الكارستية التي تشكل مخازن المياه الجوفية تحصل بنسبة كبيرة في المناطق المرتفعة عن سطح البحر حيث لا توجد قرى أو مزارع ولا صرف صحي أي لا يوجد مصادر تلوث فهي مياه نظيفة. تابع زعاطيطي: «التلوث يحصل في المناطق المنخفضة نسبياً لعدم وجود معالجات محلية لمياه الصرف الصحي وهذا يقتصر على بعض الأماكن قرب المدن فقط والأخيرة لا تضم مخازن مائية جوفية كبيرة”.
وتساءل زعاطيطي عن التعميم في إطلاق الكلام عن “المياه الجوفية” وهذا يدل على عدم معرفة بما نسميه نحن المخازن الصخرية الحاوية للمخزون المائي الجوفي. لأنه لا وجود للمياه السائلة إلا داخل أوعية تحتويها». وطالب زعاطيطي بتقديم الإثباتات التي تقول أن نسبة المياه الجوفية انخفضت وعن الكيول التي اعتمدت في ذلك!.
عن كلام افرام حول التغيُّر المناخي وأن لبنان تخطى حافة الخطر وتجاوز الخط الأحمر يقول زعاطيطي: «أحيل كلام افرام إلى الدكتور وجدي نجم وهو عميد سابق لكلية الهندسة في الجامعة اليسوعية والذي قام بدراسة المناخ في لبنان واعتمد فيها على أمرين: الحرارة والأمطار لـ ٥٥ سنة ماضية ودرس التغيّرات المناخية التي بيّنت أن الامطار لا زالت ضمن معدلها العام، فهناك سنوات مطرية شحيحة وسنوات جيدة ولا يوجد تبدُّلاً جذرياً في ذلك، لكن الدكتور نجم لحظ ارتفاعا في درجات الحرارة درجتين وهذا يؤثر على ذوبان الثلوج التي يبدأ ذوبانها باكراً.
وقال زعاطيطي إن اطلاق الكلام عن تلوث المياه الجوفية وانخفاض مستواها، يروِّج بطريقة خفية وغير مباشرة لنظرية السدود التي أثبتت فشلها منذ اعتُمدت في العام ٢٠١٠ والتي تسبّبت بهدر الأموال العامة وتكبيد الخزينة أموالاً طائلة.
وهي أيضاً تروِّج بطريقة غير مباشرة لمشاريع البنك الدولي التي أثبتت التجارب أنها أيضاً مسارب للهدر وللفساد المالي.
وأشار زعاطيطي إلى أن البحث العلمي لحل مشاكل البنية التحتية في لبنان ممنوع لأن السلطة الحاكمة ليس لها مصلحة بالعلم والشفافية، وإنما بالربح والجهل وبالمشاريع الفاسدة.
وتساءل زعاطيطي عن وجود ٥٢ جامعة خاصة لا تقوم واحدة منها بأبحاث علمية على البنى التحتية. وقال: «الأستاذ الجامعي يجب أن لا تكون وظيفته ناقلاً للمواد العلمية فقط، بل يجب أن يشارك في صنع المعرفة».
عن دعوة افرام لإيقاف حفر الآبار، خصوصا تلك التي تتجاوز 150 مترا عمقا. وتجميع مياه الأمطار في برك وسدود صغيرة، يقول زعاطيطي: «من يريد منع حفر الآبار عليه تأمين بدائل للناس وحينها يبادر إلى قرار المنع» يتابع: «قرار المنع أدَّى إلى حالة فساد وسوق سوداء موازية لأجل الحصول على المياه من خلال حفر الآبار من رشى ودفع أموال».
وأوضح زعاطيطي: «في الجنوب مئات الآبار: صيدا ومحيطها، النبطية، مرجعيون، وادي جيلو، جميعها تستعمل المياه الجوفية منذ العام ١٩٨٨ ولا تزال دون أي تمليح أو تلوث حتى الآن مع عدم وجود شبكات صرف صحي».
افرام الذي دعا لإعلان “حالة طوارئ مائية، بيئية، صحية وغذائية”. ردّ عليه زعاطيطي بالقول: «إعلان حال الطوارئ يحتاج إلى خطة بديلة عن إعلان تلك الحالة، وهذه الخطة تحتاج إلى دراسات معمّقة وخبراء حقيقيين يضعونها على أن تكون محدّدة بسنوات وآليات عمل وليست عشوائية استنسابية تراعي التقسيم الحالي من ٦و٦ مكرر والمحسوبيات والحسابات الطائفية والمناطقية».
واتهم زعاطيطي الإعلام بأنه يروج لإشاعات مغرضة وتساءل عن الهدف من هذه الاشاعات، حيث لا يُسمح للرأي الآخر بالرد ومناقشة الموظف الذي يمرر تلك الأخبار، متسائلاً أين هي الأبحاث والتحاليل ومن أين تمَّ أخذ العينات للفحص ومن أي مناطق وأي مستويات؟».