علوية: مشروع “المجلس الوطني للانتشار” يزيد الانقسام بين المغتربين
أيها السياسيون إرفعوا أيديكم عن الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم
زهير دبس
لم تكن الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم (الممثل الأول للمغتربين) يوماً بمنأى عن التداعيات السياسية. فطاولتها الانقسامات باكراً وتشظت إلى أكثر من جامعة حيث نال كل فريق سياسي حصته منها. اليوم تنقسم الجامعة إلى ثلاث جامعات وربما أكثر. ولم تنجح كل الجهود والمبادرات التي لم تغب يوماً إلى توحيدها وجعلها جامعة واحدة تليق بالاغتراب وتطلعاته. الخلاف اليوم حول الجامعة على أشده وهو يستمد قوته من الاشتباك السياسي المتعاظم بين الرئيس نبيه بري من جهة والوزير جبران باسيل من جهة أخرى ويبدو أن الاغتراب سيكون ساحته الخصبة بعدما رد الوزير باسيل في مؤتمر الطاقة على الرئيس بري بإعلانه بأنه سيتقدم بمشروع قانون لتغيير إسم وزارة الخارجية والمغتربين ليصبح «وزارة الخارجية والمنتشرين والتعاون الدولي». لم يكتفِ باسيل بذلك بل أتبعه بموقف آخر يُستشف منه الالتفاف على الجامعة من خلال تقديمه لمشروع قانون آخر هو إطلاق «المجلس الوطني للإنتشار» يترأسه رئيس الجمهورية. وأيضاً إلغاء المادة ١٢ الشهيرة من نظام الجامعة والتي تتيح لوزارة الخارجية الوصاية عليها.
من جهته يقول الأمين العام المركزي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم محمد علوية لـ “مناطق نت” إن الجامعة يجب أن تكون موحدة لكن السياسيين حوّلوها إلى ثلاث جامعات لكل جهة سياسية حصة فيها.
علوية علّق على اقتراح الوزير باسيل حول تأسيس «المجلس الوطني للانتشار قائلاً «المشروع دونه صعوبات ويزيد الانقسام بسبب تباعد وجهات النظر حوله ورفض الأطراف السياسية الأخرى له، خصوصاً أن المشروع قد طرح في عهد الرئيسين لحود وسليمان ولم يُكتب له النجاح». تابع علوية: «البديل هو بتوحيد الجامعة وتفعيل دورها ورفع يد السياسيين والطوائف عنها». أضاف «حتى لو وُلد فسيعاني من شلل شأنه شأن الجامعة في ظل الانقسام الطائفي والمذهبي الذي يعاني منه لبنان وسينعكس على تركيبة المجلس”.
«وزارة العائدين». «إعادة تنظيم الانتشار بدأت من خلال رفضنا لوصاية وزارة الخارجية على الانتشار». وغيرها من العبارات التي وردت في كلمة الوزير باسيل في مؤتمر الطاقة. وعنها يقول علوية: «قبل الاهتمام بأمور المغتربين وحثهم على العودة وإعادة الجنسية لهم، فلنمنح المقيمين في لبنان حقوقهم ونعزز متطلبات حياتهم لكي لا يضطروا للهجرة ويُصبحوا مغتربين».
علوية المغترب منذ العام ١٩٦٣ ويقيم حالياً في أميركا تحدث عن تاريخ تأسيس الجامعة فقال إن الفكرة تعود للمرحوم بيار الجميل الذي طرحها في العام ١٩٣٦ لكن تنفيذها تأجل إلى العام ١٩٦٠ في عهد الرئيس فؤاد شهاب حيث تشكلت الحكومة الرباعية وكان أحد وزرائها الجميل نفسه وأعلن عن تأسيس الجامعة من خلال المؤتمر الشهير الذي عُقد في قصر الأونيسكو آنذاك وحضره الرئيس شهاب. يتابع علوية «قبل ذلك تم تنظيم العديد من اللقاءات الاغترابية أبرزها في حمانا في العام ١٩٤٥ وأيضاً مهرجان المغتربين في ضهور الشوير”.
بعد تأسيس الجامعة تنامى دورها، لكن وحدتها وتنامي هذا الدور لم يدوما طويلاً حيث بدأت الحسابات الطائفية تزحف إلى مفاصلها، وفي هذا الإطار يقول علوية «كل جهة أصبحت تطالب بحصة لها، وطالب الاغتراب الافريقي الذي كانت حصته ضعيفة بالمداورة في الرئاسة فلم يُستجب لطلبه بداية إلى أن تحقّق هذا المطلب فيما بعد من خلال ترؤس علي الصباح للجامعة في نهاية الثمانينيات لسنة واحدة». يتابع «بعد انتهاء الحرب في أوائل التسعينيات عقدت الجامعة مؤتمراً في المكسيك حضره كل الأحزاب اللبنانية دون استثناء وتمّ على أثره بعد نزاعات طويلة انتخاب أنور خوري وهو مغترب قديم في المكسيك رئيساً للجامعة. هذه النتيجة لم تؤدِ إلى لمّ الشمل بل أتت النتيجة عكسية حيث بادرت فروع عدة إلى الانفصال عن الجامعة وتشكيل كل واحد منها جامعته الخاصة».
الجامعة لم تعد تجمع.. وبدل أن توحّد المغتربين فرّقتهم وقسّمتهم، وبدل أن تكون وطنية تحوّلت إلى طائفية. هذا ما قاله علوية الذي أضاف متأسِّفاً: «محاولات عديدة جرت من أجل توحيد الجامعة كلها كان مصيرها الفشل، وآخرها حصل في العام ٢٠١٦ عندما التقى أقطاب الجامعات الثلاث واتفقوا على خريطة طريق لتوحيد الجامعة تقضي بحل الجامعات الثلاث وتشكيل لجنة من المجلس العالمي للجامعة يصار بعدها لانتخاب جامعة واحدة». أضاف علوية «المحاولة لم تنجح لأن جامعة من الجامعات الثلاث نظّمت مؤتمراً وانتخبت رمزي حيدر رئيساً لها وضربت بعرض الحائط كل الاتفاقات، وهذا الأمر أطاح بالجهود وأعاد الأمور إلى نقطة الصفر».
جامعتنا هي الشرعية يقول علوية «هناك قرار قضائي صادر عن القضاء اللبناني يفيد أن جامعتنا هي الشرعية بحكم القانون». يضيف «جامعتنا قدّمت في عهد رئيسها السابق السفير ألبير متى للجيش حين كان العماد جان قهوجي قائداً له مساعدات بقيمة مليونين ونصف المليون دولار، بالإضافة إلى مبلغ ٣٦٠ ألف دولار للنساء السجينات». أضاف: «تعرّضت لضغوطات كبيرة للانسحاب من الجامعة، لكني لم أرضخ لتلك الضغوط».
محاولات توحيد الجامعة لم تتوقف وفي هذا الإطار يقول علوية «التقينا منذ أسبوع برئيس إحدى الجامعات (رمزي حيدر) وتناقشنا معه بأمور الجامعة وتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة برئاسة عباس فواز تضم الأطراف كافة لمناقشة موضوع توحيد الجامعة».
عن تبعية جامعتهم إلى جهة سياسية إسوة بالجامعات الأخرى يقول علوية «جامعتنا لا تتبع أحد وتبعيتها هي لمصلحة الاغتراب اللبناني، وكشف أن مؤتمر الطاقة الاغترابية كان يجب أن تضطلع الجامعة بدور كبير فيه فهذا من صلب عملها، لكن ظروف الانقسام بدّد هذه الفرصة». وتابع «بالرغم من أن المؤتمر كان ناجحاً هذا العام إلا أنه يفتقد الحضور الذي كان في العام الماضي».
علوية الذي مضى حوالى خمسين عاماً على وجوده في الجامعة يقول إن الانتشار في الخارج موحّد، تجمعه الهجرة ولا يسأل اللبناني في الخارج مواطنه اللبناني الآخر عن دينه أو مذهبه فنحن في الخارج نفكر باللبناني ونتكلم بالأجنبي. أضاف: «كما دمر السياسيون لبنان دمروا الاغتراب، وهناك العديد ممن يدّعون تمثيل الاغتراب، هم مقيمون في لبنان ولا يمتّون للاغتراب بصلة». علوية الذي شارك في الانتخابات لأول مرة في حياته في لبنان قال: «غادرت لبنان وكان عمري ١٧ عاماً ولم يكن يحق لي الانتخاب. اليوم انتخبت في لبنان (ضاحكاً) يتابع: «انتخبت كلنا للوطن يقصد (كلنا وطني) وتمنى لو يتاح للمغتربين المشاركة في عملية إنقاذ بلدهم لكانوا أبلوا بلاءً حسناً، فلا حل إلا بإلغاء الطائفية السياسية التي هي مرض لبنان ومنها تأتي كل مشاكله».
عن دور الجامعة في العالم يقول علوية « في الدول الإفريقية كان للجامعة دور أكبر بكثير من دول العالم الغربي نظراً للخدمات الكثيرة التي كانت تقدمها ونظراً لعلاقاتها الجيدة مع المسؤولين حيث كان يُطلق عليها «السلطة الرابعة».