عين ميشال حايك التي حوّلت صربا الجنوب إلى حكاية القرية اللبنانيّة

في أيلول العام 2014، كرّم المجلس الثقافي للبنان الجنوبيّ الفنّان المصوّر والخبير الزراعيّ ميشال حايك، ابن بلدة صربا الجنوبيّة (النبطية)، المنبسطة عند سفوح إقليم التفّاح، “تقديراً لعطاءاته المتنوّعة في مجالات الفنّ والأبحاث العلميّة، لا سيّما على صعيد فنّ التصوير الفوتوغرافيّ وأبحاثه الواسعة وكتاباته ومقالاته حول الأعشاب والنباتات البرّيّة واالطبّيّة وسواها”.

أتى هذا التكريم الذي تخلّله عرض 120 لوحة من أعمال حايك الفوتوغرافيّة، قبل سنتين من يوم رحيل المبدع “الصرباويّ” بتاريخ 9 كانون الأول العام 2016 عن عمر ناهز 79 عاماً، أمضى معظمه في بحوثه حول النباتات البرّيّة والطبّيّة في لبنان، ما أتاح له نشر العديد من المؤلّفات منها «موسوعة النباتات الطبّيّة» فضلاً عن «موسوعة النباتات الميسّرة» (صدرت قبل شهرين من رحيله في العام 2016)، الصادرة جميعها عن “مكتبة لبنان” و”ناشرون”.

أبدع ميشال حايك في خلق الذاكرة من مشاهد قريته المتواضعة صربا، ومقارعة أهلها شظف العيش ومشقّات الحياة، فانبرت عيناه لتدوّنها في لقطات مصوّرة، يوم عايش “الزمن الجميل” فيها، وعانقه وسابقه، معاينة بالعين والعدسة والكاميرا قبل أن تنسدل فصوله وتتحوّل مجرياته؛ لقد تيّقن باكراً أنّ الحياة القرويّة بدأت تنحرف عن مسارها وعاداتها ومتطلّباتها، منهزمة أمام التطوّر السريع والتكنولوجيا “المرعبة”، ومساحات الإسمنت والإسفلت، التي أكلت من القرى اللبنانيّة، والجنوبيّة تحديداً، الأخضر واليابس، وتكاد تقبض حتّى على الهواء النقيّ فيها قبل انكسار الشجر أمام تمدّد العمران.

من صور الراحل ميشال حايك، حلقة دبكة في صربا مؤرخة في شهر آب العام 1968
القرية والجذور

هو ميشال حايك المولود في صربا بتاريخ 15 آب سنة 1937، ابن الياس حايك الفلّاح الذي ترك حياة القرية ويمّم وجهه شطر العاصمة بيروت لتعليم أبنائه. درس ميشال بداية في صربا، في مدرستها الأولى، ثمّ غادرها ليتابع دراسته في مدرسة الأخوّة المريمّيين في جبيل، ويتخرّج سنة 1959 من المعهد الزراعيّ الثانويّ، اختصاصيّاً في الحقل الزراعيّ وفي دراسة التربة، طبيعة وأنواعاً وتصنيفاً. التحق بعدها بمصلحة الأبحاث العلميّة الزراعيّة في لبنان، تل العمارة (البقاع).

بدأ حايك سنة 1972 رحلته في اكتشاف النباتات الطبّيّة في لبنان، وبعد عشرين سنة، أيّ في العام 1992 أصدر المعجم الأوّل من موسوعة «النباتات الطبّيّة»، وأنجز منها لاحقاً سبعة معاجم، بعدّة لغات عالميّة (عربيّ، لاتينيّ، إنجليزيّ، فرنسيّ، ألمانيّ وإيطاليّ) فيما بقيت مجموعة منها مخطوطات.

بدأ حايك سنة 1972 رحلته في اكتشاف النباتات الطبّيّة في لبنان، وبعد عشرين سنة، أيّ في العام 1992 أصدر المعجم الأوّل من موسوعة «النباتات الطبّيّة»، وأنجز منها لاحقاً سبعة معاجم، بعدّة لغات عالميّة (عربيّ، لاتينيّ، إنجليزيّ، فرنسيّ، ألمانيّ وإيطاليّ) فيما بقيت مجموعة منها مخطوطات

انكبّ سنة 2016 على إصدار «موسوعة النباتات الميسّرة» التي تتضمّن 1650 نبتة مكتشفة، من خلال جولاته الميدانيّة على مختلف الأراضي اللبنانيّة. وقدّم حايك فيها شروحاً تتعلّق بتصنيف النبات علميّاً، ويعرج على مهده وأمكنة انتشاره، وخصائصه ومجالات استعماله وفوائده أو أضراره، إلى معلومات حول تاريخ بعض النباتات والشعوب التي عرفتها أو استعملتها، فضلاً عن توصيف دقيق للنبتة حول علّوها، ساقها، أزهارها، أوراقها ورائحتها. وفي هذه الموسوعات استخدم 300 صورة ملوّنة التقطتها عدسته في ميادين الطبيعة. تقاعد من الوظيفة في العام 2001.

عين تترصّد القرية التقليديّة قبل الحداثة

صوّر ميشال حايك ذاكرة قريته صربا كهاوٍ ثم كمحترف من أواخر الخمسينيّات وحتى أواسط السبعينيّات من القرن المنصرم. كان يفرّ من ضجيج المدينة المتصاعد سيّارات وبنايات ويعود إلى بيدر الضّيعة ليسترجع حقّه في طفولة بدأت حوله، حيث دبّ خطواته الأولى أو افترش جسده الضّئيل النّحيل مساحات البيدر الخضراء، يشخص نحو المدى الفضائيّ المارد، يلتقط الغيوم ويعدّها، قبل أن يعبر الفصل تلو الفصل…

إنّ أجمل ما فعله ميشال حايك في هروبه من المدينة نحو مسقط رأسه، هو تصوير حياة القرية في صربا، التي ملأت قلبه وعقله ورئتيه حدّ الإنبهار، إلى البيدر والأزقّة، وحتى إلى الهواء الذي كان يتنشّقه أجداده وهم يكدّون ليل نهار، من دون نقّ أو تململ أو شكوى، ليصقلوا أجساد أبنائهم وأفكارهم وحيواتهم التي بدأت تتجاوز عاداتهم وتقاليدهم نحو التطوّر السّريع.

نكتشف من خلال صور ميشال حايك أنّ أهل القرية في صربا، صنعوا متكافلين متضامنين، في السّرّاء والضّرّاء، قريتهم وحياتها وحافظوا عليها بكلّ طاقاتهم. يعيدنا المصوّر الفنّان، المبدع بالفطرة والشغف، المؤمن بانتسابه إلى الأرض ومن عليها، بمئات الصور التي سجّلتها عينه، إلى الزّمن الجميل، إلى صربا الحسناء بقدّها الممشوق، بوجهها الفتّان، إلى الأمكنة المحبّبة فيها، إلى أزقّتها، بيوتِها العتيقة التي لم يبقَ منها غير نتفٍ يتيمة أو أطلال مبعثرة؛ إلى الحقول والبيدر العامر بالحياة والعمل…

ذاكرة صربا بعدسة ميشال حايك

نكاد من خلال التمعّن في صوره، أن نسمع انقصاف أعناق سبلات القمح تحت إرَبِ حجارة الصوّان، محرّكات سفن البيادر، النوارج، المنصاعة انحناءً لهامة ربّانها الفلاّح ومسار بقراته أو دوابه، التي كانت تدور وتدور، لترسي غلال الخير، قبل أن تأتي درّاسة، علي أحمد صالح من كفررمان سنة 1967، وتزيحُ بعض التّعب عن كاهل الفلّاحين، وتضفي إلى ضجيج البيادر، ضجيج الجرّار وأحزمة التّشغيل، ناهيك عن غبار التّبن المتطاير كلّما اشتدّ الهواء. أو تصغي لصرير “ماعوس” المحدلة وهي ترصّ الطّين فوق سطوح البيوت البِكر، منعاً لتسرّب المياه، قبل حلول القرّ وفصل المطر. أو ارتطام اللّبن في بطون الجِرار، تخضّه لساعات وساعات أمّهات القرية لفصل الزّبدةَ عن المخيض، الشراب المهدّئ حرّ الصّيف، المتلظّي في أجساد الشغّيلة أيّام الكدّ والجدّ.

دراسة إبن كفررمان علي صالح تدرس القمح في صربا في شهر تموز من العام 1967

لا نرى في صور ميشال حايك الوجوه والأمكنة والعادات القرويّة فحسب، بل نكاد نسمع أصوات من تناهَوْا إلى عينيه، نصغي إلى حكاياتهم، نطْرَب إلى ضحكاتهم وهمس الأمان والإطمئنان في أرواحهم. يدلّنا على الأشخاص فرداً فرداً، حتى نخالهم أبطال القرية في فيلم العيش السعيد، المصوَّر بالأبيض والأسود، قبل هلال الألوان، التي سرعان ما تلقّفها ميشال حايك ليعزّز حقبة الأسود والأبيض بالملّون؛ إنّها صورٌ مفعمة بالحياة، عامرة بألوانها وحكاياتها، أبدعتها موهبة رسّام استحقّ زمانَه وبيئته، لأنّه عرف كيف يكتبهما أنشودةَ غزلٍ أزليّة.

لقد صنع ميشال حايك بلهفته المطلقة، وإحساسه المرهف، وشغفه اللامتناهي، وحبّه المتفوّق، الخلود لحياة أهله وأجداده في صربا، حينما عاينت عيناه مجريات يوميّاتهم المتعبة وهم يكدّون في سبيل تربية أولادهم وتعليمهم، لا يعيرون اهتماماً، وقت الجدّ، لثياب مرقّعة لن تبدّل في أمد العمل المتواصل أو تقلّص.

نكتشف من خلال صور ميشال حايك أنّ أهل القرية في صربا، صنعوا متكافلين متضامنين، في السّرّاء والضّرّاء، قريتهم وحياتها وحافظوا عليها بكلّ طاقاتهم.

عاين حايك الفرح والأعراس والدّبكة ولحظات التجلّي بلقاء الخالق عبر صلاة أو درب محبّة وخير نحو الحقل والبيدر والبُركة. لقد قبض هذا الصيّاد المصيب الماهر، على تلك اللحظات التي لن تتكرّر أو تعود، بعدما سيّرت التّكنولوجيات والآلات والأدوات المتطوّرة كلّ حياتنا وأعمالنا. لقد صيّرت كاميرا ميشال حايك وعيناه ذاكرة صربا، ذاكرة حيّة لا تموت. ومن النادر جدّاً، أن نجد اليوم صور حياة القرية اللبنانيّة المثاليّة في جعبة واحدة مثل جعبة ميشال حايك.

لم يترك مصوّر القرية، صوره من دون تواريخ وأسماء، فعلى ظهر كلّ صورة، ومغلّف كل فيلم سلبي “نيكاتيف”، وعلى سجلّ خاصّ، كتب الأسماء والأمكنة وأرّخها بخطّه الجميل، ناهيك عن احتفاظه بمجموعة كبيرة من صور العرض التي التقطها على نمط الشرائح “Slides Pictures”. من هنا، يتوجّب على بلديّة صربا وفاعليّاتها، وبعد مرور نحو سبعة أعوام على غياب بطل الصورة في القرية الهادئة جدّاً، أن تسعى بكلّ جهد لإصدار صور ميشال حايك في كتاب يحمل في طيّاته حكايات الزمن الأصيل، كمرجع للحياة المثاليّة في القرية اللبنانيّة.

“ننتظره لنطلع في الصورة”

يتذكّر الفنّان والنحّات شربل فارس وقع مجيء ميشال حايك إلى صربا، وكان يعرف لدى أهل الضيعة، في حينه، بميشال سعيدي، لتصوير أهلها وأعمالهم وأولادهم، فيقول: “جاء ميشال سعيدي هلمّوا وراءه.. ثمّ نركض وراء سيارته “الطوزة” (سيارة ستروان) فنتوارى في غبار يزعق وراءها، وسرعان ما تتمهّل لتصطفّ في ظلّ الكنيسة المشرفة على البيادر، حيث كان أجدادنا يفلشون طرحة القشّ ويدرسون الغلَّة.

يترجّل ميشال سعيدي من سيارته على آخر طراز وأناقة، تتدلّى من كتفه الكاميرا، ومن فمه الغليون، وتتستّر عيناه بنظّارات شمسيّة سوداء. يبتسم لنا، إنّما يتقدّم نحونا، نحن أطفال القرية، فيمرج يده على خدودنا السمراء، ثم يوزّع علينا “المُلَبسَ” أو “الدربس” – قطعاً من الحلوى – بعدها يتّجه إلى البيادر ليطلّ كالعادة على أصحاب ورشات دراسة القمح، يُسلِّم عليهم بالعوافي، ويفتح حديثاً معهم، عن محصول هذه السنة، ولا بأس من أن يتطرّق معهم إلى كيفيّة معالجة بعض الآفات الزراعيّة المتعلّقة بالقمح، كيف لا وهو المهندس الزراعيّ الوحيد في قريتي صربا الجنوب وفي الجوار.

بعد هذا الحديث المقتضب تبدأ جولته التصويريّة المعتادة، فيدور ويفتل على جميع المزارعين الدرَّاسين مصَوّرًا بلقطات بطيئة وسريعة غالبًا. أمّا نحن، الأطفال، فإنّنا ننتهز المناسبة لنطلع في الصورة، كأن نتغلغل بين فدّان البقر، أو نقف على النورج، أو نرتمي على عرّامة التبن (العَرَمُ: الكُومَةُ من القمح المَدُوس الذي لم يُذَرَّ)، أو نتمدّد في ظلال أكياس القمح”.

لم يترك ميشال حايك، صوره من دون تواريخ وأسماء، فعلى ظهر كلّ صورة، ومغلّف كل فيلم سلبي “نيكاتيف”، وعلى سجلّ خاصّ، كتب الأسماء والأمكنة وأرّخها بخطّه الجميل، ناهيك عن احتفاظه بمجموعة كبيرة من صور العرض التي التقطها على نمط الشرائح “Slides Pictures”.

ويضيف فارس: “هذا الزائر اللطيف، الأنيق، الخبير الزراعيّ ميشال حايك، المعروف بميشال سعيدي (نسبة إلى جدته التي كانت تدعى سعيدة) كان يأتي من بيروت إلى القرية في معظم المواسم الزراعيّة. يطلّ على الفلّاحين ويسهر معهم، بكلّ تحبّب، على المصطبة في ضوء القمر صيفًا، وقرب الموقد أو حارون النّار (موقد طينيّ كبير) شتاءً، والكاميرا لا تفارق كتفه.

يقتنص المشاهد، أو يمتشق الكاميرا، على غفلة، ويتمترس على لفّة زاروب أو منعطف قادوميّة أو زاوية حقل فيلتقط، مثلاً، عدّة صور للحجّ سعد، وراء فدّانه وهو يفلح الرزقات أو يزرع القمحات، أو يتوقّف مطوّلاً أمام بيدر أبو مارون يدوِّن بعدسته دوران النورج والفدَّان، والمختميّة على بوز الدابّة لمنعها من التهام سنابل القمح. ولا بأس لو التقط بسمة عفويّة أو مصطنعة من أبي مارون. أمّا أجمل الصور فستكون حتمًا لإبنة أبي مارون وقد لوَّحت شمس تموز وجهها، وهي الواقفة على النورج رافعةً المسّاس بيمينها وكأنّها تحمل شعلة الحرّيّة النيويوركيّة، في قرية متواضعة من جنوب لبنان”.

امرأتان من صربا ستينيات القرن الماضي
ميشال حايك العاشق “الحبيس”

ويتابع الفنان شربل فارس في حديثه إلى “مناطق نت”: “ميشال حايك من الأوائل الذين “هاجروا” إلى بيروت في خمسينيات القرن الماضي طلباً للعلم أو العمل. ينحدر الخبير الزراعيّ هذا من بين أفقر عائلات فلّاحي قريتي الذين “نزحوا” إلى العاصمة طلبًا للعلم، ليس إلّا، فعاشوا في أحزمة بؤسها. بعد المرحلة التكميليّة تابع ميشال حايك دراسته الإختصاصيّة في الحقل الزراعيّ ودراسة التربة ليلتحق بعدها بمصلحة الأبحاث الزراعيّة، فيتحوّل الى “حبيس” في صومعة هذه الأبحاث. وعلى مدى ثلاثين سنة اعتكف الباحث الناسك في صومعته الطبيعيّة يعمل على إكتشاف النباتات الطبّيّة.

أصدر سبعة معاجم في موسوعة “النباتات الطبّيّة” وموسوعة “النباتات الميسَّرة”. وصدرت هذه الموسوعات بست لغات عالميّة. أمضى ميشال حايك عمره باحثًا علميًّا في التربة ومصورًا فنّيًّا لما هو فوق التربة. قام بجولات ميدانيّة في مختلف أرجاء الوطن معلّقاً الكاميرا على كتفه مصوِّرًا لمعاجمه نباتات الطبيعة اللبنانيّة ٣٠٠ صورة ملوّنة.

عاين حايك الفرح والأعراس والدّبكة ولحظات التجلّي بلقاء الخالق عبر صلاة أو درب محبّة وخير نحو الحقل والبيدر والبُركة. لقد قبض هذا الصيّاد المصيب الماهر، على تلك اللحظات التي لن تتكرّر أو تعود، بعدما سيّرت التّكنولوجيات والآلات والأدوات المتطوّرة كلّ حياتنا وأعمالنا.

يختم شربل فارس: “إلى جانب فرادته في البحث العلميّ الزراعيّ، تفرّد ميشال حايك في فنّ التصوير الفوتوغرافيّ، في تصوير النباتات، ثمّ في تصوير يوميّات وعادات فلّاحي قريته صربا، وكأنّه في مهمّة تصوير ذاكرة صربا، وتدوينها في سجلّ الأولاد والأحفاد، من الحقل الى البيادر، الى الشقاء والعَوَز، إلى قهر النفس وعزّتها، من الأعراس الى المآتم. وتحوّل المهندس الزراعيّ من مصوِّرٍ هاوٍ إلى فنّانٍ محترف. ويعود الفضل في ذلك الى عشقه للأرض وأهلها الفلّاحين الطيّبين، إلى بيوتهم الطينيّة، إلى معبور مسقط رأسه في قريةٍ أنْسنَ أزقّتها، وخلَّد بساطة ناسها، وعنفوان الهِمَّة من الحقول إلى البيادر. لقد ترك ميشال حايك لوطنه كنزًا علميًّا، ولأهله ذاكرة صربا بين نهاية الخمسينيات ومطلع السبعينيات من القرن الماضي. شكرًا لميشال حايك على ما فعله، وإن رحل، فنبراسه لا يزال ينير ذاكرتنا”.

“نأمل حفظ هذا الإرث الثمين”

يقول المطران الياس نصّار، ابن بلدة صربا في حديث عن ميشال حايك: “إنّ آلاف الصور التي التقطها ميشال طوال أكثر من ستّة عقود لوجوه وشخصيّات ومناسبات ومعالم عمرانيّة وثقافيّة وطبيعيّة صرباويّة، تشكّل الجزء الأهمّ من ذاكرة صربا وتاريخها على مدى عقود خلت. وهذه الذاكرة ستبقى وتثبت طالما أنّ هذه الصور هي بمنأى عن التلف والضياع. وبالطبع، مع التقنيّات الحديثة، يمكن لهذه الصور أن تُحفظ لاستعمال الأجيال القادمة، وأن تصبح مرجعاً للباحثين في التاريخ وفي الشؤون الثقافيّة والحضاريّة الإنسانيّة… وإننا نأمل من أجيالنا الصاعدة أن تحافظ على هذا الإرث الثمين”. وتمنّى أن يحفّز “عمل الأستاذ ميشال عدداً من أولادنا في صربا، لكي يكتبوا تاريخ بلدتهم بالصور والكلمات والفنون المتنوّعة، وينقلونها من جيل إلى جيل، لأنّ من له تاريخ يمكن أن يرسم له مستقبلاً”.

بتاريخ 22 كانون الثاني 2017، وفي ذكرى أربعين ميشال حايك في بلدته صربا، أصدر المجلس الثقافيّ للبنان الجنوبيّ بالتعاون مع بلديّة صربا وعدد من الجمعيّات 6 بطاقات بريديّة تذكاريّة، تضمّنت صوراً من أعمال ميشال حايك، تحيّة لذكراه، وتكريماً لبلدته، وتقديراً لإبداعه وعطاءاته المختلفة، بكمّيّة 500 مجموعة، تضمّ كلّ مجموعة البطاقات السّت.

في حضرة الكتابة عن ميشال حايك، الفنّان المبدع المتنوّع، عيناً ونصّاً وبحثاً في عمق الذاكرة والنبات، يبقى الكلام قليلاً، أمام رجل عمل بهمّة واندفاع، وكتب في «الصمت»، بينما كان فنّاناً من درجة الفرادة، على المستوى الوطني وأبعد، إن من خلال عدسته الفذّة التي وثّقت بمئات الصور، تفاصيل حياة قريته وأهلها وأشغالهم ومناسباتهم، أو اهتمامه بالنباتات البرّيّة في لبنان، وما أصدره من موسوعات بلغات عالميّة عديدة، فضلاً عن كمّ كبير من المقالات الصحافيّة التي سلّطت الضوء على خيرات الوطن، البرّيّة والطبيعيّة.

ذزي القمح لفصل الحب عن القش

سلق القمح في صربا صيف العام 1968

مجموعة رجال من صربا في 19 – 11 – 1967
ميشال حايك في قريته ستينيات القرن الماضي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى