معركة في بلدة معركة ومخاوف من تكرار التلاعب بالنتائج

تشاء الصُدف أن يتزامن موعد إجراء الانتخابات البلديّة والاختياريّة في محافظتي الجنوب والنبطية في الـ 25 من أيّار (مايو) المقبل، وهو في الوقت عينه الذكرى الـ 25 لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيليّ، (جرى تقديم الموعد في الـ 23 من نيسان (أبريل) الجاري من قبل وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار إلى الـ 24 من أيار لمصادفة التاريخ السابق مع العطلة الرسمية في مناسبة عيد المقاومة والتحرير). لكن المفارقة هي أنّ الانتخابات هذه المرّة تأتي بعد عدوان إسرائيليّ ضخم أسفر عن تدمير هائل لم يتمكّن الجنوبيّون من تخطّي آثاره بعد، وهذا ما يؤدّي تلقائيًّا إلى ابتعاد هذا الاستحقاق المهمّ على الصعيد البلديّ عن سلّم أولويّات الناس المشغولة برفع آثار العدوان وإزالة تداعياته المترافقة مع خرق يوميّ لوقف إطلاق النار الهشّ، والذي يتسبب في سقوط ضحايا بشكل دائم.
بناءً على ذلك وفي ظلّ الواقع الصعب هذا، تحوّل خوض غمار الانتخابات البلديّة إلى عبء أكثر منه إلى فرصة، وذلك ربطًا بإمكانات البلديّات شبه المعدومة منذ العام 2019، ممّا يجعل إمكانيّة تحقيق أيّ إنجاز أو بلورة مشاريع إنمائيّة مُهمّة صعبة للغاية.
لائحة مكتملة خارج التحالف
لكن كلّ هذه الاعتبارات تسقط في بلدة معركة الجنوبيّة، حيث تتحضّر مجموعة من الناشطين المستقلّين إلى إطلاق لائحتها، والتي يسعى روادها من خلالها إلى أن تكون مُكتملة وتضمّ ما لا يقل عن ستّ نساء، وهم في صدد عقد الاجتماعات واللقاءات الجانبيّة والجماعيّة لبلورتها، ومن المفترض الإعلان عنها بعد نحو أسبوعين.
تتحضّر مجموعة من الناشطين المستقلّين إلى إطلاق لائحتها، والتي يسعى روادها من خلالها إلى أن تكون مُكتملة وتضمّ ما لا يقل عن ستّ نساء، ومن المفترض الإعلان عنها بعد نحو أسبوعين.
يبلغ عدد سكّان معركة وفق لوائح الشطب لانتخابات العام 2022 النيابيّة 13600 نسمة، أمّا عدد الناخبين فيبلغ بحسب اللوائح لهذا العام 7750 ناخب. يتكوّن المجلس البلديّ في معركة من 15 عضوًا، يتوزّعون بين الثنائيّ “حزب الله” و”حركة أمل” التي تسيطر على المجلس البلديّ منذ العام 1998. لكن في العام 2012 سرى اتّفاق بين الثنائيّ الشيعيّ، قضى بتقاسم البلديّات، إذ مُنحت حركة أمل تسعة أعضاء من بينهم الرئيس ونائبه في حين حصل حزب الله على ستة أعضاء، وهذه القاعدة ستسري في الانتخابات المقبلة.
غياب الفعاليّة والإنتاجيّة
في انتخابات البلديّة الأخيرة التي جرت في العام 2016، ترشّح الناشط السياسيّ والبيئيّ حسن حجازي وترأّس لائحة غير مكتملة مؤلّفة من ثمانية مرشّحين، وتمكّن من نيل 1198 صوتًا ليكون أوّل الخاسرين بفارق 20 صوتًا عن آخر فائزي اللائحة المقابلة الذي نال 1218 صوتًا في حينه. يجزم حجازي، في حديث لـ “مناطق نت” أنّ فوزه كان مضمونًا في تلك الانتخابات ولكنّ التلاعب بالنتائج أسفر عن إسقاطه في آخر اللحظات، “إذ سعت حركة أمل إلى إرضاء حزب الله، لأنّ دخولي إلى المجلس البلديّ كان سيتمّ على حساب آخر الفائزين المحسوب من حصّة الحزب”.
يرى حجازي أنّ “الاتّفاق بين حركة أمل والحزب عقيم، إذ سرعان ما تبرز الخلافات في ما بينهما ما يُؤدّي إلى تعطيل عمل المجلس البلديّ، وهذا ما حدث بعد أشهر قليلة من الانتخابات السابقة، إذ اعتكف خمسة أعضاء من حزب الله عن حضور جلسات المجلس البلديّ، فيما استقال ثلاثة أعضاء من حركة أمل من عضويّة المجلس أيضًا، وذلك بعد مرور نحو عام، ولولا وجود قرار مركزيّ من الثنائيّ بعدم حلّ البلديّة لما تمكّنت من أن تستمرّ بسبعة أعضاء من أصل 15 عضوًا”.

ويلفت حجازي إلى أنّ المطلوب هو “أن يكون هناك 15 عضوًا منتجًا ويُقدّمون أفكارًا ورؤى للعمل البلديّ وليس مجردّ عدد قائم على المحاصصة الحزبيّة، فإنتاج بلديّة على النسق نفسه سيؤدّي إلى النتائج عينها”.
انتخابات تنمويّة
اللافت في الأمر أنّ حزب الله وحركة أمل لم يعلنا لغاية اليوم، عن تبنيهما لأيّ لائحة بشكل رسميّ، فيما تتحدّث أوساطهم عن سعيهم إلى “تزكية” أكبر قدر من البلديّات، ولكن هل المقصود بالتزكية تقاسم المجالس البلديّة، أم إشراك جميع القوى والفعاليّات والأحزاب والتيارات المعارضة؟
يؤكد حجازي أن ” مفهومنا للتزكية مختلف عن مفهوم الثنائي، فما نحتاجه في الوقت الحالي هو انتخابات تنموية وليس سياسية، وفي حال اختار الثنائي أشخاص مؤهلين لخدمة البلدة، فنحن لا نُمانع من تزكيتهم والانسحاب من المعركة، أما في حال الإصرار على النهج القائم نفسه، فإن ذلك سيدفعنا إلى المواجهة في صناديق الاقتراع”. وأكّد حجازي أنّ “كلّ ما نحتاجه هو الحدّ من نفوذ الأحزاب على الجهات القضائيّة والقوى الأمنيّة المنوط بها تنظيم العمليّة الانتخابيّة لمنع تكرار ما حصل العام 2016 من تلاعب بالنتائج”.
معارضة النهج البلديّ
منذ أول انتخابات بلديّة أجريت بعد الحرب في العام 1998 وحتّى العام 2019، كانت موازنة بلديّة معركة تُلامس المليون دولار سنويًّا أو أقلّ بقليل، فضلًا عن الهبات والمساعدات من المنظّمات والجهات الخارجيّة، إلّا أنّ كلّ ذلك لم يُسفر عن أيّ حركة تنمويّة في البلدة. يشرح حجازي جوانب التقصير لدى المجالس السابقة بأنّها “تبدأ من عدم وجود رؤية لترتيب أولويّات المشاريع التي تحتاجها البلدة، مرورًا بعدم معالجة ملف النفايات والمكبّ المتواجد عند أطراف البلدة، ولا تنتهي بالتواطؤ مع المتعهّدين المنفّذين لأعمال البنى التحتيّة المقرّبين من الأحزاب وغياب الشفافيّة من خلال عدم نشر الموازنات وقطع الحساب”.
و”على سبيل المثال، يوجد في معركة ناديان لكرة القدم، إلّا أنّ البلديّة لم تقم بإنشاء ملعب واحد من أجل أن يتمكن الشباب من التدرُّب فيه، فضلًا عن غيابها عن ملف التعليم، ففي الوقت الذي كانت معظم البلديّات تُقدّم الدعم للمدارس الرسميّة في السنوات الأخيرة، كانت بلديّة معركة غائبة عن هذه المهمّة” يختم حجازي.