بعلبك الهرمل… دولارات الأهالي لا تكفي لشراء مازوت حزب الله

يُرخي غياب الخدمات والمواد بمجالاتها كافة بثقله على كاهل اللبنانيين والبقاعيين منهم، دون استشعار أي انفراجات أو حلول لذلك. الأزمة التي تبدأ بالمحروقات لا تنتهي بسبل الحياة جميعها… المشكلة كانت بانقطاع مادة المازوت وتوفُّرها في السوق السوداء، اليوم توفرت لكن بسعر السوق السوداء الذي جعلته الدولة سعراً رسمياً لها.

مؤخراً، توفرت مادة المازوت سواء من خلال استيراد الشركات عبر الجهات الرسمية في الدولة اللبنانية، أو عبر ما وفره حزب الله من المازوت المُستقدم من إيران، فهل شكل توفرها حلاً للأزمة أم أن الدولار بقي الحكم والمتحكم؟

المازوت الإيراني

بادر حزب الله إلى استقدام مادة المازوت من إيران عبر سوريا، وبحسب ما حددته قيادة الحزب أن الأولوية في المرحلة الأولى هي ضمن فئتين: الفئة الأولى الهبات المجانية والتي حددت للمستشفيات الحكومية ودور الأيتام والعجزة ومراكز الدفاع المدني وآليات الإطفاء والبلديات وآبار المياه في البلدات التي تعمل مولداتها على المازوت ولا تملك طاقة شمسية.
الفئة الثانية هي فئة البيع وتضمنت المستشفيات الخاصة، الأفران الكبرى والتعاونيات والاستهلاكيات الكبرى واشتراكات الكهرباء، المزارعين والجرارات الزراعية، بالإضافة إلى معامل التصنيع الغذائي ومعامل الأدوية.

استفادت محافظة بعلبك-الهرمل ما نسبته ٣٥٪ من كمية المازوت الذي دخل إلى لبنان والذي وصل إلى ٦٠ مليون ليتر أي ما يقارب ٢١ مليون ليتر لكافة الفئات المستهدفة، فهل ساهم دخول المازوت الإيراني إلى لبنان في حل الأزمة و إلى أي مدى كسر الحصار الذي تحدث عنه الحزب، مع الإشارة إلى أن كمية المازوت التي دخلت لا تكفي لبنان سوى لعشرة أيام فقط؟!..

مدير مكتب المحروقات في البقاع مالك ياغي اعتبر في حديث لـ”مناطق نت” أن استقدام المحروقات من إيران كان في إطار عملية كسر الحصار ومنع الاحتكار من قبل كارتيلات وشركات النفط وتوفير المازوت للبنانيين كونه شريان الحياة. أضاف أن المستشفيات الحكومية الموجودة في أقضية بعلبك والهرمل كمستشفى الهرمل الحكومي، ومستشفى بعلبك الحكومي استفادوا من تلك التقديمات. وفي محافظة البقاع استفاد أيضاً مستشفى زحلة الحكومي من الهبات المجانية التي قدمها حزب الله بالإضافة إلى الفئات كافة المستهدفة من دور أيتام وعجزة ومراكز دفاع مدني وبلدات مثل بلدية مقنة والدمدوم ونبحا والتوفيقية والعين وخلينا ورأس بعلبك والهرمل والقطاع ومزرعة سجد وغيرها.

وأكّد ياغي أنه لم يتم تحديد حصص خاصة بكل محافظة مسبقاً، إذ كان المجال مفتوحاً بحسب الحاجة لكن بحسب الاستهلاك أيضاً. وأشار ياغي أن الطلبات التي قُدمت أظهرت أن استفادة محافظة بعلبك-الهرمل من مجموع المازوت الإيراني بلغت حوالى ٣٥٪.

حول آلية التوزيع في المحافظة، ذكر ياغي أنه تم تخصيص أربعة أرقام هواتف خليوية وأرضية للتواصل مع الناس. حيث تقتضي تلك الآلية أن يُبادر المواطن بالإتصال على أحد تلك الأرقام لملء استمارة عبر الهاتف، ليتم بعدها التأكد من صحة معلوماته عبر فريق يعمل على الأرض، يعطي الموافقة عبر رسالة هاتفية تفيد أنه على الذي ملأ الاستمارة التوجه للدفع في القرض الحسن، ليصار بعدها إلى توصيل المازوت له بعد خمسة أيام.

المازوت للمزارعين

المزارعون هم من ضمن الفئات المستهدفة في فئة البيع، وبحسب ياغي فإن حوالى ٥٥٠٠ مزارع استفادوا من تلك التقديمات توزعوا بين برادات وجرارات زراعية وآبار مياه خاصة بالري. الجدير ذكره أن هذه النسبة تعتبر ضئيلة قياساً لعدد المزارعين في محافظة بعلبك-الهرمل، لا سيما أن المحافظة هي الأكثر اعتماداً على الزراعة. الأمر الذي يجعل المستفيدين من هذا الرقم هم كبار المزارعين الذين استفادوا من المازوت الإيراني بحسب السعر الذي حددته شركة الأمانة والذي تدرج بدءاً من ١٤٠ ألفاً لسعر الصفيحة عند وصوله وحتى ٢٤٣٧٠٠ صعوداً الآن مع ارتفاع سعر صرف الدولار.

أما المزارعون الصغار فكانت استفادتهم محدودة، ويعود ذلك لأسباب مختلفة منها عدم قدرتهم الشرائية على تكبد التكلفة العالية التي باتت قريبة جداً من التسعيرة الرسمية والتي حددت سعر صفيحة المازوت بـ٢٧٤٨٠٠، أي بفارق حوالى ٣١ ألف ليرة فقط. بالتالي فإن معاناة المزارع لا زالت قائمة.

قسم كبير من المزارعين لم يتمكن من التواصل عبر الأرقام المحددة والموضوعة لذلك. وفي هذا الإطار يقول ياغي أن الفترة الأولى لوصول المازوت كانت ضاغطة جداً عانينا فيها من ضغوط كثيفة على الأرقام الموضوعة في الخدمة، حيث كانت معظم الاتصالات تستفسر عن التدفئة وكانت تستهلك الوقت الأكبر على الهاتف. وأوضح ياغي أنه في الأيام السابقة تلاشى هذا الضغط، لكن اللغط الذي حصل مع بعض المزارعين أنهم اعتبروا أننا يجب أن نأتي إليهم لتعبئة الاستمارات، فيما آلية المشروع تقتضي بأن يبادروا هم لذلك.

وختم ياغي أن استقبال الاتصالات والطلبات من المزارعين سيستمر حتى نهاية الشهر، لافتاً إلى أن الاستفادة من الري تنتهي بأبعد حدود لها في نهاية شهر تشرين الثاني.

مازوت التدفئة

الشتاء بدأ قارساً هذا العام، وحتى اليوم لم يستطع أهالي بعلبك الهرمل تأمين مادة المازوت للتدفئة، والاتجاه نحو قطع الأشجار خيار قائم. الصرخة البيئية خوفاً من التعدي على الاحراج بدأت، والدولة لم تحرك ساكناً، وحول استقدام المازوت الإيراني للتدفئة يقول ياغي إنها ستكون المرحلة الثانية من المشروع، وهذا ما سيُعلن عنه في الأيام المقبلة.

البرد على الأبواب وليس باليد حيلة سوى السؤال؟ عن مبادرة حزب الله ومساعيه، وعمّا إذا كانت هذه المسؤولية تقع على عاتقه وعلى عاتق الأحزاب اللبنانية الأخرى، في الوقت الذي من المفترض أن يكون هناك دولة أو حداً أدنى منها، أولى واجباتها رعاية مواطنيها وتأمين ضروريات الحياة لهم، لا تركهم وحدهم يصارعون في العراء، عزاؤهم الوحيد تذكر أياماً خلت كان فيها شبه دولة لكنها كانت تحميهم بالحد الأدنى، أما الآن فقد أصبحت أثراً بعد عين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى