تراخي وزارة الزراعة يعيد الفوضى إلى ميناء الصرفند

أصدر وزير الزراعة نزار هاني، منذ نحو أسبوعين، قرارًا يقضي بالتشدّد في الإجراءات التي تقوم بها مخابرات الجيش عند مدخل ميناء الصرفند بغية منع أيّ نوع من الصيد غير الشرعيّ في تلك البقعة البحريّة. لم يرُق هذا القرار لعدد كبير من صيّادي الأسماك الذين سارعوا إلى رفع الصوت رافضين هذه الإجراءات التي اعتبروها مجحفة بحقّهم، وتؤثّر في مصدر رزقهم الأساسيّ، فنفّذوا اعتصامًا تخلّله قطع الطريق الساحليّ العام الذي يربط صيدا بصور عند مفترق بلدة الصرفند.

رفض التشدّد الأمنيّ

دفعت هذه التطوّرات باتّجاه عقد اجتماع بين الوزير هاني ورئيس الجمعيّة التعاونيّة لصيّادي الأسماك في الصرفند، محمد سليم، الذي أوضح في حديث لـ “مناطق نت”، أنّ “الصيّادين متّفقون مع هاني بأنّ استخدام الديناميت في الصيد هو العدوّ الأوّل للصيّادين، إلّا أنّ قرارات الوزير لم تقتصر على ذلك بل طالت منع الكمبريسّور (Compressor ضاغط هواء يوضع على متن المركب من أجل توصيل هواء عبر خرطوم للصيّاد في قاع البحر) في حين أنّ الربط بين استخدام الديناميت والكمبريسّور أمر غير مفهوم”.

ويلفت سليم إلى أنّ “الصيّادين ممّن يستخدمون الديناميت يمكنهم القيام بذلك حتّى عمق 12 مترًا، معتمدين على النفس الحرّ، من دون أن يكونوا بحاجة إلى الكمبريسّور”، مضيفًا “حتّى إذا أراد أحدهم استخدام الديناميت على عمق كبير فيمكنه استخدام قنينة الأوكسيجين بديلًا عن الكمبريسّور”.

صيادو الصرفند يقطعون الأوتوستراد الساحلي بعد قرار وزير الزراعة نزار هاني منع الصيد الجائر الأسبوع الماضي

ويضيف سليم أنّ “هناك كثيرًا من الخطوات التي يمكن القيام بها من أجل منع الديناميت من دون منع الكمبريسّور، منها تشديد المراقبة على المسامك ومنعها من بيع أيّ سمك ناجم من استخدام الديناميت”. ويؤكّد سليم أنّ “استخدام الكمبريسّور يساعد الصيّادين على الصيد الشرعيّ، فيمكن استخدامه لوضع أقفاص على عمق مُعيّن أو لتحرير الشباك البحريّة من الصخور أو غيرها من الاستخدامات”. ويردف “إنّ اللقاء مع الوزير كان إيجابيًّا جدًّا ووعدنا بأن تُحلّ هذه المشاكل في وقت قريب جدًّا”.

تراجع وزارة الزراعة

في المقابل، يجزم مصدر خاص لـ “مناطق نت” أنّ “الأمور عادت إلى ما كانت عليه، إذ بات التراخي حيال استخدام الكمبريسّور سيّد الموقف”. ويُشير المصدر إلى أنّ “ما يحدث الآن هو أنّ استخدام الكمبريسّور بات يتمّ بشكل غير علني ولم يعد ظاهرًا على متن المركب، إذ يجري إخفاؤه في البحر تحت سطح الماء، في نقطة مُعيّنة، يُدَلُّ عليها بعلام ما قبل الدخول إلى الميناء، ليعود الصيّاد في اليوم التالي ويستخدمه، وكلّ ما يحتاجه في هذه الحال هو كيلوغرام واحد من الزيت، وكذلك هناك بعض الصيّادين الذين ينقلونه معهم إلى المنزل عند العودة من الصيد بحيث لا يراه أحد على متن المركب”.

ويلفت المصدر إلى أنّ “تراجع وزارة الزراعة أمر غير مفهوم، فالوزارة مهمّتها التشدّد في منع هذه الظواهر وحماية البيئة البحريّة”، مضيفًا أنّ “التشديد الأمنيّ ترك ارتياحًا كبيرًا لدى صيّادي الأسماك ممّن يستخدمون الطرق الشرعيّة في الصيد، فاستخدام الكمبريسّور أضرّ كثيرًا بالبحر سواء لناحية تسهيل استخدام الديناميت أو لناحية استخدام إضاءة تحت المياه التي تقتل السمك الصغير، أو غيرها من الطرق التي تضرّ بالحياة البحريّة”.

التشديد الأمنيّ ترك ارتياحًا كبيرًا لدى صيّادي الأسماك ممّن يستخدمون الطرق الشرعيّة في الصيد، فاستخدام الكمبريسّور أضرّ كثيرًا بالبحر

ويؤكّد أحد الصيّادين، الذي تحدّث لـ “مناطق نت” مؤثرًا عدم ذكر اسمه أنّه “خلال فترة التشدُّد الأمنيّ بات منتوجنا أكبر بكثير وبات البحر فيه أسماك بكمّيّة أكبر وخيرات وفيرة أكثر”.

أضرار الكمبريسّور بيئيّة وصحّيّة

من جانبه، يؤكّد الصحافيّ المتخصّص في الشؤون البيئيّة، مصطفى رعد، في حديث لـ “مناطق نت”، أنّ “القانون اللبنانيّ يمنع الكمبريسّور على غرار بقيّة دول العالم، كذلك يمنع الصيد من خلال الغطس باستخدام أنبوبة الهواء المضغوط ويحصر الصيد فقط بالغوص الحرّ”. ويلفت رعد إلى أنّ “الكمبريسّور يُضرّ بالصيّادين وبالبيئة البحريّة، فهناك أنواع من الأسماك مثل اللقّز الصخريّ وغيرها كان يمكن إيجادها على مستويات ليست عميقة، إلّا أنّنا عند استخدام الكمبريسّور بكثرة لم نعد نجدها على هذا العمق، حتّى أن بعض الصيّادين باتوا يغطسون بحدود الـ 50 إلى 60 مترًا ويصطادون الأحجام الكبيرة من هذه الأسماك باستخدام الكمبريسّور”، مضيفًا “على هذا الأساس يُعتبر الصيد بالكمبريسّور من أنواع الصيد الجائر”.

هذا على صعيد البيئة البحريّة، أمّا على صعيد الضرر الذي يلحق بالصيّادين أنفسهم، فيوضح رعد أنّ “استخدام الكمبريسّور قد يُلحق الأذى بالصيّاد، إذ من غير المعلوم نوعيّة الهواء الذي يتنفّسه بواسطة ذلك، ومن الممكن أن يكون عبارة عن خليط من الغازات، خصوصًا وأنّ نسبة الهواء الملوّث في لبنان عالية جدًّا”. ويُشير إلى أنّ “خطرًا آخر يتعلّق بطريقة الصعود إلى سطح المياه عند الانتهاء من الغطس بالكمبريسّور، إذ يؤدّي في كثير من الحالات إلى الشلل، وبخاصّة إذ قام الصيّاد بالصعود سريعًا”.

مخاطر استخدام الديناميت

وفي ما يتعلّق باستخدام الديناميت، يقول رعد إنّه “يتمّ من خلال إعداد عجينة بداخلها مادّة (سي فور) ويضعون الصاعق عندما يصبحون في البحر تمهيدًا لتفجيرها عند رؤية الأسماك، والخطورة في الأمر أنّ الصياد الذي يمكنه الحصول على هذه المادّة المُتفجّرة واستخدامها في الصيد، يمكنه استخدامها لأغراض أخرى”.

ويشرح رعد تأثير ذلك على البيئة البحريّة، مشيرًا إلى أنّ “سرعة الصوت تحت الماء أعلى بأربع مرات من خارج المياه، وبالتالي فإنّ الضغط الذي يحدثه عصف الانفجار الناتج عن الديناميت تحت الماء يؤدّي إلى كسر سلسلة ظهر السمك فيفرز نوعًا من السموم تجعله غير صالح للأكل”. والأمر لا يقف عند هذه الحدود إذ “تترك المادّة التي يخلفها الانفجار غطاءً أسود على الصخور التي تعتبر المكان الذي تبيض فيه الأسماك، ممّا يحوّل هذه الموائل إلى أماكن غير صالحة لتكاثر الأسماك”.

ميناء الصيادين في الصرفند

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى