ثمانون يومًا على الحرب جنوبًا.. نزوح عشرات الآلاف وخسائر بشريّة ومادّيّة فادحة
تبقى خسائر العمليّات العسكريّة والحربيّة، الدائرة في جنوب لبنان بين جيش الاحتلال الاسرائيليّ من جهة وحزب الله من جهة ثانية، منذ الثامن من تشرين الأوّل/ أكتوبر المنصرم، مفتوحة على المزيد من التفاقم والأضرار المباشرة وغير المباشرة، فتطال البشر والحجر والشجر، على مساحات واسعة من المدن والبلدات والقرى، بعمق يزيد على خمسة كيلومترات، من الحدود مع الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة.
لقد سبّبت تلك العمليّات المتواصلة، تعطيل دورة الحياة والحركة الاقتصاديّة والمعيشيّة للمواطنين، ممّن يعانون أصلًا من نتائج الانهيار الاقتصاديّ والماليّ على المستوى الوطنيّ الشامل، ففقدت آلاف العائلات مداخيلها من المؤسّسات الإنتاجيّة، في القطاعات كافّة، وأقفلت أبوابها، إلى جانب ما لحقهم من أضرار في مزروعاتهم وانعدام سبل العيش في قراهم، التي باتت بعد نحو ثمانين يومًا على عمليّة “طوفان الأقصى” مهجورة من أهلها.
إحصائيّة مفتوحة على الخسائر
تجاوز عدد الشهداء المدنيّين في الجنوب، ثمانية عشرة شهيدًا، في بقعة تمتدّ من رأس بلدة الناقورة الساحليّة، إلى أعالي كفرشوبا وشبعا على جبهة يقارب طولها مئة وعشرين كيلومترًا، من بينهم ثلاثة أطفال سقطوا مع جدّتهم بين بلدتي عيناثا وعيترون، قرب بنت جبيل، بغارة إسرائيليّة على سيارة والدتهم، التي نجت وحدها من الغارة، وثلاثة صحافيين، أحدهم مصوّر يعمل لصالح وكالة “رويترز” البريطانيّة، وصحافيّة ومصوّر آخر وسائقهما، يعملون لحساب قناة “الميادين” اللبنانيّة، و128 مقاتلًا من عناصر “حزب الله”، وسبعة مقاتلين من حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين وتسعة آخرين من حركة حماس، ومقاتل من حركة أمل، إلى مقاتل آخر من الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ، وشهيد من الجيش اللبناني.
تجاوز عدد الشهداء المدنيّين في الجنوب، 18 شهيدًا، بينهم 3 صحافيين، و128 مقاتلًا من عناصر “حزب الله”، وسبعة مقاتلين من حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين وتسعة آخرين من حركة حماس، ومقاتل من حركة أمل، إلى مقاتل آخر من الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ، وشهيد من الجيش اللبناني.
أمّا الوحدات السكنيّة المدمَّرة حتّى الآن، فقد ناهزت المائتين، بعدما كانت قبل الهدنة (22/11/2023)، لا تتعدّى الستّين، في حين بلغت أضرار المنازل على أنواعها وأحجامها الآلاف، معظمها في بلدات عيتا الشعب وياطر وعيترون ومجدل زون وبليدا ويارون ومارون الراس وبيت ليف وعيناثا وميس الجبل ومركبا وحولا وربّ ثلاثين ومحيبيب والجبّين والخيام وكفرشوبا وكفرحمام وعلما الشعب والضهيرة ومروحين والبستان.
ولم يوفّر العدوان بأضراره الجسيمة المؤسّسات التربويّة والصحّيّة وفرق إسعافيّة. وقد قضى على مساحات لا تحصى من الأشجار الحرجيّة والمثمرة، قدّرت مبدئيًّا من جانب وزارة الزراعة اللبنانيّة، بنحو خمسة ملايين متر مربّع، ناهيك عن تلويث التربة بالقذائف الفوسفوريّة المحرّمة دوليًّا.
مسح الأضرار والتعويضات
انطلقت عمليّات مسح الأضرار المكلّف بها مجلس الجنوب، رسميًّا، من قبل الحكومة اللبنانيّة، مع أوّل أيّام الهدنة، في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، ثمّ توقّفت مع عودة المعارك، بعدما كانت قد شارفت على نهايتها. وبيّنت في حينه، تدمير نحو أربعين منزلًا، تساوي 65 وحدة سكنيّة، إذ إنّ بعض المباني يتألف من ثلاث طبقات.
من جهتها، واصلت “مؤسّسة جهاد البناء” (التابعة لحزب الله) عمليّات المسح اليوميّة لمختلف الأضرار والخسائر في البلدات والقرى الواقعة في مرمى النيران الاسرائيليّة. وشرعت بدفع تعويضات على الأضرار الخفيفة، وتأمين بدل إيواء للعائلات التي دمّرت منازلها، أو أصبحت غير قابلة للسكن (هذا ما كانت قد اعتمدته هذه المؤسّسة بعد توقّف حرب تموز – آب 2006)، إلى جانب إعداد ملفّات حول الخسائر الزراعيّة والثروة الحيوانيّة، تمهيدًا لدفع تعويضات على الخسائر المباشرة للمزارعين.
مجلس الجنوب إحصاءات بلا تمويل
في هذا السياق، يؤكّد رئيس مجلس الجنوب بالوكالة المهندس هاشم حيدر، “أنّ فرق مجلس الجنوب، من مهندسين وفنّيّين، انتشرت في البلدات والقرى الجنوبيّة المتضرّرة، في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا والنبطية، وأحصت دمار 65 وحدة سكنيّة وتضّرر أكثر من ألفيّ منزل”.
وقال المهندس حيدر لـ”مناطق نت”: “إنّ عمليّات المسح توقّفت كلّيًّا، مع عودة الاعتداءات الإسرائيليّة، وبالتأكيد فإنّ عدد المنازل التي دمّرها العدوّ الإسرائيليّ، صار أضعافًا مضاعفة، وكذلك الأضرار في المنازل والمؤسّسات، ولا يمكن التأكّد من عددها نهائيًّا إلّا بعد توقّف العدوان الإسرائيليّ”.
وحول بدل التعويضات المقرّرة، بعد وقف العمليّات الحربيّة، يوضح حيدر “أنّ البدل الذي قرّرته الحكومة اللبنانيّة، ويُدفع بواسطة مجلس الجنوب بالعملة اللبنانيّة، قيمته تعادل عشرين ألف دولار أميركي، لكلّ عائلة شهيد عمره فوق عشر سنوات. وعشرة آلاف دولار لكلّ شهيدة أو شهيد دون عشر سنوات. وسيخصّص لكلّ وحدة سكنيّة كحدّ أقصى، مبلغ ثلاثة مليارات وخمسة وستين مليون ليرة لبنانيّة، وسيعتمد دفع بدل الأضرار بحسب حجمها، على أساس محتويات الملّف الذي يعدّه الاختصاصيّون في المجلس”. لكن كلّ ذلك برأي حيدر “منوط بتأمين الأموال اللازمة من حكومة تصريف الأعمال، التي لم ترصد أيّ موازنة إلى اليوم”.
مؤكّدًا “أن المجلس ومنذ بداية العدوان الإسرائيليّ، يقدّم حصصًا غذائيّة وفرشًا وحرامات للنازحين في مراكز الإيواء في منطقة صور، وللنازحين الموزّعين في البلدات والقرى”.
حيدر: سيخصّص لكلّ وحدة سكنيّة كحدّ أقصى، مبلغ ثلاثة مليارات وخمسة وستين مليون ليرة لبنانيّة، وسيعتمد دفع بدل الأضرار بحسب حجمها، على أساس محتويات الملّف الذي يعدّه الاختصاصيّون في المجلس، لكن كلّ ذلك منوط بتأمين الأموال اللازمة من حكومة تصريف الأعمال، التي لم ترصد أيّ موازنة إلى اليوم.
جهاد البناء والدفع المباشر
يشير مسؤول مؤسّسة جهاد البناء في الجنوب، (وهو كذلك) رئيس بلدية بلدة عيترون المهندس سليم مراد، إلى “أنّ عمل المؤسّسة في مسح الأضرار لم يتوقّف، وهي تقوم بدفع بدل تعويضات بسقوف محدّدة للمنازل المتضرّرة، حتّى يتمكّن أصحابها من الاستمرار في سكنها، في كثير من البلدات، وبدلات إيواء للعائلات، التي أصبحت بلا مأوى، بعد تدمير منازلها”.
ويضيف لـ”مناطق نت”: “إنّنا في المؤسسة، نعمل بشكل مستمرّ، ولا يمكن إحصاء الخسائر بشكل نهائيّ قبل توقّف العدوان الإسرائيليّ، ومنها الخسائر الزراعيّة على أنواعها والثروة الحيوانيّة”. ويضيف: “إنّ الاحتلال الإسرائيليّ، دّمر بعد الهدنة ستّة وحدات سكنيّة تدميرًا كاملًا في عيترون، وتضرّر ٨٩ منزلّا حتّى الآن”.
نورج
بادرت جمعيّة (نورج) وهي جمعيّة مدنيّة لبنانيّة، يرأسها الدكتور فؤاد أبو ناضر، في أوائل أيّام الهدنة، للكشف على المنازل والمزروعات المتضرّرة في بلدة علما الشعب، قضاء صور، من خلال فريق هندسيّ متخصّص. وتؤكّد الجمعيّة، “أنّ الهدف من مسح الأضرار، المتواصل بوتيرة مرتبطة بالتطوّرات الميدانيّة، إعداد ملفّ شامل عن أضرار الاعتداءات الإسرائيليّة، من منازل ومزروعات، لتأمين تمويل يساهم في مساعدة المتضرّرين من أهلنا جراء الاعتداءات”.
الجدير ذكره أنّ مسألة دفع التعويضات من قبل الدولة اللبنانيّة، كانت قد أثارت جدلًا واسعًا بين اللبنانيّين المنقسمين حول الحرب وتداعياتها، فبينما يساند قسم كبير المقاومة في عمليّاتها نصرة لغزة حيث يسقط شهداء يوميًّا تحت عنوان “على طريق القدس”، يعارض قسم كبير أيضًا فتح الجبهة الجنوبيّة، معتبرين أنّ قرار الحرب والسلم ليس بيد الدولة اللبنانيّة، وأن لا مصلحة للبنان في الحرب، وبالتالي على من يدير الحرب في الجنوب أن يتحمّل دفع التعويضات، لا أن يحمّلها الى المكلّف اللبنانيّ.
عيتا الشعب
حتّى اليوم، خسرت بلدة عيتا الشعب الملاصقة للحدود مع فلسطين المحتلّة، ثمانية من شبابها، ودمّرت فيها عشرات المنازل، ولحقت الأضرار بمدرستها الرسميّة ومدرسة أخرى لذوي الحاجات الخاصّة ومحال ومؤسّسات تجاريّة، ناهيك عن نزوح غالبيّة أهلها عنها، ويزيد عددهم على عشرة آلاف نسمة. ويلفت رئيس البلديّة محمد سرور إلى “عدم وجود إحصاء نهائيّ للمنازل المدّمرة والمتضرّرة، بسبب القصف المتواصل، لكنّها إلى تاريخه، تقارب عشرين منزلًا مدمّرًا ومئات المنازل المتضرّرة”.
ياطر
تبعد بلدة ياطر في قضاء بنت جبيل حوالي سبعة كيلومترات عن الحدود، و”تعتبر من البلدات الخلفيّة” بحسب رئيس بلديّتها خليل كوراني، و”إنّ 12 وحدة سكنيّة في البلدة، دُمّرت تدميرًا كاملًا، وتضرّر نحو عشرين منزلًا، إلى جانب تدمير ثلاث سيّارات وتضرّر سيارات أخرى وجانب من المدرسة الرسميّة”.
علما الشعب
تجاور بلدة علما الشعب الحدوديّة، بلدة الناقورة، في قضاء صور، ولم يبقَ من أهلها سوى عشرات الأفراد. ويحصي نائب رئيس بلديّتها وليم حدّاد، “أضرارًا في ثمانية منازل، إلى جانب خسارتها آلاف أشجار الزيتون المعمّرة وأشجار السنديان، بعدما التهمتها النيران جرّاء القذائف الفوسفوريّة، التي أطلقتها إسرائيل على أحراج البلدة وبساتينها”.
كفرشوبا
تتصدّر بلدة كفرشوبا (حاصبيّا) الواقعة عند مثلّث الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة والسوريّة، محور العمليّات العسكريّة، إذ تشرف عليها المواقع الإسرائيليّة في مزارع شبعا اللبنانيّة المحتلّة. و”تضرّرت في البلدة خمسة منازل بشكل جزئيّ، واحد منها في مزرعة بسطرة” بحسب رئيس البلدية الدكتور قاسم القادري.
ويؤكّد القادري “أنّ سكّان البلدة نزحوا إلى أماكن متعدّدة، في الجنوب وخارج الجنوب، والبلدة التي تعتمد على الزراعة بشكل كبير مُنيت بخسائر كبيرة، خصوصًا أشجار الزيتون والسنديان والخضار والفواكه، ونفوق مئات رؤوس الماشية وقفران النحل، التي تشكّل كلّها دخلًا تعتاش منه عائلات كفرشوبا”.
الضهيرة
في الحرب الدائرة، ذاع اسم قرية الضهيرة، المسكونة من عرب عشيرة “العرامشة”، وكانت قبلها تدبّ بالحياة المتواضعة لأهلها. فمن حدودها، كانت انطلاقة العمليّات العسكريّة لمجموعة فلسطينيّة، ضدّ موقع “جراديه” في داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، في التاسع من تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي.
“ومنذ اليوم الأوّل للحرب، دمّرت الطائرات الإسرائيليّة، أحد المنازل بشكل كامل”، وفق رئيس البلديّة عبدالله الغريب. ويقول: “إنّ أضرارًا أخرى لحقت بحوالي ثلاثين منزلًا وفي مسجد البلدة، إلى إصابة العديد من أهل بلدتنا جراء تنشّقهم دخان القذائف الفوسفوريّة”.
خسائر قطاع النحل والمواشي
أصيب قطاع النحل، في القرى الحدوديّة بخسائر جمّة، سواء جرّاء احتراق القفران التي يربّيها الأهالي في الحقول وبين الأحراج على وجه الخصوص، أو في القفران التي بقيت فترة طويلة من دون رعاية وتأمين المياه. كذلك سجّل نفوق أعداد كبيرة من الأبقار ورؤوس الماشية، في أكثر من بلدة ومنها رميش والبستان وكفرشوبا وغيرها.
ويلفت فخري البردان، أحد مربّي النحل في بلدة يارين، إلى “أنّني خسرت ما يقارب سبعين قفيرًا، جرّاء الحرائق التي التهمت أحراج علما الشعب القريبة من يارين”. يتحدّث البردان بحزن عن قفرانه التي تعب سنين طويلة في تربيتها لـ”مناطق نت” ويقول: “في أثناء الهدنة ذهبت لتفقّد قفران النحل، فوجدت كارثة قدّ حلّت بنا، والله لقد بكيت من حزني، ناهيك عن خسارتي التي تفوق عشرة آلاف دولار”.
تختلف خسارة أحمد التركيّ ابن بلدة البستان المجاورة ليارين عن خسارة البردان، لكنّ المصيبة واحدة وتجمعهما، إذ فقد التركيّ خلال العدوان الإسرائيليّ المستمرّ “كلّ مداخيل العيش، بعدما نفقت البقرتان اللتان كانتا تدرّان عليّ حيّزًا يوميًّا من الحليب، ومعهما خسرت كذلك موسم الباذنجان”. ويضيف لـ”مناطق نت”: “خسارتي لا تقدّر، فهاتان البقرتان كان يفترض أن تلدا عجلين، لكنّهما نفقتا من الجوع والعطش، بعدما تعذّر عليّ إطعامهما بسبب القصف العنيف واضطرارنا إلى مغادرة البلدة نحو منطقة صور”.
برنامج الامم المتحدة الإنمائي
يؤكّد برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي (UNDP) في تقرير له “أنّ الحرب في لبنان تنعكس في عدّة مستويات أساسيّة: في القطاع السياحيّ المساهم الرئيس في الناتج المحلّيّ وفي خلق فرص عمل، إذ تراجع عدد الوافدين، غير اللبنانيّين والسوريّين والفلسطينيّين، بنسبة 15 بالمئة، في تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، وزاد عدد المغادرين 15.5 بالمئة، مقارنة مع الشهر عينه من العام الماضي”.
وحول التداعيات المباشرة للحرب في المنطقة الحدوديّة، حتّى 6 كانون الأول/ ديسمبر، “بلغ عدد النازحين 64,053، يشملون نحو 90 بالمئة من سكّان القرى الواقعة مباشرة على الخطّ الحدوديّ (على بعد كيلومتر واحد من الحدود) وبين 50 بالمئة و60 بالمئة من القرى الواقعة ضمن محيط اثنين إلى خمسة كيلومترات من “الخط الأزرق”.
يؤكّد برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في تقرير له “أنّ الحرب في لبنان تنعكس في عدّة مستويات أساسيّة: في القطاع السياحيّ المساهم الرئيس في الناتج المحلّيّ وفي خلق فرص عمل، إذ تراجع عدد الوافدين، غير اللبنانيّين والسوريّين والفلسطينيّين، بنسبة 15 بالمئة”.
وأشار التقرير إلى تكبّد القرى الحدوديّة خسائر مادّيّة كبيرة، في المباني والمنازل والمؤسّسات التجاريّة والبنى التحتيّة والخدمات والمرافق، وإغلاق حوالي 52 مدرسة وترك أكثر من ستّة آلاف طفل من دون الوصول إلى التعليم، وإغلاق خمسة مراكز رعاية صحّيّة أوّليّة في بنت جبيل ومرجعيون بسبب التهديدات الأمنيّة.
ولفت إلى أنّ “أكبر الخسائر لحقت بالقطاع الزراعيّ الذي يشكّل 80 بالمئة من الناتج المحلّيّ الإجماليّ، وقد اكتسب أهمّيّة كبرى في أعقاب الأزمة الاقتصاديّة، مع رفع مساهمته في الاقتصاد من ثلاثة بالمئة العام 2019 إلى تسعة بالمئة العام 2020”. علمًا أنّ جنوب لبنان “يساهم بنحو 21.5 بالمئة من إجماليّ المزروعات في لبنان، وتشكّل الزراعة فيه مصدر دخل رئيسيّ للعديد من الأسر”.
ويضيف: “تؤثّر حرائق الغابات بشكل كبير على النظم البيئيّة الطبيعيّة، لا سيّما جرّاء استخدام إسرائيل قنابل الفوسفور الأبيض التي تسبّب أضرارًا غير مباشرة على الإنسان والصحّة والسلامة والبيئة. ومع تضرر البنى التحتيّة للمياه، يزيد احتمال انتشار الأمراض التي تنقلها، إضافة إلى تدنّي جودة المياه وتراجع خصوبة التربة جراء انتشار المعادن الثقيلة والمركّبات السامّة الناتجة عن الأسلحة المتفجّرة، وتعطيل إدارة النفايات في منطقة النزاع، ما يؤدّي إلى دفنها وحرقها بشكل غير آمن”.
شبكات الكهرباء
نالت شبكات الكهرباء وأنظمة الطاقة الشمسيّة وشبكات المياه وغيرها من البنى التحتيّة نصيبًا كبيرًا من الاعتداءات الإسرائيليّة. وبحسب إحصاءات “شركة مراد للخدمات الكهربائيّة”، المسؤولة عن أعمال الكهرباء في الجنوب، “فإنّ الأضرار على شبكة الكهرباء في الجنوب نتيجة الاعتداءات الإسرائيليّة من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتّى يومنا هذا نجم عنها تعطّل 20 مخرجًا كهربائيًّا منها مخرج مياه الطيبة الذي يغذّي ستّ آبار مياه، ومخرج الناقورة الذي يغذّي قرى حدوديّة في قضاء صور”.
سجّلت الشركة نحو 230 عطلًا من الناقورة وحتّى شبعا، “تم تصليح 90 بالمئة منها، إذ لا وجود لإذن أمنيّ بدخول مناطق الأعطال بسبب الاعتداءت الإسرائيليّة المستمرّة”. ويوضح محمّد معنى، مدير منطقة صور والناقورة في الشركة، “أنّ سبب الانقطاع الكامل للكهرباء في بلدة علما الشعب، يعود إلى تضرّر الشبكة جراء الاعتداءات الاسرائيليّة على منطقة البطيشيّة”.
ويقول لـ”مناطق نت”: “إنّ المؤسّسة عملت في أيّام الهدنة، على تركيب عمود في المنطقة، لزوم خطّ التوتّر العالي، الذي قصف مجدّدًا، مع أنّ تركيب خطّ التوتّر يحتاج وقتًا قليلًا، لكنّنا لا نستطيع التحرّك إلى هذه المنطقة، من دون موافقة الجيش اللبنانيّ واليونيفيل بسبب خطورة الوضع في هذه النقطة”.
حتّى تاريخ إعداد هذا التقرير، وفي ظلّ الحرب المفتوحة على كثير من الاحتمالات وربّما تمتدّ طويلًا، لا يمكن استقراء عدد الشهداء المدنيّين والصحافيّين وعناصر حزب الله وغيره بشكل حاسم. كذلك لا يمكن إحصاء الوحدات السكنيّة، التي دمّرتها غارات الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة والمدفعيّة المباشرة أو الطويلة المدى، ولا حتّى المنازل والمؤسّسات المتضرّرة، وشبكات الكهرباء والمياه وأشجار الزيتون والسنديان والبطم والمواشي وقفران النحل، التي تجاور في غالبيتها الحدود.
عندما تنتهي الحرب سيتكشّف المرجّح ويصبح واقعًا.
هذا التحقيق أُعدّ بالشراكة مع: