ديمة أبو دية: قادرون على صناعة التغيير بإرادتنا
ديمة أبو ديّة لا تشبه إلا نفسها، عقدت العزم وشمّرت عن ساعديها وقالت كفى مصادرة لرأينا وموقفنا بحجة من هنا وأخرى من هناك، تحمل بين يديها آمالًا عريضة ووطنية صادقة وطموحات كبيرة بالرغم من يقينها أن التغيير في ظل التعقيدات الحالية أمرٌ شديد الصعوبة، لكن علينا شرف المحاولة.
ديمة أبو دية المرشحة المستقلة عن المقعد الشيعي في دائرة البقاع الأولى (زحلة والبقاع الاوسط) على لائحة “زحلة السيادة” المدعومة من “القوات اللبنانية”، والتي شكّل ترشّحها علامة فارقة كونها المرأة الشيعية الأولى التي كسرت “التابو” القائم منذ الـ ١٩٩٢ فتحت لـ “مناطق نت” ملف ترشّحها وعزمها على المضي قدمًا به حتى النهاية رغم كل الضغوطات و”المطبات” التي تواجهها منذ إعلان ترشحها وحتى اليوم.
صناعة التغيير
تؤكد “أبو ديّة” أنه وبعد مرحلة الوجع التي شهدها لبنان عبر الحقبات الماضية، نملك أملًا أخيرًا لصناعة التغيير من خلال الانتخابات النيابية، فنحن نقف الآن على مفترق خطير يتطلب منا السعي للتغيير، التغيير هو “صوت الحق” وصوت الناس المهمّشة وهي شريحة كبرى تبحث عن أفق جديد يخرج بنا من لبنان الحالي، لبنان الجوع والفقر والمنتهك، إلى لبنان الحضارة والثقافة والتنوع الفريد، ولأجل هذا يجب أن تحصل الانتخابات مهما كانت العراقيل.
تضيف: “نحن نمر في أوضاع صعبة وقاسية حتى بات شبابنا وشاباتنا وطاقاتنا المتنوعة “عرضة للتصدير” لأننا لم نستثمر فيهم لبناء الوطن، فغياب الدولة أفقدنا ثقافة التوجيه بالإضافة إلى غياب فرص العمل بشكل كامل لمساعدتهم على ترجمة طموحاتهم وإبراز قدراتهم وتحقيق آمالهم، هذا العنوان يستند إلى عناوين ثلاثة كالتالي:
١- الأمن والأمان وهو الأساس لاستعادة الدولة لهيبتها من جديد وهذا ما سيساعد على جلب الاستثمارات الخارجية، وهذا ما سيوفر للطاقات الشبابية المجالات الواسعة لإبراز قدراتهم ووضعها في خدمة البلد.
٢- إعادة استثمار سهل البقاع بالطريقة الصحيحة نظرًا لتوافر إمكانات طبيعية ويجب علينا التفكير بطرق علمية وصحيحة للاستفادة من هذه الميزة وصولًا للاكتفاء الذاتي وذلك من خلال التوجيه عبر وضع أجندة زراعية علمية بحيث يتم استغلال المساحات الزراعية بالشكل المطلوب.
٣- امتلاك القرار السياسي ومن هنا تبدأ مسيرة الخلاص عبر إطلاق سلسلة من المشاريع، إمتلاك القرار يمهد الطريق لتنفيذ المشاريع والقوانين التي تُسهم بنقل البلاد من ضفة إلى أخرى”.
من أين لك هذا؟ .. إذ تشير ديمة أبو ديّة إلى أن تفعيل بعض القوانين يدفع بعجلة الإصلاح نحو الأمام وأبرزها قانون “الإثراء غير المشروع” ومنه تبدأ مشروعية المحاسبة، وهناك الكثير من القوانين تحتاج فقط للتحديث كي تتطابق مع الوضع الراهن ومتى بدأنا بتطبيقها بشفافية حكمًا ستكون النتائج وفقًا للتطلعات، وهذه الامور ستكون محل متابعة دقيقة منا سواء من داخل المجلس أو من خارجه.
تمرد وتحدي
تعتبر “أبو ديّة” أن ترشّحها هو فعل تمرّد وتحدّي ليس لنكران طائفتي “الشيعية” بل للتأكيد على “شيعيتي اللبنانية” وانتمائي الوطني لأنني أحمل مشروعًا وطنيًا وهو ليس مشروع فئة أو طائفة على حساب فئة أخرى أو طائفة ثانية، ويقيني أن ما سأناله من أصوات في صناديق الاقتراع لن يقتصر على الأصوات الشيعية بل ستكون أصوات وطنية من كل الشرائح البقاعية على تنوعها، وأنطلق من هذا المنحى الوطني الغالب على أي منحى آخر، نحتاج الفكر الوطني ليتصدى للفكر الطائفي أو الفكر المغلق، وسنقاوم خطف إرادتنا وقرارنا وإلحاقهما بجهات معينة، إذ كيف سنستعيد لبنان إن لم يكن قرارنا وطنيًا خالصًا؟.
ترشّحي هو فعل تمرّد وتحدّي ليس لنكران طائفتي “الشيعية” بل للتأكيد على “شيعيتي اللبنانية” وانتمائي الوطني لأنني أحمل مشروعًا وطنيًا وهو ليس مشروع فئة أو طائفة على حساب فئة أخرى أو طائفة ثانية
وتؤكد أبو ديّة أنها أخذت “رد الفعل السلبي” تجاه ترشحها من محيطها برحابة صدر لأنني من دعاة الديمقراطية وقبول الآخر وحرية إبداء الرأي وهذا حق يصونه الدستور اللبناني، والترشح حق مكفول لكل لبناني وله كامل الحق باتخاذ الموقف الذي ينسجم مع قناعاته ورؤيته السياسية.
وتؤكد “أبو ديّة” أنها مرشّحة مستقلة بالرغم من تحالفها مع “القوات اللبنانية” لأنها ترى بمشروع القوات مشروعًا وطنيًا وتحالفي ينبع من التزامي بالقرار الوطني، فالقوات اللبنانية تملك مشروعًا وطنيًا وتملك برنامجًا واضحًا يتماشى مع تطلعاتي ورؤيتي وينطلق من رؤية إعادة بناء الدولة، والاستقلالية التي أتمتع بها هي بعدم انتمائي لأي حزب بما فيها القوات اللبنانية، وسأتماهى في حال الفوز مع أي مشروع وطني وهذا ما أكدت عليه في خطاب ترشّحي.
وتعتبر “أبو ديّة” أن الهدف هو خدمة الوطن ضمن أطر جديدة ومختلفة تضع لبنان على عتبة مرحلة جديدة، أتفق مع القوات في النظرة لمشروع بناء الدولة السيادية والحيادية وهنا بيت القصيد، لأن الوضع الراهن مؤلم جدًا ويجب أن نسعى جميعنا لفرض إرادة التغيير.
وترى أبو ديّة أن “قانون الانتخاب” الحالي وضع على مقاييس معينة وما بلغناه من تردّي في أحوالنا هو نتيجة هذا القانون، ويجب العمل على إعادة النظر بهذا القانون والبحث عن قانون آخر أكثر عدالة ويتيح الفرصة للتغييريين بالوصول إلى البرلمان، ولا شك بأن هذا القانون يقف عائقًا في وجه تطلعاتنا وأحلامنا ومشاريعنا لأنه يجعلنا أسرى له ولتفاصيله ولا يساعد على إيصال وجوه جديدة تساهم في عملية التغيير المطلوبة، بل يساعد هذا القانون على إعادة إنتاج الوجوه ذاتها تقريبًا لا سيما طائفيًا إلا في بعض المحطات، وأنا من دعاة إلغاء الطائفية السياسية ومع لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي.
وتشير أبو ديّة إلى يقينها أن فرصة التغيير قائمة لأن أهل زحلة والبقاع الأوسط يملكون إيمانًا عميقًا بما طرحه الإمام المغيب السيد موسى الصدر وحلم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومفاهيم الزعيم الراحل كمال جنبلاط والحياد الذي طرحه غبطة البطريرك الراعي، هذه العناوين ليست مجرد أفكار بل هي نهج سوي لبناء الوطن.
١٧ تشرين الحلم
تقول “أبو ديّة”: “مع انطلاقة ثورة ١٧ تشرين تأملنا فيها خيرًا وارتفع لدينا منسوب التفاؤل بولادة لبنان جديد كما نحب ونريد، لكن للأسف الثورة أصابها التشتت والشرذمة وتحكمت “الشخصانية” فيها لأسباب كثيرة تبدأ بمصالح شخصية ضيقة وهذا ما شهدناه في لبنان عمومًا وفي دائرة البقاع الأولى خصوصًا جرّاء ولادة لوائح كثيرة ضربت الأهداف الرئيسية لثورة ١٧ تشرين في الصميم، فبدت وكأنها “ثورة” على “ثورة” وضاعت أحلامنا بإمكانية التوحد خلف رؤية واحدة.
مع انطلاقة ثورة ١٧ تشرين تأملنا فيها خيرًا وارتفع لدينا منسوب التفاؤل بولادة لبنان جديد كما نحب ونريد، لكن للأسف الثورة أصابها التشتت والشرذمة وتحكمت “الشخصانية” فيها.
تضيف في هذا الشق: “الثورة لم تنجح في خلق خلاصة وطنية متكاملة، ولو نجحت في هذا لرأيتم كل اللبنانيين يقفون خلفها ويدعمونها بكل قوة، لكن التفتت الذي ضرب بنيتها طاول أمالنا الكبيرة التي علقناها عليها، فالثورة هي ثورة على الفساد والاقطاعية واهتراء الدولة وإداراتها ومؤسساتها، لكن الشخصنة التي حكمت أفرقائها أوصلنا للصورة التي بلغناها خصوصًا في عملية تشكيل اللوائح” .
سلاح المقاومة
تؤكد “أبو دية” أن الاحترام لهذا السلاح وللتضحيات التي بذلت ولدماء الشهداء التي جبلت بتراب هذا الوطن، إضافة إلى المواقف الوطنية التي اتسمت بها المقاومة ذات فترة من تاريخ لبنان، لكننا اليوم بلغنا مرحلة نريد فيها الدولة، الدولة القادرة.
وتقول: “نريد الشرعية هي التي تحكم اللبنانيين كي نفتخر بانتمائنا لهذه الدولة، وتمتلك جيشًا قادرًا على حمايتنا، لجوءنا يجب أن يكون لمؤسسات الدولة بكل مرافقها وللأجهزة الأمنية الرسمية التي تستطيع بسط سلطتها على كامل مساحة الوطن، وعندما نستعيد الشرعية تكون الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل نحو لبنان الجديد”.
كسر للتقليد جاء ترشّح “ديمة أبو ديّة” وخروج عن النمطية التي كانت سائدة سابقًا، على أمل أن نحظى ذات يوم بقانون انتخاب عصري يتيح لها ولأمثالها المشاركة في صناعة التغيير.