رماح قبيسي تفتتح موسم الانتخابات وتترشّح لـ “مخترة” الدوير

زادت مؤشّرات إجراء الانتخابات البلديّة والاختياريّة بموعدها في أيّار (مايو) المقبل، بعد تأجيلها ثلاث مرّات ومرور نحو تسع سنوات على آخر انتخابات. هذا الاستحقاق الذي يمتزج فيه البُعد السياسيّ والعائليّ والمناطقيّ، يمكن أن يُشكل دفعًا جديدًا لإعادة إحياء البلديّات التي تحولت منذ الأزمة الاقتصاديّة في العام 2019 إلى مؤسّسات عاجزة عن تلبية الحد الأدنى من حاجات البلدات والقرى.
قرّرت رماح قبيسي ابنة بلدة الدوير في قضاء النبطية، وهي أمّ لأربعة أبناء، أن تكون أولى المرشّحات لخوض غمار هذه التجربة، إذ سارعت إلى إعلان ترشّحها عن أحد المقاعد الاختياريّة الأربعة في بلدتها، داعيةً النساء إلى الترشّح لهذه الانتخابات. تلفت قبيسي في حديثها لـ “مناطق نت”، إلى “أنّني كانت عازمة ومتحمّسة للترشّح منذ العام الماضي، ولكنّ ظروف الحرب التي أدّت إلى تأجيل الانتخابات حالت دون ذلك، لذا سارعت إلى هذا الإعلان بعد تأكيد المسؤولين إجراء الاستحقاق الانتخابيّ من دون تأجيل إضافيّ”.
لكسر الصورة النمطيّة
تنطلق قبيسي في ترشّحها من دافعين أساسيّين، أوّلهما أنّها خاضت خلال السنوات الماضية تجربة نضاليّة ناجحة، بعد أن حملت قضيّة إجحاف فواتير أحد المولدّات الكهربائيّة في البلدة، وشكّلت مجموعة من أبناء الدوير للوقوف في وجه هذا الأمر. أمّا الدافع الثاني فيستند إلى رؤيتها بضرورة “دفع النساء إلى خوض هذه التجربة، إذ ينبغي أن تتمثّل المرأة في هذه المواقع خصوصًا أنّ بلدة الدوير لم تشهد ترشّح أيّ امرأة من قبل”، مشيرةً إلى “ما حصل في الانتخابات السابقة إذ حاولت إحدى السيدات الترشح بيد أنّها جوبهت بضغوط كبيرة منعتها من ذلك”.
هكذا، تسعى قبيسي من خلال ترشّحها إلى “كسر الصورة النمطيّة، وفي حال نجاحي، سأكون أوّل امرأة تصل إلى موقع المخترة في منطقة النبطية”.
ردود فعل إيجابيّة
لا تتردّد قبيسي في تصنيف نفسها من ضمن “أنصار 17 تشرين”، وعلى رغم ذلك فإنّ ترشّحها “ليس ضدّ أيّ جهة وإنّما محاولة لتشكيل حال تهدف كي يصبح للنساء موقع وصوت داخل المجلس البلديّ والمخترة”، مضيفةً أنّها “لن تكون جزءًا من لائحة حزب الله – حركة أمل، بل ستكون مستقلّة أو ضمن لائحة مستقلّة، وكلّ ذلك بانتظار إعلان الترشيحات الأخرى”.
وتواجه قبيسي مشكلة تتمثّل في أنّ موقع “المخترة” عادةً ما يكون للعائلات الكبيرة في البلدة، في حين أنّ عائلتها ليست ضمن هذه الفئة، وهذا ما سيُضاعف حجم التحدّي.
لم تصغ قبيسي برنامجها الانتخابيّ بعد، إلّا أنّها ستسعى إلى إدخال المكننة قدر الإمكان في عملها، الأمر الذي يُسهّل معاملات المواطنين. وتلفت إلى أنّ ترشّحها لاقى ردود فعل إيجابيّة من قبل أبناء البلدة “إذ تواصل معي عدد من الوجهاء والفعاليّات ودعموني في خطوتي”.
تواجه قبيسي مشكلة تتمثّل في أنّ موقع “المخترة” عادةً ما يكون للعائلات الكبيرة في البلدة، في حين أنّ عائلتها ليست ضمن هذه الفئة، وهذا ما سيُضاعف حجم التحدّي.
عوائق أمام النساء لمواقع قياديّة
من جانبها، تُشير رئيسة جمعيّة “لاودر”، خلود الخطيب، في حديث لـ “مناطق نت”، إلى أنّ “مشاركة المرأة اللبنانيّة في العمل البلديّ والاختياري حقّ وضرورة لأنّه يحمل أبعادًا قانونيّة وسياسيّة ويُشكّل عاملًا مهمًّا للارتقاء بالمساواة بين الجنسين على مستوى رسم السياسات العامّة”. وتلفت إلى أنّ ذلك “يُشكّل أيضًا مسارًا أساسيًّا لتحقيق التنمية العادلة والشاملة والمستدامة، إذ من خلال هذا التمثيل تضمن وصول النساء إلى موقع صناعة القرار، مع الإشارة إلى أنّ هذا الوصول لا يكون فقط من خلال التمثيل الكمّيّ وإنّما ينبغي تهيئة البيئة العامّة المؤاتية لدمج قضايا لها علاقة في النساء بالسياسات العامّة”.
وحول العقبات التي تواجه النساء في الوصول إلى هذه المواقع، تؤكّد الخطيب أنّ “أبرز العقبات هو غياب السياسات الدامجة، وكذلك غياب الكوتا النسائيّة والوعي المجتمعيّ لأهمّيّة وصول المرأة إلى هذه المناصب، فضلًا عن وجود ثقافة ذكوريّة عامّة وصورة نمطيّة تعوق وصول النساء”. مضيفةً “لمواجهة ذلك ينبغي إقرار الكوتا والعمل على الصعيد الاجتماعيّ والثقافيّ لإزالة هذه التحدّيات، وإعادة تكريس مفهوم القيادة وخلق بيئة داعمة للنساء وتكريس الالتزامات الدوليّة للبنان في هذا الصدد”.
الجدير بالذكر أنّ الانتخابات البلديّة ستكون على أربع مراحل، إذ ستشمل أيّام الآحاد من شهر أيّار. وفي ما يتعلّق بالبلدات والقرى الحدوديّة التي تعرّضت لتدمير كبير فإنّ القرار لم يتّخذ بعد بإجراء العمليّة الانتخابيّة داخلها أو أنّ العوائق اللوجستيّة ستحتّم إجراءها في مناطق أخرى.