رولا الحسين المرشّحة لبلديّة اللوبية بمواجهة ثقافة التزكيةّ

في حيّ البيدر في بلدتها اللوبية تقيم الزميلة رولا الحسين منذ أربع سنوات، تمضي وقتها بين الرسم والكتابة، ومع اقتراب الاستحقاق البلديّ، قرّرت مع شابّين آخرين من البلدة نادر الأسعد وعلي شومر الترشّح بشكل مستقلّ، خارقين بذلك توجّه ثنائيّ “حزب الله” و”حركة أمل” لقرار التزكية.
تتعدّد الدوافع للترشّح للانتخابات، فلكلّ مرشّح دوافعه وأهدافه، عن ذلك تقول رولا لـ “مناطق نت”: “مع اقتراب موعد الانتخابات البلديّة، لاحظت سعي الثنائيّ حزب الله وحركة أمل فرض لوائحه بالتزكية، ليس فقط في اللوبية، بل في محافظتيّ الجنوب والنبطية بأكملهما. ونظرًا إلى أنّ اللوبية كسائر القرى تضمّ شرائح اجتماعيّة أوسع من التي يمثّلها هذا الثنائيّ، رأيت أنا ومجموعة من الأصدقاء أنّ نظام التزكية هذا، الذي يوحي بتوافق قد يكون مفتعلًا حتّى بين مكوّنات الثنائيّ نفسه، هو أمر غير منصف ولا يمثّل مختلف الشرائح”.
وتتابع رولا “لم نعد نقبل بهذا المنطق الإقصائيّ، لذا قرّرنا الترشّح احترامًا لحقّ أهالي البلدة في اختيار ممثّليهم بحرّيّة، بعيدًا من الإملاءات والوصايات. كذلك إنّنا نطمح إلى خلق مساحة مشتركة لجميع الأهالي، والمساهمة مع بقيّة أعضاء البلديّة للنهوض بالبلدة تنمويًّا وبيئيًّا واجتماعيًّا، بعيدًا من المظاهر والحسابات الحزبيّة”.

في حال الفوز
في حال الفوز هل ستستطيع رولا أن تحقّق ما تحلم به في ظّل بيئة مغايرة ومركزيّة شديدة وعقليّة تحكم المشهد البلديّ؟
هذا ما سألناه لرولا التي أجابت “إذا فزت بمقعد بمفردي، سأواجه صعوبة كبيرة في تحقيق أيّ شيء، إذ سأكون العضو المستقلّ الوحيد الذي يمثّل الأهالي ومصلحتهم لا الأحزاب في مجلس بلديّ مكون من تسعة أعضاء، بينما الثمانية الآخرون جميعهم حزبيّون. لا أعرف حتّى إن كان لديهم برنامج انتخابيّ، لأنّه لو كان لديهم برنامج واحد لنشروه كما فعلنا. أّما إذا فزنا مع زملائي في اللائحة نادر الأسعد وعلي شومر، فالأمر سيكون مختلفًا تمامًا، إذ لدينا برنامج يخدم جميع الأهالي، بعيدًا من المصالح الحزبيّة أو العائليّة، ويغطّي الجوانب البيئيّة والتنمويّة والثقافيّة والاجتماعيّة. سنتمكّن عندها مع بقيّة الأعضاء المنتخبين من تنفيذ عديد من المشاريع التي ستنشّط الحياة في اللوبية”.
البرنامج الانتخابي
إضافة إلى البنود الضروريّة والبديهيّة المتعلّقة بإصلاح الطرق والإنارة وإعادة التدوير، تقول رولا “يركّز برنامجنا على ضرورة إنشاء نادٍ مجتمعيّ يضمّ مكتبة وقاعات للدورات والدراسة، بإدارة شابّات وشبّان البلدة تحت إشراف البلديّة، لتعزيز العمل التطوّعيّ. سيكون المكان صديقًا للبيئة (خالٍ من التدخين، مع تقليل استخدام الورق، ويعتمد على الطاقة المستدامة)، ومجهّزًا لذوي الاحتياجات الخاصّة، وهو معيار سنسعى إلى تطبيقه في جميع المرافق العامّة، بالإضافة إلى إقامة سوق تعاونيّة لعرض منتجات الأهالي والحرف اليدويّة، مع دعوة القرى المجاورة إلى المشاركة. ضمان استدامة هذه الأنشطة واستقلاليّتها عن أيّ أجندات حزبيّة، ليشعر الجميع بالانتماء إليها”.
وتضيف رولا “الأهمّ ولضمان التأسيس إلى تواصل مستدام شفّاف فنهدف أوّلًا إلى وضع آليّة تواصل فعّالة بين الأهالي والبلديّة، تضمن مشاركتهم في صنع القرار ومراقبة الميزانيّات والمشاريع، مع الشفافيّة الكاملة التي تضمن وجود محاسبة بالإضافة إلى تكافؤ الفرص بين الجميع”.
عن الرسالة التي أرادت رولا إيصالها من خلال ترشّحها تقول: “رسالتي تكمن في سبب ترشّحي: التذكير– وتحديدًا تذكير أنفسنا لأنّنا نحن أيضًا نسينا– في أنّ العمل البلديّ ليس حكرًا على أحد، والترشّح كما الانتخاب حقّ يجب ممارسته، وأنّنا كأهالٍ لن نسمح بتهميش دورنا في الترشّح والانتخاب عبر فرض ثقافة التزكية. ونحن مدينون بأن نثبت عمليًّا هذا الحقّ، على الأقلّ بأن نخطو خطوة الترشّح هذه، كي نصدِّق أنفسنا قبل أن نطلب من الآخرين تصديقنا، وحتّى تتحوّل ثرثراتنا إلى مواقف عمليّة مثبتة”.
بين اللوبية وبدارو
أسبوعيًّا تزور رولا منطقة بدارو في بيروت، تمارس طقس المقهى وتلتقي بأصدقائها هناك. عن ذلك الطقس الأسبوعيّ تقول رولا: “أستمتع في بدارو بجوّ مختلف عن هدوء الضيعة. عندما أكون في بدارو أو بيروت، لا أبحث عن هدوء القرية، لأنّني أكون بحاجة إلى طاقة مختلفة. بالمقابل، كذلك فإنّني لا أبحث عن أجواء بيروت أو بدارو في اللوبية”.
ما تطمح إليه رولا في ضيعتها اللوبية “هو استعادة المساحة الفنّيّة والثقافيّة التي غُيّبت عن نشاطاتها وحياتها اليوميّة، كما هو الحال في معظم القرى والبلدات الجنوبيّة الأخرى. إلّا أنّ هذه المساحة كانت حاضرة في الماضي وهي ليست حكرًا على بيروت حتّى أنقلها منها إلى قريتي، فلطالما لعبت المراكز الثقافيّة والفنّيّة دورًا أساسيًّا في بلداتنا وقرانا، وهذا بالضبط ما نسعى إلى إحيائه من جديد.
