قانون تشريع زراعة الحشيشة متى تصدر مراسيمه التطبيقية؟

منذ سنوات خمس ينتظر أبناء البقاع الشماليّ تحديدًا، تنفيذ قانون تشريع زراعة “الحشيشة”، وإصدار مراسيمه التطبيقيّة، ليتسنّى لهم اعتماد هذا النوع من الزراعات كمادّة أساسيّة تساهم في نموّ منطقتهم اقتصاديًّا، وتحسين أوضاعهم المعيشيّة ورفع مستوى العمل، بما يؤمّن لهم مداخيل ماليّة تساعدهم في مواجهة التحدّيات الاقتصاديّة الصعبة التي يعانون منها.

أبناء المنطقة الذين يستعجلون وضع القانون موضع التنفيذ توّاقون إلى الزراعة “المقوننة”، التي تكون تحت إشراف ورقابة وعمل الدولة، كي ينصرفوا إلى الاهتمام بها، وفق المعايير والطرائق والمراحل المعتمدة عالميًّا، من أجل الوصول إلى الأغراض المنشودة من زراعة القنّب الهنديّ.

قانون الترخيص

بتاريخ الـ 28 من أيّار (مايو) سنة 2020 أقرّ مجلس النوّاب اللبنانيّ القانون رقم 178 “الرامي إلى الترخيص بزراعة نبتة القنّب للاستخدام الطبّيّ والصناعيّ”، بعدها، نُشر القانون في الجريدة الرسميّة بتاريخ 4/6/ 2020.  تألّف القانون من 38 مادّةً شرحت خصائص نبتة القنّب والموادّ الناتجة عنها كالألياف للاستعمال الصناعيّ والزيوت والمستخلصات والمركّبات المستخدمة للأغراض الصيدلانيّة والطبّيّة والصناعيّة.

وتحدّثت الموادّ عن إنشاء الهيئة الناظمة لزراعة هذه النبتة، على أن تكون متمتّعةً “بالشخصيّة المعنويّة وبالاستقلاليْن الماليّ والإداريّ” وأن يكون لها صلاحيّات الرقابة والترخيص، للمنشآت والعمليّات المنصوص عنها في القانون، وتتولّى المهام الخاصّة بزراعة النبتة والعلاقة مع المزارعين وتقديم كلّ ما يحتاجون إليه من مرحلة الزراعة حتّى مرحلة التصنيع.

وذكرت “الأسباب الموجبة” لترخيص نبتة القنّب، حيث يزداد التوجّه عالميًّا إلى تنظيم وتشريع زراعة هذه النبتة نتيجة الاكتشافات والأبحاث العلميّة والفوائد الطبّيّة الكبيرة، والثورة التي سيحدثها على المستوى الصناعيّ عالميًّا.

لذا تبرز الحاجة إلى أن ينحو لبنان هذا المنحى، ويواكب ما يحصل عالميًّا، من تنظيم زراعة القنّب، وظبتها بما يشكّل مرفقًا منتجًا للخزينة، إذ من المنتظر أن تسهم مداخيل القنّب في زيادة الناتج المحلّيّ سنويًّا، لتشكّل خيارًا ورافدًا اقتصاديًّا ومادّيًّا للدولة. عدا عن فرص عمل عديدة وآفاق جديدة سيقدّمها تطبيق هذا القانون على المستويات الزراعيّة والصناعيّة لا سيما في مناطق الأرياف.”

يزداد التوجّه عالميًّا إلى تنظيم وتشريع زراعة نبتة القنّب نتيجة الاكتشافات والأبحاث العلميّة والفوائد الطبّيّة الكبيرة، والثورة التي سيحدثها على المستوى الصناعيّ عالميًّا.

تأخير المراسيم التطبيقيّة

وعلى الرغم من مرور خمس سنوات على إقرار قانون الترخيص لزراعة القنّب في المجلس النيابيّ، إلّا أنّ القانون لم يسلك طريقه إلى التنفيذ بسبب غياب المراسيم التطبيقيّة، وهو ما يحول دون الوصول إلى خواتيمه المرجوّة.

وتقدّر المساحات التي تُزرع بالقنّب الهنديّ في البقاع بنحو ستة آلاف دونم وذلك بحسب المزارعين في المنطقة الذين يؤكّدون لِـ “مناطق نت” أنّ “هذا النوع من المزروعات ينتشر في البقاع الشماليّ، أيّ منطقة الهرمل والمنطقة الممتدّة من بلدة السعيدة غربيّ بعلبك حتّى بلدة دير الأحمر التي تشكّل الثّقل الزراعيّ لنبتة القنّب الهنديّ مع بلدة اليمّونة في المنطقة المذكورة”.

“وعلى الرغم من محدوديّة عدد مزارعي “الحشيشة” فإنّ المردود الاقتصاديّ لهذه الزراعة تستفيد منه شريحة واسعة من المواطنين من خلال ما تشمله هذه الزراعة من عناصر عمّاليّة عديدة” وفق إشارة المزارعين.

يبدأ مزارعو نبتة القنّب الهنديّ في البقاع عادةً في آذار (مارس) بالزراعة، لكن لم يزل بعضهم يتريّث، على أمل أن يطبَّق قانون تشريع زراعة القنّب لتصبح زراعتهم قانونيّةً ومشروعةً. وفي هذا الإطار يقول محمّد (اسم مستعار) وهو أحد مزارعي الحشيشة في المنطقة إنّه أجّل زراعته حتّى اليوم “متأملًا خيرًا بالحكومة الجديدة التي أعطتنا فرصةً من الأمل بأن يسلك قانون التشريع طريقه نحو التنفيذ وبهذا نصبح شرعيّين ولا نخاف من الإتلاف او الملاحقة القانونيّة.”

ويشير محمّد لِـ “مناطق نت” إلى أنّه يزرع سنويًّا مئات الدونمات من القنّب الهنديّ “مع وجود خطر علينا، إذ كنّا نزبّط حالنا حينًا، وأحيانًا ما تزبط معنا”. ويضيف بأنّ أبناء البقاع “ليسوا كأبناء المدن، فلا معامل ولا مصانع ولا مؤسّسات في منطقتنا ليعمل شبابنا فيها، وتبقى الزراعة هي المنفذ الوحيد للعيش”. مطالبًا بتعزيز القطاع الزراعيّ في البقاع وزراعة الحشيشة واحدة منه، لأجل النهضة الاقتصاديّة في المنطقة.”

متابعة تنفيذ القانون

منذ تاريخ إقرار قانون الترخيص لزراعة القنّب قبل سنوات وإبقاء إصدار المراسيم التطبيقيّة مجمّدًا حتّى تاريخ مجهول لم تتابع أيّة جهة حزبيّة أو سياسيّة في المنطقة أو غيرها من المناطق الموضوع. وفي هذا الإطار يشير رئيس لجنة الصحّة النيابيّة، عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب الدكتور بلال عبدالله الذي كان ضمن اللجنة النيابيّة التي صوّتت على قانون تشريع نبتة القنّب الهنديّ العام 2020 أنّه اليوم أثار موضوع القانون مع الرئيس نبيه برّيّ خلال زيارة له في قصر عين التينة.

وأكّد معه ضرورة الإسراع في اصدار المراسيم التطبيقيّة الخاصّة بالقانون داخل الحكومة الجديدة. وأضاف لِـ “مناطق نت” أنّه تحدّث أيضًا مع وزير الزراعة حول هذا الموضوع الذي يعود إليه البدء بطرح المراسيم التطبيقيّة على طاولة مجلس الوزراء والسير بها وفق الخطوات القانونيّة المتّبعة.

المزارع محمد (اسم مستعار): أبناء البقاع ليسوا كأبناء المدن، فلا معامل ولا مصانع ولا مؤسّسات في منطقتنا ليعمل شبابنا فيها، وتبقى الزراعة هي المنفذ الوحيد للعيش

ويوضح أنّ “قانون تشريع زراعة القنّب الهنديّ يوفّر للخزينة اللبنانيّة مليار دولار سنويًّا، فضلًا عن أنّه ينصف المزارع ويمنع احتكار هذه الزراعة بيد عدد من التجّار، ويحدّ من النزوح البقاعيّ، ويؤمّن فرص عمل كبيرة للبقاعيّين ويثبّتهم في أرضهم”.

من جهته تبنّى “اتّحاد جمعيّات بعلبك الهرمل” القضيّة، وأخذ على عاتقه الضغط من أجل إنجاز المراسيم التطبيقيّة ووضع القانون موضع التنفيذ. وفي هذا السياق يقول أمين سرّ “الاتّحاد” مرحب حميّة “إنّنا وفي ظلّ تجاهل فاعليّات البقاع النيابيّة والوزاريّة موضوع قانون الترخيص لزراعة القنّب كونه يؤثّر على وجودهم الشعبيّ وحضورهم الخدماتي المعدوم، ومن أجل إبقاء أبناء المنطقة في حال الحاجة والعوز لفرض هيمنتهم عليهم، قمنا نحن كاتّحاد جمعيّات بعلبك الهرمل بتبنّي القضية كونها قضيّةً وطنيّةً وحتّى قوميةًّ لأنّها تنهض بالبقاع وبلبنان اقتصاديًّا وصناعيًّا”.

ويضيف لِـ “مناطق نت”: “قمنا على مدى سنتين بزيارة عدد من الكتل النيابيّة من أجل دعم القانون وإقراره في مجلس الوزراء، حيث أكّد لنا بعضهم أنّ هناك جهات حزبيةً تمنع القانون من الوصول إلى التطبيق لغايات سياسيّة”.

ويؤكّد حميّة “أننا كاتّحاد جمعيّات بعلبك الهرمل نسعى بكلّ الاتّجاهات إلى الضغط على الحكومة لطرح إصدار المراسيم التطبيقيّة في أقرب جلسة للحكومة، وكذلك تعيين الهيئة الناظمة لنبتة القنّب. ولقد تواصلنا مع رئيس الحكومة لزيارته قريبًا كي نطرح المشروع ونبتّ بآليّة تنفيذه”. ويختم حميّة لافتًا إلى وجود دراسات أجنبيّة تقول “إنّ الماليّة اللبنانيّة سوف تستفيد بشكل كبير من مشروع زراعة القنّب، وتقدّر المبلغ الذي ستجنيه سنويًّا بمليار دولار، وأنّ هناك شركات دوليّةً جاهزةً لبناء المعامل واستخراج المواد الصحّيّة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى