لاجئون سوريّون جنوب لبنان ضحايا العدوان والاستهداف

تفاقمت في الشهر الأخير الاستهدافات الإسرائيليّة للاجئين السوريّين في الجنوب، إن في أماكن سكنهم أو عملهم، أو في خلال تنقّلهم على الطرقات الجنوبيّة والبقاعيّة، حتّى تلك البعيدة عن خطوط النار الأولى، فسجّل سقوط 18 شهيدًا سوريًّا بينهم ثمانية أطفال على الأقلّ وامرأة واحدة، ونحو عشرين إصابة، استهدفوا بين مناطق الجنوب والبقاع والشوف وغيرها.

أفق نزوح مسدودة

يلاحظ المتابعون تزايد الاعتداءات الإسرائيليّة لا سيّما في النصف الثاني من تموز (يوليو) الماضي ومطلع آب (أغسطس) الجاري على السوريّين اللاجئين أصلًا من بلادهم إلى جنوب لبنان بعد الحرب الداخليّة التي انطلقت شرارتها في العام 2011 وتكاد لا تنتهي حتّى اليوم، وحاول كثر منهم النزوح إلى خارج الجنوب في الأسابيع الأولى لبدء الحرب على غزّة ثمّ على جنوب لبنان، غير أنّهم لم يتمكنوا من البقاء خارج الجنوب لأسباب عديدة، منها تعطّل أعمالهم أو تراجعها، ورفض المخيّمات السوريّة في مناطق البقاع استقبالهم وهي تعجّ بالنازحين أصلًا.

إضافة إلى عدم توافر فرص عمل لهم في مناطق النزوح أو خارج الجنوب نظرًا إلى وجود عمال سوريّين آخرين فيها، لذا لم يكن أمامهم من بدّ غير الصمود في أماكن إقامتهم، طبعًا في البلدات والقرى التي تعتبر في الخطوط الخلفيّة وأكثر أمنًا من المناطق الواقعة على خطّ المواجهة الأوّل بين الناقورة الساحليّة وكفرشوبا وشبعا في أعلى مرتفعات جبل الشيخ. كذلك لم تتوافر للسوريّين المقيمين جنوبًا ظروف النزوح عينها التي توافرت للجنوبيّين أبناء القرى وسكّانها إن لجهة مراكز الإيواء أو السكن في شقق أو منازل منتشرة في مختلف أقضية الجنوب وخارجها.

مع الإشارة إلى أنّ الجنوبيّين النازحين الذين تخطت أعدادهم في المراحل السابقة من النزوح 100 ألف تلقّوا مساعدات ماليّة وعينيّة وأغطية وفرش وبعض التجهيزات البيتيّة من لجان الخدمات التابعة لحزب الله، ومن مجلس الجنوب وغيرها من وزارات الدولة اللبنانيّة وهيئاتها ومجالسها، ممّا خفّف عنهم بعض أعباء النزوح وساعدهم في استئجار بيوت موقّتة، فيما لم تتوافر للاجئين السوريّين بعض هذه المساعدات، لذا لم تكن أمامهم خيارات متاحة غير البقاء والصمود حيث هم، في القرى والبلدات الجنوبيّة، معرّضين باستمرار للتطوّرات الأمنيّة والعسكريّة وقد باتوا في عين الاستهداف.

درّاجات وصدف الموت

تحوّلت بعض وسائل النقل البسيطة التي يستخدمها العمّال واللاجئون السوريّون في تنقّلاتهم كالدرّاجات الناريّة وبعض السيّارات الخفيفة إلى مصدر للموت بعدما راحت الطائرات الإسرائيليّة تستهدفها هنا أو هناك بشكل مباشر، أو في أثناء الإغارة على مواقع أو سيارات أو درّاجات تعتبرها أهدافًا عسكريّة، ما أوقع مزيدًا من الشهداء في كفرّرمان (النبطية) والحوش (صور) وجدرا (الشوف) والصويري (البقاع الغربي) والخردلي (مرجعيون) وعلى عديد من الطرقات.

تحوّلت بعض وسائل النقل البسيطة التي يستخدمها العمّال واللاجئون السوريّون في تنقّلاتهم كالدرّاجات الناريّة وبعض السيّارات الخفيفة إلى مصدر للموت بعدما راحت الطائرات الإسرائيليّة تستهدفها هنا أو هناك

تعتبر الدرّاجات الناريّة من وسائل النقل الرئيسة لأرباب العائلات السوريّة اللاجئة إلى جنوب لبنان، وكذلك بعض السيّارات القديمة والصغيرة، يتحرّكون من خلالها في نطاقات ضيّقة نحو مناطق أعمالهم التي كانت تتوزّع قبل الحرب بين الحقول الزراعيّة وورش البناء وخدمة مزارع الأبقار والمواشي والدواجن، وباتت تقتصر منذ اندلاع الحرب في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على الأعمال الزراعيّة غير الدائمة بعد توقّف ورش البناء في معظم مناطق الجنوب حتّى خارج المناطق الحدوديّة المعرّضة للعدوان، بانتظار هدوء المعركة وإعادة إعمار ما تهدّم.

في توثيق الاعتداءات

ونظرًا إلى تزايد الاعتداءات على اللاجئين والعمّال السوريّين وسقوط عديد من الشهداء والجرحى منهم، قامت “مناطق نت” بتوثيق مجريات الاعتداءات هذه بالأيّام والمواقع وحتّى الأسماء الممكنة، بعدما تعاملت كثير من المواقع والمصادر والمحطّات الإعلاميّة اللبنانيّة مع المصابين والشهداء السوريّين على أنّهم “سوريّون” وبالأرقام، كأن لا أسماء لهم يحملونها على غرار الشهداء اللبنانيّين المدنيّين والعسكريّين.

بعد أسبوعين على بداية الحرب وبتاريخ 22 تشرين الأوّل 2023، استهدف الإسرائيليّون شاحنة صغيرة في محلّة “غاصونة” في خراج عيترون وبليدا، كانت تقلّ عمّالًا سوريّين (سبعة عمّال) وسائقًا لبنانيّا ذهبوا لتفقّد مزرعة دجاج يعملون فيها بغية نقل مئات الطيور المهدّدة بلا طعام من المزرعة القريبة من الحدود في منطقة البطم. ما أدّى إلى إصابتهم جميعهم بجروح مختلفة بعدما حوصروا بالقصف والرمايات الرشّاشة من المواقع الإسرائيليّة القريبة في المالكيّة المحتلّة. وعملت فرق من الصليب الأحمر اللبنانيّ بالتعاون مع اليونيفل وبلديّة عيترون على إجلائهم ونقل المصابين إلى مستشفيات بنت جبيل.

وذكر “المرصد السوريّ لحقوق الإنسان” أنّه بتاريخ 20 كانون الأول (ديسمبر) الماضي استشهد طالب جامعيّ سوريّ يدرس في لبنان ويعمل على توصيل البيتزا بغارة جوّيّة إسرائيليّة جنوب لبنان…”؛ لكنّ المرصد لم يحدّد مكان الاستهداف في الجنوب ولا اسم الطالب.

شمع تشيّع شهداءها السوريّين

مساء الأوّل من آب الجاري استشهد عدد من المواطنين السوريّين وأصيب آخرون بغارة نفّذها الطيران الإسرائيليّ على منزل في بلدة شمع قرب الناقورة في جنوب لبنان، ما أدّى إلى استشهاد الوالدة فاطمة رجب الحجّي (40 عامًا) وأبنائها سليمان عبد المنعم الحجّي (21 عامًا) وشقيقيه محمّد (14 عامًا) وأحمد (12 عامًا) بعدما تحوّلوا إلى أشلاء، وجميعهم من قرية معر دبسة (سراقب- إدلب) وقد حضروا إلى بلدة شمع منذ نحو ثماني سنوات. كما أصيب عدد آخر من المواطنين اللبنانيّين (أربعة مصابين) في منزل مجاور تضرّر جرّاء القصف.

وقد شُيّع الشهداء الأربعة إلى جبّانة شمع حيث ووريوا في الثرى بعدما أمّ الصلاة على جثامينهم الشيخ إحسان دبوق.

آثار الغارة الاسرائيلية على بلدة شمع التي قضى نتيجتها نازحون سوريون (تصوير بلال قشمر)
أطفال ضحايا في أمّ التوت

سبق هذه الغارة، غارة استهدفت بتاريخ الـ16 من تمّوز الماضي أرضًا زراعيّة في بلدة أمّ التوت (أو أمّ توتة) التي تقع قرب بلدة مروحين (في القطاع الغربيّ) ما أدّى إلى استشهاد ثلاثة أطفال سوريّين هم من أبناء عفرين في محافظة حلب.

فقد أصاب صاروخ من مسيّرة إسرائيليّة منزلًا تقيم فيه عائلة من التابعيّة السوريّة- الكرديّة في محيط مدرسة بلدة أمّ التوت في قضاء صور، تسبّب في استشهاد ثلاثة فتيان سوريّين هم: محمّد شاهين جركس وشقيقه جان جركس وخليل محمّد خليل، وأصيب عدد من العمّال الذين يعملون في الزراعة. ونعت بلدية البستان الأطفال الثلاثة وجرت مواراتهم في جبّانة أمّ التوت.

وكتب فرع منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (اليونيسف) في لبنان، في منشور على منصّة “إكس”: “إنّ مقتل ثلاثة أطفال بضربة بينما كانوا يلعبون، كما ورد، أمام منزلهم في جنوب لبنان، هو أمر مروّع”.

وقبلها بساعات قليلة وفي النهار عينه، استهدفت مسيّرة إسرائيليّة عاملين سوريّين كانا على درّاجة ناريّة بين كفرتبنيت والخردلي (بين النبطيّة ومرجعيون) ما أدّى إلى استشهادهما على الفور وهما: عبد المطّلب عبد الفتّاح نانيس وحمزة مرهج شعبان.

سبق هذه الغارة، غارة استهدفت بتاريخ الـ16 من تمّوز الماضي أرضًا زراعيّة في بلدة أمّ التوت التي تقع قرب بلدة مروحين ما أدّى إلى استشهاد ثلاثة أطفال سوريّين هم من أبناء عفرين في محافظة حلب

شهيد في كفررمان

واستشهد الاثنين في 29 تمّوز الشاب السوريّ محمّد خلف (25 عامًا) متأثّرًا بجروح أصيب بها جرّاء غارة نفّذتها مسيّرة إسرائيليّة عصرًا مستهدفة درّاجة ناريّة على طريق “التابلاين” شمال كفررمان، وصودف مروره مع شابّ سوريّ آخر في سيّارتهما، فأصيبا بجروح وتمّ نقلهما إلى مستشفى “الشيخ راغب حرب” في تول، حيث فارق محمّد الحياة. وأصيب في الغارة ثلاثة مدنيّين لبنانيّين كانوا على شرفة منزل مجاور إلى سائق الدرّاجة.

شهداء في النجّاريّة

شنّ الطيران الإسرائيليّ غارتين على بلدة النجّاريّة الساحليّة الواقعة في قضاء صيدا مستهدفًا شاحنة صغيرة ومعملًا، وغارة أخرى على بستان في بلدة العدّوسيّة المجاورة، سبق أن استهدفته إسرائيل عند بدء التصعيد. وتبعد البلدتان نحو ثلاثين كيلومترًا عن أقرب نقطة حدوديّة مع فلسطين المحتلّة. أدت الغارات إلى سقوط ثلاثة شهداء، أحدهم لبنانيّ، إضافة إلى طفلين سوريّين.

ففي صباح السبت في الـ17 من أيّار (مايو) 2024 نفّذت مسيّرة إسرائيليّة ثلاث غارات على بلدة النجّاريّة (الزهراني- صيدا) استهدفت إحداها سيّارة القياديّ في حزب الله ووكيل الوقف في النجّاريّة حسين خضر مهدي ما أدّى إلى استشهاده. واستهدفت إحدى الغارات معمل أحجار “باطون” يملكه مهدي بجوار مبنى حسينيّة النجّاريّة، تسبّبت في استشهاد الطفلين السوريّين الشقيقين هاني عبدالله سليمان (14عامًا) وأسامة عبدالله سليمان (10 سنوات) حيث قضيا تحت ركام المعمل. ولاحقًا ووري الطفلان اللذان ولدا في النجّاريّة وكانا يدرسان في مدرستها في الثرى في جبانة البلدة بناء على طلب أهالي النجّاريّة.

شهيد الصويري

استهدفت مُسيّرة إسرائيليّة الأحد 24 آذار (مارس) سيّارة مدنيّة في منطقة الصويري في البقاع الغربيّ، ما أدّى إلى استشهاد شاب سوريّ يدعى محمود مصطفى رجب من مواليد العام 1988.

والسيارة المستهدفة كانت من نوع “رابّيد” زرقاء اللون تعود ملكيّتها إلى مواطن لبنانيّ يملك محلًّا لبيع المواد الغذائيّة. وأظهرت المشاهد احتواء السيّارة على موادّ غذائيّة.

الغارة على بلدة الصويري التي قضى فيها محمود رجب
شهيد في الحوش صور

الأربعاء في 13 آذار 2024 استشهد السوريّ مصطفى محمّد حنيف علّو، من مواليد 1996، بعدما أصيب صباحًا في أعقاب استهداف مسيّرة إسرائيليّة سيّارة في منطقة الحوش على طريق صور الناقورة قرب مفترق قانا، تعود إلى القياديّ في “كتائب القسّام” هادي مصطفى من مخيّم الرشيديّة (صور) ما أدّى إلى استشهاده. وصودف عبور علّو على درّاجته الناريّة في المكان فأصيب وما لبث أن فارق الحياة متأثرًا بجروحه، كذلك أصيب مواطن سوريّ آخر في الغارة.

شهيدا جدرا

في منطقة جدرا على ساحل إقليم الخرّوب شمال مدينة صيدا، استهدفت مسيّرة اسرائيلية سيّارة من نوع مرسيدس، وذلك قبل ظهر السبت في الـ10 من شباط (فبراير) المنصرم، والذي تزامن مع مرور درّاجة ناريّة على طريق تجاور كنيسة جدرا ومحطّة محروقات، وقد نجا سائق السيّارة فيما تسبّبت الغارة في استشهاد مدنيّين اثنين هما: خليل محمّد علي فارس لبنانيّ من مواليد بلدة عيترون (بنت جبيل) العام 1969 ويسكن في بلدة جدرا. أمّا الشهيد الثاني فهو محمّد العليّان، سوريّ الجنسيّة، ويقطن في بلدة برجا المحاذية لجدرا. وأصيب عدد من المواطنين عرف منهم: عبد فارس الغوش من بلدة برجا ويعمل في كاراج للسيارات، علي نصر الدين وهو عسكريّ في الجيش اللبنانيّ، وسامر عبد الحميد، فلسطينيّ الجنسيّة، يدير متجرًا لبيع المياه المعدنيّة في جدرا.

شهيد في أرنون

أدّى استهداف إسرائيليّ بواسطة مسيّرة مساء الثلاثاء الخامس من كانون الأول 2023 مزرعة لتربية الدواجن في المنطقة الواقعة بين بلدة أرنون (النبطية) ومجرى نهر الخردليّ، إلى استشهاد عامل سوريّ وجرح اثنين من أفراد عائلته.

وفي التفاصيل أنّ المدفعيّة الإسرائيليّة استهدفت بقذائفها مزرعة لتربية الدواجن تعود لمواطن من آل قاطباي ممّا تسبّب في استشهاد السوريّ خالد أبو عبدو وجرح اثنين من أفراد عائلته وهم يعملون ويقيمون في المزرعة المستهدفة.

وفي الـ15 من تمّوز الماضي قُتل شخصان سوريّان في غارة مسيّرة إسرائيليّة استهدفت سيّارتهما مساء على الحدود اللبنانيّة– السوريّة. وذكرت مصادر أمنيّة وإعلاميّة أنّ الغارة استهدفت رجل الأعمال السوريّ البارز براء قاطرجي مع مرافق له فاستشهدا على الفور.

غارة على بلدة الحوش في صور

وكان المستهدفان يستقلّان سيّارة تحمل لوحات لبنانيّة. وكانت وسائل إعلام سوريّة أفادت بمقتل رجل الأعمال ومرافقه (يحمل اللقب العائليّ نفسه)، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة استهدف سيارته في منطقة الصبّورة قرب الحدود السوريّة اللبنانيّة.

إصابات بين السوريّين

أطلقت مسيّرة إسرائيليّة صاروخًا على أطراف برج الملوك (مرجعيون) في الـ20 من تمّوز الماضي أصابت شظاياه أربعة أطفال سوريّين كانوا يعملون في حقول السهل القريب، ونقلوا إلى مستشفى مرجعيون الحكوميّ.

وأصيب أحد أطفال مخيّم السوريّين في إبل السقي بعدما لجأ مع ذويه إلى مزرعة دواجن قريبة من برج الملوك بحروق من الدرجة الثانية، بتاريخ الثامن من تمّوز، هو الطفل وسيم محمود شبلي البالغ 11 عامًا بعدما لمس بالونًا حراريًّا ألقته إحدى الطائرات الإسرائيليّة، ونقل إلى مستشفى مرجعيون الحكوميّ حيث عولج.

وبتاريخ الـ10 من شباط الماضي أصيب ثلاثة عمّال سوريّين بجراح مختلفة جراء سقوط صاروخ بقربهم أطلقته مسيّرة إسرائيليّة في محلّة مطلّ الخيام، ونقلوا إلى مستشفى مرجعيون للعلاج.

وأصيب عمال سوريّون في غارة مسيّرة استهدفت مصنعًا في بلدة الغازيّة جنوب مدينة صيدا عصر الإثنين في 19 شباط 2024.

المرصد السوريّ لحقوق الإنسان

وأصدر “المرصد السوريّ لحقوق الإنسان” (في الأوّل من أب/أغسطس الجاري) تقريرًا تحت عنوان “اللاجئون السوريّون في لبنان ضحايا الغارات الإسرائيليّة” جاء في حيّز منه:

“في خضم المعاناة المستمرّة، يتعرّض اللاجئون السوريّون في لبنان لواقع أليم يضاف إلى مآسيهم السابقة، فقد هربوا من جحيم الحرب المستعرة في سوريّا، عازمين على البحث عن الملاذ الآمن، إلّا أنّ الموت لاحقهم إلى حيث اعتقدوا أنّهم سيفرّون منه، فلا تميّز الغارات الجوّيّة الإسرائيليّة التي تستهدف الأراضي اللبنانيّة، بين مدنيّ ومسلّح، ولم يشفع لهم ما عاشوه من ويلات قبل هروبهم طلبًا للأمان، ليكونوا أولى ضحايا المواجهات المحتدمة بين إسرائيل و”حزب الله” اللبنانيّ، ويسقطوا شهداء بعيدًا من وطنهم”.

وأضاف التقرير: “ويتجلّى المشهد المأسويّ حين عائلات تفقد أفرادًا، مبدّدة بذلك آمالهم في حياة أفضل، هذا الموت الذي يذكّر السوريّين بألّا مفرّ منه حتّى خارج وطنهم، ويتجرعونه بشتّى الطرق على الحدود وفي البحار وفي الغابات خلال رحلات الهجرة وعطشًا في الصحراء، وأخيرًا نتيجة الغارات الجوّيّة الإسرائيليّة في لبنان”.

وختم التقرير: “يدعو المرصد السوريّ لحقوق الإنسان إلى ضرورة حماية اللاجئين السوريّين في لبنان، الذين اختاروا هذا البلد ملاذًا آمنًا لهم من ويلات القصف…. ويطالب المرصد بإبعاد هؤلاء اللاجئين عن تداعيات النزاعات العسكريّة التي يشهدها لبنان، من أجل ضمان سلامتهم وأمنهم”.

مأساة عائلة الحجّي

وفي العودة إلى مأساة عائلة الحجّي في شمع، يذكر الناشط السوريّ جمال “خ” أنّ العائلة المستهدفة “كانت عائدة لتوّها من العمل وجلست الوالدة فاطمة مع أبنائها الثلاثة سليمان ومحمّد وأحمد لتناول طعام الغداء وإذ بغارة للطائرات الحربيّة على مسكنهم الذي تحول إلى ركام ورماد والعائلة إلى أشلاء، ونحن لم نعرف بذلك إلّا بعد مرور نحو نصف ساعة، وأدّت الغارة كذلك إلى إصابة أربعة مدنيّين لبنانيّين في المنزل المجاور”.

ويشير في لقاء مع “مناطق نت” إلى أنّ زوجة سليمان هي الوحيدة التي نجت، إذ كانت في زيارة لأهلها في بلدة المروانيّة (الزهراني). ويؤكّد جمال ارتفاع نسبة استهداف السوريّين في الشهرين الأخيرين، وخصوصاً في شهر تمّوز الماضي ومطلع آب/أغسطس الجاري، ويتنقّل من شمع إلى أمّ التوت والخردلي وإلى كفررمان وعديد من المناطق االجنوبيّة والبقاع”.

أثناء الصلاة على جثامين الضحايا من اللاجئين السوريين في بلدة شمع (تصوير بلال قشمر)

ويشير قريب عائلة الحجّي وائل حسين الغنّام إلى أنّ “ربّ العائلة عبد المنعم الحجّي متوفّ منذ وقت بعيد، وكانت والدتهم الشهيدة فاطمة رجب تقوم برعايتهم وتربيتهم مع أشقّاء آخرين، هم الشاب إبراهيم البالغ 20 عامًا، وقد نجا من المجزرة بسبب وجوده في خارج البلاد، إلى جانب شقيقتين، واحدة متزوّجة وتسكن في لبنان والأخرى متزوّجة كذلك وتقطن في سوريّا. لقد هربت العائلة من الحرب منذ أكثر من ثماني سنوات لكنّ الموت بفعل الغارات الاسرائيلية كان لهم بالمرصاد هنا في جنوب لبنان وفي بلدة شمع التي ترعرع فيها الأبناء الثلاثة الشهداء”.

ويؤّكد الغنّام في حديث إلى “مناطق نت” أنّ شمع بعد هذه الغارة باتت خالية من سكّانها اللبنانيّين والسوريّين بعدما نزحوا جميعهم نحو بلدات قريبة من صور.

الأمم المتّحدة تركتنا لمصائرنا

ويتحدّث الناشط جمال عن “الظروف السيّئة التي تحوط السوريّين المقيمين جنوبًا، لا سيّما في القرى الحدوديّة التي اضطرّوا إلى مغادرتها والنزوح عنها إلى مناطق خلفيّة، فهم لا يتلقّون أيّ مساعدات ماليّة أو عينيّة، خصوصاً بعدما انقطعت عنهم منذ أشهر تقديمات الأمم المتّحدة، وقد أتت مساعدات ماليّة سمعنا أنّها مخصّصة للنازحين السوريّين في الحوش وعين بعال وحناويه في منطقة صور، لنحو 10 آلاف عائلة، كمساعدة من الأمم المتّحدة في ظروف الحرب، لكن أيّ عائلة لم تتلقَّ مبلغًا واحدًا، ونحاول الاتّصال بمكاتب الأمم المتّحدة للاستفسار، لكن، لا حياة لمن تنادي”.

ويؤكد أنّ السوريّين “ممّن كانوا يقيمون في المنطقة الحدوديّة نزحوا جميعهم وأتوا إلى بلدات في قضاء صور، بعدما تركوا منازلهم وهم من دون فرش وحرامات وغيرها، وانتظروا الجمعيّات التي ترعى أمورهم بالتنسيق مع الأمم المتّحدة أن تبادر إلى مساعدتهم، وبدلاً من ذلك توقّفت المساعدات الماليّة السابقة ومجمل تغطيات الأعمال الطبّيّة التي لا تدفع منها الأمم المتّحدة سوى 25 في المئة، وفقط في حال عمليّة القلب المفتوح بنحو 3000 دولار من أصل 12 ألفًا، أو الولادة التي ندفع منها نحو 450 دولارًا”. ويلفت ختامًا إلى أنّ لجان “حزب الله” تعوّض بتغطية بعض الكلف الصحّيّة وأمور الطبابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى