مرشحو “معاً نحو التغيير” ريحان وغندور: لدينا حاصلان ونسعى إلى الثالث
يؤكد المرشحان على لائحة “معاً نحو التغيير” في دائرة الجنوب الثالثة عن مقاعد قضاء النبطية الدكتور وفيق ريحان ووسيم غندور أن معركتهما هي بالسياسة أولاً، تنعكس من خلال الانتخابات التي يشكل الاستحقاق الانتخابي المزمع إجراؤه في الخامس عشر من أيار إحدى محطاتها. المرشحان المنضويان في اللائحة ويخوضان معركتهما الانتخابية وفق برنامجها يأتيان من خلفيات متنوعة، فالدكتور ريحان شيوعي سابق شارك في جبهة المقاومة الوطنية منذ انطلاقتها، سُجن في معتقل أنصار، لينصرف بعدها إلى التعليم ومن ثم إلى تحصيل شهادة الدكتوراه وبعدها إلى التفتيش المالي والتعليم الجامعي، وغندور رجل أعمال من عائلة اغترابية والده فؤاد غندور الرئيس التاريخي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم.
يشير الدكتور ريحان في معرض حديثه لـ “مناطق نت” أن الانهيار الذي نعيش تداعياته الآن، لم يبدأ في ١٧ تشرين أو حتى قبلها، بل هو مخاض ابتدأ في العام ٢٠١١ من خلال مسار اقتصادي ومالي ونقدي وسياسي انتهجته المنظومة الحاكمة، وأدى إلى تراكمات انفجر في ١٧ تشرين. ريحان شرّح الصورة عشية الثورة وأثناءها وبعدها بالقول إن أزمة مخيفة متعددة الأبعاد يشهدها البلد. فقد انقسم المشهد فيها إلى ثلاثة. الأول، هو السلطة بأحزابها والتي لا تبالي بالاصلاح ولا تملك رؤية له “وهي أصلاً أحزاب غير منسجمة متناقضة”. الثاني هي الأحزاب التي تصنف نفسها معارضة والتي من المفترض أنها تمتلك برنامجاً موحداً. أما الثالث فهم المنتفضون من الناس الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات ليعبروا عن وجعهم ومشاكلهم بشكل عفوي، في ظل غياب رؤية واضحة، كانت لا تزال هجينة وفي بداياتها.
خطوة أولى نحو الهدف
ريحان أشار إلى أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق قوى التغيير المنضوية في أكثر من ٢٠ لائحة على امتداد الوطن، وهي متقاربة في برامجها ورؤيتها للإصلاح. يتابع ريحان أنه من واجب هذه القوى أن تتوحد لتكون رافعة التغيير في المستقبل، وأن تتابع مسيرتها سواء نجح بعض مرشحيها في الوصول للندوة البرلمانية أم لا. وأكد ريحان أنه لو قُدر لحوالى ١٥ مرشحاً من تلك اللوائح الوصول إلى المجلس النيابي فإن ذلك سيحدث فرقاً في أداء المجلس، وستكون كتلة عابرة للطوائف والمناطق، تعادل الكتل الطائفية الأخرى وتصبح قوة مرجحة ووازنة تمنع الغلبة المطلقة في اتخاذ القرارات المصيرية والقوانين المهمة. وبذلك نكون خطونا خطوة أولى نحو الهدف المرتجى وهو إقامة الدولة المدنية. وهذا تحدٍ كبير يقع على قوى التغيير والذي يقضي بالتخلي عن أنانياتها، ونضوج الرؤية وتواضعها وعدم استباق الأمور، وخصوصاً فيما يتعلق بالانتقال إلى العلمنة بقفزة سريعة.
ووفق ريحان فإن إلغاء الطائفية من خلال المادة ٩٥ من الدستور يشكل هدفاً واقعياً، ومن ثم العمل على تعديلات دستورية تمهد الطريق إلى قيام الدولة المدنية، وصولاً إلى سن قوانين تؤسس لقيام أحزاب جديدة علمانية والتي من دونها لا قيام لدولة علمانية، وأيضاً وضع قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وفق ما نص الدستور بدوائر موسعة وليس كبرى يكون فيها لبنان ٥ دوائر انتخابية تعتمد القانون النسبي، يتم فيها فرز لقوى التغيير في كل محافظة.
د. ريحان: لو قُدر لحوالى ١٥ مرشحاً من تلك اللوائح الوصول إلى المجلس النيابي فإن ذلك سيحدث فرقاً في أداء المجلس، وستكون كتلة عابرة للطوائف والمناطق، تعادل الكتل الطائفية الأخرى وتصبح قوة مرجحة ووازنة تمنع الغلبة المطلقة في اتخاذ القرارات المصيرية والقوانين المهمة.
واعتبر ريحان أن أخطر ما في القانون الحالي هو مذهبيته حيث الصوت التفضيلي يذهب باتجاه ذلك وهو ما يتعارض مع الدستور. وأشار إلى أن معظم الأحزاب وبعضها يدعي بأنه مدني غير طائفي هو في الحقيقة طائفي ومناطقي. والخطير برأي ريحان المؤسسات التربوية والتي تحوّلت إلى “حوزات” دينية وامتدت إلى كل الطوائف سواء كانت إسلامية أم مسيحية. وروى ريحان تجربته في ذلك من خلال عمله في التفتيش حيث “الأدلجة” الدينية في المؤسسات التربوية تفشت بشكل خطير. وتطرق د. ريحان إلى الأحوال الشخصية التي اعتبر قانونها يقف حائلاً بوجه الوعي الوطني.
النقاط التي تحدث عنها د. ريحان اعتبرها جزءا من برنامج اللائحة وهي نقاط تتقاطع مع العديد من برامج اللوائح الأخرى المعارضة والتي أمل ريحان أن تكون البرنامج المستقبلي لقوى التغيير.
السلطة الفاسدة لا تختلف عن الصهيوني
من جهته أشار زميله في اللائحة المرشح وسيم غندور، أن معركته ليست وليدة الانتخابات بل ابتدأت منذ أربع سنوات وأكثر، أي ما قبل ١٧ تشرين وهي مستمرة بعد الانتخابات وصولاً إلى تحقيق الشعار الذي يهدف إلى التغيير. وقال غندور إن الاغتراب وخصوصاً الجنوبي منه دفع ثمناً غالياً حيث فقدت الناس جنى أعمارها في المصارف.
حول السقوف المتفاوتة في مواقف المرشحين ضمن اللائحة وتحديداً سلاح المقاومة، أشار غندور إلى أن التفاوت في المواقف هو تنوع ودليل غنى، “فنحن لسنا حزباً “توتاليتارياً” لدينا عقيدة واحدة، وإلا أصبحنا كأحزاب السلطة. غندور الذي اعتبر أن التنوع في اللائحة هو ثروتها ومصدر قوتها، أشار إلى أن هناك توافقاً أكيداً حول القضايا الوطنية، وهناك معايير وضعت وافق عليها الجميع.
المعركة غير متكافئة في الدائرة بين لائحة تمتلك إمكانات كبيرة وأخرى تخوض معركتها باللحم الحي. وعما إذا كان ذلك يؤدي إلى حالة إحباط لدى المرشحين ومناصريهم، يقول د. ريحان إن ذلك “ناسيينو وغير وارد في قاموسنا، فحين كان “الاسرائيلي” يقف على أبواب بيوتنا في بلداتنا وقرانا كنا “عم نلم” سلاح من البراري”. يضيف ريحان “كان لي الشرف أن أكون من بين أوائل المقاومين الذين شاركوا في تأسيس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية”. المعيار في ذلك يقول ريحان ليس بصعوبة الظرف بقدر ما هو في أحقية المعركة التي نخوضها “فشعبنا دفع ويدفع ثمناً باهظاً لسياسات السلطة الفاسدة، والأخيرة التي فعلت بشعبها ما فعلته لا تختلف عن ذلك الصهيوني الذي جاء لتدميرنا وقاومناه وتصدينا له”.
د. ريحان: حين كان “الاسرائيلي” يقف على أبواب بيوتنا في بلداتنا وقرانا كنا “عم نلم” سلاح من البراري وكان لي الشرف أن أكون من بين أوائل المقاومين الذين شاركوا في تأسيس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية”.
لا شك أن المعركة صعبة يقول ريحان “ونحن ندرس خطواتنا الواحدة تلو الأخرى. هذا مسارنا سنكمل به حتى النهاية مهما كان الثمن. البعض أطلق علينا “فدائيين” نظراً لصعوبة المعركة التي نخوضها، فبالأمس واجهنا إسرائيل واليوم نواجه إسرائيل الداخل”.
٢٧٠ مندوباً يحتاجه قضاء النبطية
أكثر من ٢٧٠ مندوباً يحتاجه قضاء النبطية لتغطية أقلام الاقتراع، وأيضاً إلى أمور لوجستية وإدارية وغيرها من التفاصيل. عن ذلك يقول وسيم غندور لـ “مناطق نت” إن الجهود منصبة الآن لتأمين ذلك، “فنحن تمويلنا ذاتي ومحدود ونفتخر أننا نواجه باللحم الحي دون مساعدة من أحد، “لا منصات ولا سفارات”.. نحن سياديون حقيقيون لسنا بحاجة لفحص دم من أحد”. عن تأمين مندوبين للصناديق يقول غندور إن ذلك تم من خلال متطوعين كثر، سنعمل من خلالهم على تغطية النسبة الأكبر من أقلام الاقتراع.
وحول المخاوف من حصول أعمال ترهيب وإشكالات أثناء عملية الاقتراع قال غندور “إسمها إنتخابات” وهي قائمة على المنافسة وتحكمها العملية الديمقراطية، وتشكل أبسط الحقوق التي من خلالها يعبّر المواطن عن رأيه وخياره. “نحن لسنا حالة مستوردة.. نحن أبناء هذه الأرض، ولا أحد يستطيع منعنا من ممارسة حقنا الطبيعي الذي كفله الدستور والقانون”.
غندور: لسنا حالة مستوردة.. نحن أبناء هذه الأرض، ولا أحد يستطيع منعنا من ممارسة حقنا الطبيعي الذي كفله الدستور والقانون.
حول مجريات المعركة الانتخابية والتوقعات يقول د. ريحان “إن خاصرة رخوة في جسم الخصم تتمثل بقضاء مرجعيون حاصبيا وتحديداً في المقاعد الثلاثة السني والدرزي والمسيحي، وأيضاً في النبطية احتمال الخرق بمقعد شيعي وهو المخصص لحركة أمل، ويبقى ذلك احتمالاً غير ثابت”. لكن يؤكد ريحان أن حاصلين ستنالهما اللائحة والعبرة في الأيام المقبلة”.
من جهته يصف المرشح غندور أن الوضع “ممتاز” فيما خص المزاج الانتخابي لدى الناس. فنحن بحسب غندور نلامس “مصائب” المجتمع ككل بما فيهم جمهور الأحزاب الذي عليه محاسبة قياداته وممثليه، فهم دفعوا الثمن أيضاً، والرهان يبقى بإقبال الناس على الاقتراع. وفي هذا الإطار يشير د. ريحان إلى أن انخفاض نسبة الاقتراع لن تتجاوز العشرة في المئة، وهي ليست في مصلحة اللوائح سواء كانت في جانب السلطة أم في جانب المعارضة. من هنا دعا ريحان إلى الاقتراع بكثافة، لأن مطلب التغيير بات حاجة ملحة وما ينتظرنا هو الأسوأ في حال لم يتم ذلك.
خلق دينامنية سياسية وكسر “التابو”
أجواء الانتخابات في دائرة الجنوب الثالثة التي تضم أقضية النبطية، بنت جبيل، مرجعيون حاصبيا، لم تشهد أعمال ترهيب كالتي حصلت وتحصل في بعلبك الهرمل أو في الزهراني صور. عن ذلك يقول غندور إن الوضع في الدائرة لا يزال مقبولاً، لكن هناك بعض التوجس لدى الناس التي تفضل الاقتراع بسرية تامة وفي أجواء مريحة وهادئة. يتابع غندور “ما نقوم به من خلال ترشحنا هو خلق دينامية سياسية في الجنوب، وكسر “التابو”. ضمانتنا في ذلك خطابنا السياسي الواضح، نزور القرى والبلدات و”راسنا مرفوع”، وليس لدينا “تحالفات مشبوهة”، ما لدينا هو محاكاة وجع الناس ومن ضمنهم جمهور الأحزاب.
وعلى عكس انتخابات العام ٢٠١٨ حيث كانت الاعلانات الانتخابية تملأ شوارع البلدات والقرى، فإن لا مظاهر إعلانية للائحة قوى المعارضة في الدائرة، حيث اكتفى القيمون على اللائحة الترويج لها على منصات التواصل الاجتماعي. ويعزو غندور السبب في ذلك إلى ارتفاع كلفة المطبوعات وعدم توفر الإمكانيات لذلك.
على بعد أيام قليلة من الاستحقاق الانتخابي، يبدو المشهد شديد الغموض في ظل انهيار خانق يعانيه البلد وفي ظل تطورات إقليمية ودولية ضاغطة، قد تخلط الأوراق في لحظات أخيرة. لكن من يتجول في بلدات وقرى الجنوب لا يرى مشهداً تحضيرياً كالذي كنا نشهده في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، ربما يعود ذلك إلى الهم المعيشي الذي أصبح أولاً عند الناس، وربما يعود إلى حالة اليأس التي يلمسها المراقب خلال تجواله والتي لا ندري إن كانت ستتبدل في اللحظات الأخيرة.