٧ ل١٠ مع عبّاس بيضون

أحد أبرز روّاد قصيدة النثر العربيّة، لا يحتاج إلى مقدّمات طويلة. لذا، نكتفي بالقول إنّنا في منزله، وبين لوحات لكبار الفنّانين العرب، وعلى كنبةٍ زرقاء، جلسنا مقابل الشاعر والروائي والصحافي اللبناني عبّاس بيضون.

طرحنا عليه سبعة أسئلة خفيفة ونظيفة، لا تتناول سيرته كشاعر، ولا تغوص في الأسئلة الوجوديّة المعقّدة، بل تحاول ببساطة أن تلتقط من حياته اليوميّة وتفضيلاته الشخصيّة صورةً أكثر قربًا عن صاحب ما يزيد عن ستّ عشرة مجموعة شعريّة وعشر روايات. وكانت البداية مع روتينه الصباحي:

●ما هو أوّل شيء تفعله في الصباح؟

غالبًا ما أبقى لفترة طويلة في السرير، أتعارك أنا والنوم.

●عمل فنّي (فيلم/ كتاب/ لوحة/ مقطوعة) لا تملّه أبداً؟

لا شكّ في أنّ هناك أعمالًا تبقى في الذاكرة، لكن كلّ الأشياء تنتهي بالملل.

●في أي وقت من اليوم تبدع أكثر؟

وقت الكتابة يتغيّر باستمرار. في فترة من الفترات، كنتُ أُفضّل الكتابة ليلًا، أمّا الآن فأجد صعوبة في ذلك.

في أيّامي هذه، أكتب غالبًا في منتصف النهار، لكن “منتصف النهار” يتغيّر من يوم إلى آخر: أحيانًا يكون في الصباح، وأحيانًا يتحوّل إلى العصر.

●أين تهرب عندما تحتاج إلى الإلهام؟

لا أعلم ما المقصود بالإلهام، ولا أعرف متى يأتي.
هناك أوقات نكون فيها أكثر استعدادًا للكتابة، إذا كان المقصود بالإلهام هو الكتابة نفسها.

هناك لحظات نشعر فيها بأنّ هناك ما نسمعه من بعيد. فالشِعر يتّصل بنوع من الوحي، هو الكلام الذي يصلنا ويتزاوج مقدرتنا، وكأنّه صوت يأتينا من فوق غيمة.

●ماذا تقول للمبتدئين في مجالك؟

لا أقول شيئًا. الموهوب، لا بدّ أن يصل، إذا كان حقًّا موهوبًا. فالموهبة تُلحّ علينا، والموهوبون يتقاتلون مع موهبتهم، حتى تنتصر عليهم.

●لو لم تكن شاعرًا ماذا كنت لتكون؟

لا أستطيع أن أتخيّل نفسي في مكان آخر. أنا أكتب لأنني لا أستطيع صنع شيئًا آخر. إذا توقفت عن الكتابة، أتوقّف عن الحياة.

●هل تغيّرت بيروت، أم ما زالت تشبهك؟

رغم أنّني مُقيم في بيروت، لكنني لم أُولد فيها، ولم أقضِ شبابي الأوّل فيها. جئت إلى بيروت في وقت كنت قد نضجت فيه، وبيروت التي وصلتُ إليها في باص، وقصدتُها وحيدًا لأتعرّف عليها، لا تُشبه بيروت الحالية. كانت بيروت مدينة كاملة. بيروت الحالية مدينة قيد الإعمار. هي بيروت انتقالية، عارمة بسكّانها وأنواعهم. هي دمشق، وهي أيضًا المخيّم، والجبل، والجنوب، والشمال. هي بيروتاتٌ متعددة، وكيان مُتفكّك ومتململ في كلّ لحظة، ومفاجئ دائمًا.

رغم أنّنا لم نتحدّث مع بيضون عن الشِعر بشكلٍ مباشر، كان كلّ ما قاله نوعًا من الشِعر. لم نُقلّب صفحات دواوينه، ولم نستدرجه للحديث عن آرائه في القضايا الأدبيّة المُلحّة. تركناه يروي، ببساطة، ما يفعله حين يستيقظ، ومتى يكتب، وماذا بقي من بيروت. وراقبناه يتحاور مع ذلك الصوت الذي يجيئه من فوق الغيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى