لزّاب الهرمل…أخوات الزمان
بومدين الساحلي
حيث لا تقدرُ بقيةُ الأشجارِ على البقاء بسبب ظروفِ المناخ القاسية، تعيشُ أشجارُ اللزّاب المعمّرة.
هي لا تنتظمُ صفوفاً ولا تتشابكُ غاباتٍ ولا تتماثلُ في الشكلِ كبقية الأنواع، بل تمارسُ كاملَ حريتِها وأناقتِها في تشكيلِ الفضاءِ الذي عاشَ على الدوامِ فرِحاً بها، فلكلِّ لزّابةٍ روايةٌ مستقلةٌ تماما عن حكاياتِ أخواتِها.
عبر آلاف السنين حرثت جذورُها الأفقيةُ الصخورَ التي تعيشُ فيها، كأنما تُبعِد عن تلك القساوةِ الوحشةَ والوحدةَ وتتركُ في شقوقِها ما تساقطَ من روحِها كي تمنحَ بعض النباتات الصغيرة فرصةَ البقاء والصمود.
عمرُ اللزابة التي بلغَ قطرُها 50 سنتمتراً يُقدّرُ ب 500 عاماً وفقَ أهلِ العلم، وعمر التي بلغتِ المترَ يناهز الألفين وربّما أكثر، أما التي أتمّت أمتارَها الأربعة فذلك زمنٌ يصعبُ تقديره لأنَّه دون شك أكبرُ من تاريخِنا المكتوبِ بآلافٍ من السنوات.
وآخرُ هذه العجالة أن اللزّابَةَ، وهي تتأمّلُنا من ارتفاعٍ يناهزُ 3000 متراً عن سطحِ البحر، تضخُّ الأوكسيجينَ من رئتيها بكرمٍ وشغفٍ لافتَيْن، كأنّما تقولُ لعارفيها :يكمنُ العيشُ في فضاءِ الحبّ، أحِبّوا تعيشوا.
(قبل عام أقمت معرضي الفوتوغرافي عن شجر اللزاب وغادرت إلى كندا مباشرة، أشكر كل الذين ساعدوني على إنجازه -وهم كثر- شكرا جما، وأتمنى مجددا أن يتم تشكيل هيئة وطنية للمحافظة على هذه الثروة النادرة، واليوم أضع هذا المعرض في متناول الجميع تعميما للفائدة).