ابن شمسطار محمد الحسيني بطل العالم بالقوى البدنيّة.. تعتيم إعلامي والدولة غائبة
أحبّ الرياضة وعشقها منذ نعومة أظفاره، وكان حلمه أن يكون بطلًا عالميًّا يفتخر به أهله ووطنه. وما أن بلغ السادسة عشرة من عمره حتى انطلق بمشواره الرياضيّ متدرِّبًا في أنديةٍ محلّيّةٍ مصمّمًا على المثابرة والاستمرار كي يصل إلى النجوميّة.
لقد استطاع محمّد أسامة الحسينيّ، الرياضيّ الشاب البقاعيّ اللبنانيّ، ابن بلدة شمسطار، البالغ من العمر ستّة وعشرين عامًا، بعصاميّته الرياضيّة، أن يُحرز المرتبة الأولى ببطولة العالم في القوّة البدنيّة- رفع اثقال، للسنة الثانية على التوالي، إذ فاز ببطولة كأس العالم لألعاب القوى البدنيّة التي جرت في الفترة من 3 إلى 9 شباط/ فبراير الجاري، في المركز الدوليّ للتنمية الرياضيّة بالمدينة الشبابيّة في شرم الشيخ (مصر) بمشاركة 22 دولة ونحو 500 متنافس.
“لقد صمّمت ووصلت وحقّقت ما أريده لنفسي ولوطني، وتمكّنت من أن أرفع رأس لبنان عاليًا أمام العالم”، بهذه الكلمات استهلّ “البطل” الحسينيّ حديثه لـ”مناطق نت” ليؤكّد أنّ “ما حقّقته هو إنجاز للبنان والعرب ولكل الأمّة، ولن أتوانى في الحفاظ عليه حتّى نثبت أنّنا أبطال ومعطاؤون، حتّى لو كنّا ننتمي إلى وطنٍ صغيرٍ بجغرافيّته وشعبه”.
التصميم والمثابرة
ويسرد الحسينيّ سيرته الرياضيّة فيقول: “في سنّ السادسة عشرة بدأت مشواريّ الرياضيّ بالتدرّب في صالاتٍ رياضيّةٍ في منطقتي البقاع، واشتغلت على نفسي كثيرًا بغية الوصول إلى مرحلة المشاركة في المباريات، إلى كانت باكورة نجاحي في العام 2019 بفوزي في بطولة البقاع في رفع الأثقال. ومنها حلمت بالأكثر وثابرت في التدرّب إلى أن حقّقت فوزي ببطولة طرابلس في العام 2020”.
ويضيف: “لقد وضعت الفوز العالميّ نصب عينيّ، فقرّرت المشاركة في مباراة عربيّة تمهيدًا للمباراة العالميّة، ونلتُ لقب بطل العرب في البطولة العربيّة التي جرت في مصر سنة 2021”.
محمد الحسيني: لقد وضعت الفوز العالميّ نصب عينيّ، فقرّرت المشاركة في مباراة عربيّة تمهيدًا للمباراة العالميّة، ونلتُ لقب بطل العرب في البطولة العربيّة التي جرت في مصر سنة 2021.
بعدها توالت البطولات صعودًا بإحرازه المرتبة الأولى في المباراة العالميّة العام الماضي “واحتفاظي بهذه البطولة التي جرت في مصر، قبل أيّام، محقّقًا لقب بطل كأس العالم لألعاب القوى البدنيّة للعام 2024، في مباراة شاركتْ فيها نحو 22 دولة منها: روسيا، إيطاليا، أميركا، أرمينيا، الهند، النمسا، صربيا، بريطانيا، هولندا، كازاخستان، منغوليا، نيجيريا، بّولندا، فنلندا، سوريّا، العراق، الجزائر، فلسطين، مصر، مولدوفا والأردن”.
ويشير إلى أنّه استطاع ان يصل إلى رفع ما مجموعه 720 كيلو غرامًا في أوضاع وحركات: “الإسكوات”، “بنش بلش”، و”ديتلفت”، ليكون الأوّل عالميًّا في ألعاب القوّة البدنيّة للعام الحاليّ 2024.
تعتيم إعلامي و”تطنيش” رسميّ
لم يحظَ البطل اللبنانيّ العالميّ محمّد الحسينيّ المنتمي إلى الاتّحاد اللبنانيّ للقوى البدنيّة “ALF”، في جميع بطولاته بأيّ دعم مادّيّ أو معنويّ من قبل وزارة الشباب والرياضة والاتّحاد اللبنانيّ للرياضة، وطوال مسيرته الرياضيّة التي تخطّت عشر سنوات “حتّى أنّني لم أستطع مقابلة الوزير المعنيّ برغم الوعود والاتّصالات المتكرّرة التي أجرى إحداها وزير الأشغال العامّة والنقل علي حميّة مع وزير الشباب والرياضة جورج كلّاس والذي اكتفى في ردّه بأنّ وزارته مفلسة ولا يمكنها الدعم بأيّ شيء”.
ثمّة تعتيم إعلاميّ “وتطنيش رسمي” على إنجازات محمّد الحسينيّ الرياضيّة، لا سيّما ما حقّقه أخيرًا من فوز عالميّ “هو نتيجة سياسة التفرقة المذهبيّة والمناطقيّة وحتّى العائليّة المتّبعة” يقول “البطل” الحسيني ويرى أنّ “ما حقّقته هو فخر وشرف للعرب وللبنان والبقاع ولبلدتي شمسطار، ويعزّ عليّ أن تستخفّ بلديتها مثلما فعلت الجهات الرسميّة، بفوزي وتتمنّع عن تكريمي أو حتّى المباركة اللغويّة”.
ويضيف: “إنّ حرماني من الدعم والتكريم، والاستخفاف بإنجازي العالميّ للسنة الثانية على التوالي، هو وصمة عار على جبين الدولة اللبنانيّة هذه، التي لا تهتمّ بعطاءات شبابها ونجاحاتهم، على نحو ما يتمّ في مختلف الدول العربيّة والغربيّة التي تحتضن أبطالها وتحوطهم بكلّ المحبّة والتقدير والاهتمام والرعاية والتكريم”.
من أجل دموع أمّي
لم يشأ محمّد الحسينيّ متابعة دراسته الأكّاديميّة، إذ تحوّل إلى الدراسة المهنيّة التي بدأها باختصاص الفندقيّة، ليعود وينتقل إلى اختصاص التربية البدنيّة، منهيًا سنتين من سنواتها الدراسيّة، بعدما دفعه عشقه للرياضة إلى افتتاح صالة رياضيّة، في مسقط رأسه شمسطار، قبل أن يبلغ السادسة عشرة بمعاونة عدد من زملائه. وقد تحوّلت هذه الصالة، بسرعة فائقة مقصدًا للشباب والشابات من البلدة والقرى المجاورة.
ويثني الحسيني على دور والديه “اللذين حينما اكتشفا ميولي للرياضة وشغفي بها، راحا يشجّعانني ويدعمانني، مادّيًّا ومعنويًّا برغم ضيق ذات اليد، لأنّهما أدركا أنّني أحمل في داخلي الثقة بالنفس وروح الصبر والمواظبة وأنّ طريقي إلى تحقيق النجاح والفوز مفتوحة على وقع إصراري”.
ويؤكّد أن فوزه هو مسؤوليّة كبرى تقع على عاتقه “فأنا مهما فعلت وبلغت، لن أنسَى دموع أمّي وهي تستقبلني في مطار بيروت في أثناء عودتي من البطولة. لقد حمّلتني مسؤوليّة فوق مسؤوليّتي، لذلك أعاهد نفسي أن أبقى محافظًا على هذا اللقب كي تبقى لأمّي فرحتها ويبقى لوطني فخره وعزّه بما حقّقت”.
ويَعد الحسينيّ “بأنّني سأبقى مواصلًا الطريق في مسيرتي الرياضيّة، وأن أحقّق البطولة الأكبر في العالم، ولن أعير أدنى اهتمام لعدم تقدير الدولة اللبنانيّة لنجاحي، لأنّ ما يهمّني هو وطني لبنان الذي مثّلته أمام العالم وفزت بلقب بطل لبنان العالميّ”.