البقاع الغربي وراشيا.. سقوط إشاعات التحالف.. الأزرق منفردًا
بدأت الحماوة الانتخابية في دائرة البقاع الثانية (البقاع الغربي وراشيا) ترتفع شيئًا فشيئًا، وتأخذ منحىً تصاعديًا مما يؤشّر إلى معركة سياسية حول المفاهيم التي تقوم عليها المنطقة بين النسيج السياسي المؤمن باتفاق الطائف والعيش المشترك وبين المعارض له بصورة ديماغوجية في المنطقة، قياسًا على رقعة الانتشار الحزبي فيها وبروز فعاليات عائلية واقتصادية لها حيّز وحضور لا يمكن التغافل عنه.
في البقاع الغربي وراشيا، العيون حكمًا تبقى مشدودة نحو “تيار المستقبل” لأنه صاحب القاعدة الشعبية الأكبر ليس على مستوى الطائفة السنية فحسب بل يتعدّى ذلك إلى بقية النسيج الجماهيري، وحال الترقب ترتفع تدريجيًا مع كثرة الإشاعات والأقاويل عن تحالفات قد تكون صادمة لهذه القاعدة، التي تنتظر عودة الرئيس سعد الحريري وحسم الأمور كي يبنى على الشيء مقتضاه.
لكن ما حقيقة الأمر؟ وهل هناك توجّه فعلي لهكذا تحالفات؟ أم أنها مجرّد لعبة اعلامية من جهات تبحث عن ضمان موقعها في المعركة القادمة؟
حتى اللحظة ووفقًا لكل التصريحات السابقة من قيادات التيار الأزرق، فإن المستقبل بصدد تشكيل “لائحة مستقبلية مستقلة” من دون تحالفات تقليدية مع الأحزاب الفاعلة في المنطقة، ومردّ ذلك لقدرة التيار على ضمان حاصلين انتخابيين “من دون جميلة حدا”، وقدرة التيار على ضبط الصوت التفضيلي بشكل كبير، وهذا ما أكدته انتخابات الـ 2018 نظرًا للتقارب في النتائج بين النائب الحالي محمد القرعاوي والنائب السابق زياد القادري.
هذا الأمر يضع البقية في خانة الحسابات الضيقة، فلا نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي يمكنه تجاهل هذا الأمر، ولا الوزير السابق حسن مراد (من المرشح أن يخوض الانتخابات بدلا عن والده) بمكنه اغفال هذه الحقيقة وصولا إلى النائب وائل أبوفاعور الذي يُلحظ له حركة ناشطة في الآونة الأخيرة .
هذا “الموزاييك” السياسي يجعل “المستقبل” يتمسك بموقفه أكثر فأكثر، طالما أنه يضمن حصته الحالية (نائبان) ويمكن له مع صياغة تحالفاته بشكل دقيق ومدروس أن يرفع الكسر للحاصل الثالث مما يتيح له الحصول على ثلاثة مقاعد زرقاء صافية، لأن التوجهات العامة للحريري تؤكد هذا القرار، وقيادة التيار تدرس جميع الخيارات المتاحة المبنية على برنامج المستقبل لبناء الدولة، وهي الركيزة الأساس لأي تحالفات بصدد صوغها للانتخابات المقبلة، وما يدور في الاعلام من إشاعات تظلّ في خانة الاشاعات لا أكثر.
مصادر متابعة للحراك الانتخابي أكدت لـ “مناطق نت” أن محاولات الفرزلي لصوغ تحالف عريض بشكل متناقض لا قواسم مشتركة بينهم يجمع كل الأطراف ذهبت أدراج الرياح لعدم إمكانية المزج بين خطابين ورؤيتين متناقضتين، بينما مراد يقف في منطقة “إجر بالبور وإجر بالفلاحة” يبحث عن منفذ للتقرب فيه من المستقبل من جهة، ويهاجم التيار الأزرق ويتمسك علنًا بالولاء للنظام السوري من جهة أخرى، لا يمكنه الخروج من تحت “كنف تحالفه” مع التيار الوطني الحر من ناحية وينظر إلى الرئيس بري والفرزلي واستحالة تحالفهم مع رئيسه جبران باسيل من ناحية ثانية، لذلك نرى الكثير من الاشاعات التي تطاول التيار الأزرق لأن قرار الحريري أربك الجميع بما فيهم حلفاء الأمس.
أما “المستقبل” فتشير المصادر حسمه لمسألة التحالفات، فلا أحزاب تقليدية بل تحالفات مستقلة قريبة من النهج الأزرق في رحلة بناء الدولة ومؤسساتها والحفاظ على “الطائف” كعقد اجتماعي حقيقي لا بدل عنه في الوقت الراهن، ولا تحالفات بعيدة عن الثوابت المعروفة ولا إمكانية للجمع بين فكر الدولة والمواطنة وفكر التبعية أو الالتحاق باصطفافات المحاور، وقد بدأت دوائر القرار في الدائرة الزرقاء بوضع خارطة الطريق لهذا السياق، بانتظار اللحظة المناسبة للاعلان عنها .
أما المجتمع المدني فتقول المصادر عينها أنه ورغم حضوره ترشيحا وعزما على خوض الانتخابات فإنه حتى اللحظة محدود الفاعلية على مستوى البقاع الغربي وراشيا لأن الأوزان التقليدية لم تتأثر بحراك 17 تشرين كثيرًا التي حافظت على رقعة انتشارها، ومن المحتمل أن نرى لائحتين للمجتمع المدني من باب تسجيل المواقف لا أكثر، لذلك فإن المعركة الانتخابية في هذه الدائرة ستظل تقليدية أسوة بما سبقها من معارك انتخابية.
تقف دائرة البقاع الغربي وراشيا على أهبة الاستعداد للدخول في المعركة الانتخابية، ويعمل الجميع على دراسة أبعاد الشارع سياسيًا مع ما سببه الوضع الاقتصادي من انعكاسات سلبية، بينما يبقى الخطاب الانتخابي هو الأبرز وما سيحمله من عناوين، فالجمهور في هذه الدائرة تحديدًا يقرأ في السياسة كثيرًا وبوسعه تغيير المعادلة بالنظر إلى الواقع الجديد الذي فرضته السنتين الأخيرتين، ويظل الأقرب إلى خطاب “منطق الدولة”، لأن الجمهور البقاعي يدرك أن أولى خطوات الخلاص تبدأ من الدولة.