“المهر” يهوي مع الليرة.. معدلات الزواج إلى تراجع والطلاق إلى ارتفاع

“راديو، كراسي عدد ٣، تخت موبيليا، خزانه، بوفاية، فرشة، مخدة ولحاف”.. كانت المهر المقدم لمريم عز الدين، من زوجها أحمد اسماعيل شعلان العام ١٩٦٠ (العباسية)، مدونة على ورقة، ومذيلة بتوقيع شاهدين. واستتبع المهر المؤجل بوثيقة رسمية صادرة عن كاتب عدل صور العام ١٩٦١ وقيمته ألف وثمانماية ليرة لبنانية.

ارتبطت المهور في غالبية المجتمعات بعقود الزواج. وهي تختلف بين مجتمع وآخر وفيها الكثير من العادات والتقاليد، التي ما تزال مستمرة بأشكال وأنواع مختلفة تماشيًا مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية.

مهر يعود إلى العام ١٩٦٠

مرت مهور الزواج الحديثة التي تعود لأكثر من قرن من الزمن، بعطاءات كانت محكومة بتطور المجتمعات الحضرية والعملة النقدية وقيمتها على السواء. فقد غلب في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي وصولًا إلى الثمانينيات منه على عقود المهور (الحجة) وخاصة المؤجل منها أراضي على وجه التحديد، ثم عقارات مبنية تقتسمه الزوجة العتيدة مع زوجها وكان في أغلب الأحيان أوضة ومنتفعاتها أي غرفة وحمام.

“المهر” يتهاوى مع الليرة

في الثلاثين سنة الماضية، كانت المهور المؤجلة تحدد بالليرة اللبنانية في أيام عزها وكان سقفها المتوسط والمتعارف عليه في البلدات والقرى الجنوبية بين خمسة وعشرة ملايين ليرة لبنانية. إلى أن دخل الدولار قبل أكثر من عشرين عامًا إلى حبر عقود الزواج والذي يتضمن مهر الزوجة. وتراوح بين عشرين إلى ثلاثين ألف دولار للطبقات المتوسطة والفقيرة.

مع الانهيار المريع لسعر الليرة مقابل الدولار والذي يشهده لبنان منذ سنتين، تغيرت المهور بنسبة كبيرة، وأصبحت الليرة اللبنانية في غالب الأحيان هي المعتمدة في ذلك. حتى المهور التي تعتمد بالدولار فإن سقفها المؤجل هبط من ثلاثين إلى عشرة آلاف دولار وأحيانًا إلى خمسة آلاف وأقل من ذلك بكثير. ومرد ذلك إلى الانهيار الاقتصادي المتواصل، الذي يتسبب أيضًا بتراجع معدلات الزواج والولادات على السواء، حيث أصبحت غالبية حالات الزواج تتم في الهجرة الموسمية المعاكسة للمغتربين إلى مدنهم وقراهم، من أوروبا وأفريقيا وأميركا. فيحركون عجلة الزواج كما الدورة الاقتصادية، في حين أن الشباب المقيم لا يقدم على خطوة الارتباط وتداعياتها المالية المكلفة. وذلك في ظل تعذر بناء أو شراء منزل وحتى إيجار شقة التي أصبح استئجارها يعادل راتب شهر وأكثر.

تلفت المحاكم الشرعية والروحية في كثير من المناطق الجنوبية وعدد من علماء الدين الذين يتولون إتمام هذه العقود، بأن معدلات عقود الزواج قد تراجعت أكثر من عشرين بالمئة، مقابل ازدياد حالات الطلاق والاشتباكات الزوجية، على خلفيات اقتصادية وحياتية خصوصًا.

حالات الطلاق إلى ازدياد

يؤكد رئيس لقاء علماء صور ومنطقتها الشيخ علي ياسين العاملي لـ “مناطق نت” أن المهر سواء المقدم منه، أو المؤجل ليس بالقلة ولا في الكثرة إطلاقًا ولا هو رقمًا. وأن بعض الأحاديث الشريفة تقول: إن عيب المرأة غلاء مهرها. وهناك كراهية في زيادة المهر. ملاحظًا تراجعًا في إعداد عقود الزواج ما بين ١٥ إلى ٢٠ بالمئة.

ويضيف الشيخ ياسين أن هذا الانكفاء يعود إلى أسباب اقتصادية وكثرة المتطلبات الاجتماعية والحياتية المتعددة. مؤكدًا أنه بالمقابل يسجل ارتفاع ملحوظ في نسبة حالات الطلاق المتعلقة أيضًا في جانب كبير منها بالوضع الاقتصادي، إضافة إلى عنصر وسائل التواصل الاجتماعي الذي يتسبب بحصول حالات طلاق وأزمات زوجية.

الشيخ علي ياسين العاملي

وختم الشيخ ياسين قائلاً “صحيح إن المهور تراجعت بالدولار، لكنها ما زالت موجودة، وهي ترتبط بالحالة الاقتصادية للشخص المقدم على الزواج. وهناك عقود زواج تتم بمهر مؤجل بثلاثين مليون ليرة أو خمس ليرات ذهبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى