لين رمال تفتتح مكتبتها في أنصار On Leen, Book Store.. العلاج بالقراءة
عكس التيار قررت لين رمال ابنة الـ 23 ربيعاً السباحة. والتيار الآن هو الانهيار الاقتصادي والمالي بالإضافة إلى جائحة كورونا، ومعهم لم يعد الكتاب أولوية للناس التي تلهث ركضاً وراء الرغيف والدواء والمحروقات والكهرباء وغيرهم الكثير من احتياجات الحياة ومتطلباتها. أيضاً الكتاب الورقي فقد بريقه في زمن طغت عليه التكنولوجيا وأصبحت القراءة فيه الكترونيًا. والذي زاد في الطين بلة ارتفاع أسعار الكتب المرتبطة بسوق الورق المسعّر بالدولار، إذ لم يعد بمقدور الكثيرين شراء الكتب وبات الخيار الرقمي هو الأمثل حيث تكثر المنصات والمكتبات الالكترونية التي تتيح تنزيل عناوين كتب عديدة في شتى المجالات.
لين التي تدرس الحقوق لم تكترث لكل ذلك، بدأت منذ العام 2019 العمل على مشروعها الخاص وهو افتتاح مكتبة للمطالعة في قريتها انصار، أطلقت عليها On Leen, Book Store فاختارت السوق التراثية مكانًا لها حيث استأجرت مساحة جيدة خصصتها لين لهذه الغاية.
ابتكارات بمساعدة الأصدقاء
تقول لين لـ “مناطق.نت”: “ان الأزمة الاقتصادية وارتفاع الدولار وجائحة كورونا كانوا السبب في تأخير افتتاح المكتبة من العام 2019 إلى أواخر العام 2021، فالعمل الذي كنا ننجزه خلال أسبوع أو شهر بات يحتاج إلى أسابيع وأشهر، لكن ذلك لم يثنِ من عزيمتنا وقررنا المضي في مشروعنا”. تضيف لين “كنا ننجز أعمال النجارة من مقاعد وطاولات ليلاً إذ كان أحد الأصدقاء يجلب عدة والده الخاصة بالنجارة، ويعمل على نشر الطبليات وإعادة تدويرها وتحويلها إلى مقاعد، والرسوم على الجدران نحن من قام برسمها بمساعدة صديق رسام. كنا نرسم كل شيء على الورق ومن ثم نقوم بتنفيذه على أرض الواقع، أما المخطوطات فهي للخطاط محمد عماد وعمه الأستاذ عياد عاصي”.
تتوسط المكتبة جدارية كبيرة استحوذت على مجمل مساحة الجدار، وهي كما تقول لين للتعبير عما يجول في خاطر القراء، أي “فشة خلق” إذ يمكن لأي شخص كتابة ما يحلو له، سواء فكرة خاصة أو اقتباس من رواية أو عبارة من كتاب. تتوسط الجدارية كلمات بخط كبير “اكتب وكأنه لا أحد سوف يقرأ”.
لين تحدثت عن الدافع لافتتاح هكذا مشروع فقالت “أحببت مشاركة الجميع حبي للقراءة والمطالعة خصوصاً أن الأوضاع الاقتصادية صعبة وباتت أسعار الكتب مرتفعة جداً، لذا رغبت أن يكون الكتاب في متناول الجميع، فنظام المكتبة لدينا يسمح بذلك من خلال الاشتراك الشهري الخاص بالمطالعة داخل المكتبة أو الإعارة خارجها، ويمكن للشخص استعارة العدد الذي يرغب به من الكتب شرط أن يعيد الكتاب السابق. كما رغبنا أن نوفر مكانًا هادئًا للمطالعة للقراء”.
تتسع المكتبة للعديد من القراء لكن لين قررت أن لا يتعدى عدد المتواجدين فيها الـ 15 شخصاً في اليوم إذ يتواجد أحيانًا من 4 إلى 5 اشخاص نهاراً وذلك حفاظًا على سلامة القراء في ظل جائحة كورونا وعلى الهدوء في الوقت نفسه.
للأطفال حصة
للأطفال أيضاً حصة وفيرة من مكتبة لين، وهي أعدّت لهم برنامجًا خاصاً، وذلك ابتداءً من مطلع شهر شباط المقبل، إذ سيتم استقدام حكواتي يقص عليهم القصص ومن ثم مناقشتها ومحاولة أدائها من جديد من قبل الأطفال، وذلك من أجل تنمية القدرات التواصلية لديهم. ومن أجل تعزيز هذا القسم تخضع لين حالياً في احد المراكز التربوية لدورة خاصة في القصة العلاجية، (البيبلوتيرابيا). وبعد نيلها الشهادة ستتمكن لين من مساعدة الأطفال الذين يعانون من العزلة أو من أي سلوك غير سوي من خلال إخضاعهم لجلسات متخصصة.
تقول لين “تساعد القصص على تنمية التقييم الذاتي عند الأولاد وتساعدهم في التعامل مع ميولهم ورغباتهم التي تميل للعنف والغيرة وغيرها، كما تساعد على التخلص من مشاعر الخوف والإحباط وعلى تطوير القدرات الإدراكية وتزويدهم بأنماط سلوكية بناءة”. وأشارت إلى أن العلاج بواسطة القصة يساعد الطفل على التعبير عن مشاعره وأفكاره بصدق وحرية، ما يحرره من خوفه ويمكنه الاعتماد على نفسه في حل مشاكله والتغلب على المصاعب.
عناوين مختلفة ومواضيع متنوعة
يوجد في المكتبة قرابة الـ 700 كتاب يحملون عناوين مختلفة ومواضيع متنوعة ثقافية واجتماعية وسياسية ودينية وروايات وخاصة تلك التي تميل لين إلى قراءتها، ما يمكن القارىء من اختيار العنوان الذي يريده، كما سيتم تزويد المكتبة بعناوين جديدة في الاشهر المقبلة.
الاقبال على المكتبة ما زال خجولًا كونها بعيدة عن المدينة ومراكز الأعمال لكن لدى لين عددًا لا بأس به من المشتركين والداعمين والمشجعين من البلدية ونادي القراء في أنصار. ولتشجيع الناس على القراءة تسعى لين دائمًا لاقامة الندوات واللقاءات الشعرية ومناقشة الكتب في المكتبة.
عن خططها المستقبلية تقول لين “خلال الخمس سنوات المقبلة سوف نعمل على تزويد أقسام المكتبة وسيكون لنا حضورًا إلكترونياً رقمياً أيضًا Onleen book store. تستقبل لين “تبرعات الكتب” على أنواعها وهي تصبح ملكًا للمكتبة حيث يمكن الاستفادة منها ماديًا من خلال تأجيرها أو بيعها.
في عصر الانترنت والتصحر حيث الإقبال على قراءة الكتب إلى تراجع هل تتوقع لين الاستمرارية والنجاح لمشروعها؟ تقول “بالتأكيد أتوقع للمشروع الاستمرارية والنجاح. معظم الذين يترددون إلى هنا ليسوا بالقراء لكنهم وجدوا في المكتبة الهدوء والجو المشجع، إذ نرشد من يريد نحو بعض العناوين الجميلة والجذابة للقراءة”. تضيف لين “الانترنت والتكنولوجيا عنصر مساعد نعمل من خلاله على تطوير قدراتنا خاصة عندما يحدد القارئ المحتوى الذي يريده، إذ يوجد الكثير من المهتمين بالكتب ويتناولونها بطريقة فكرية جيدة ويناقشونها ويحللونها.
تفتتح المكتبة أبوابها يومياً من الساعة العاشرة صباحاً ولغاية الساعة الثالثة والنصف عصراً، ومن الخامسة حتى العاشرة ليلاً.