البقاع الغربي وراشيا.. معركة الحواصل هي الأساس وخمس لوائح تتنافس

كثيرًا ما يُحكى عن دائرة البقاع الانتخابية الثانية (البقاع الغربي وراشيا)، وكثيرة هي التحليلات والقراءات التي تتناول واقع هذه الدائرة نظرًا لكمية “التعقيدات” و “الاشتباكات” فيها، لكن كل ذلك في مكان والحقيقة في مكان آخر، فالضبابية ما تزال هي المسيطرة بالرغم من بعض أسنّة الضوء التي ظهرت حول مسار العملية الانتخابية المرجّح حصولها.

معالم “خمس لوائح” تلوح في الأفق حتى اللحظة، واحدة فقط يُرجّح أن تكون مكتملة وهي لائحة “تيّار المستقبل” بينما اللوائح الأربعة الأخرى فحكمًا لن تكون كذلك، وستبقى منقوصة بمقعد أو اثنين بالاستناد إلى جملة من المعطيات لا يمكن إغفالها أو تجاوزها من دون التوقف عندها، لاسيما أن التحالفات القديمة ضربها الاهتراء والتفكك، فبدأ كل طرف يغني على ليلاه من زاوية “أنا ومن بعدي الطوفان”.

خارطة أولية

فقد أكد مصدر نيابي سابق لـ “مناطق نت ” أنه “لكي نستعرض بدقة واقع هذه الدائرة لا بد أولًا من استعراض “التقارب” السياسي فيها والإضاءة عليه، لأن ذلك يُقدّم الأدلة عن مدى التعقيد فيها، فإن كان التيار الأزرق قد حسم “مبدئيًا” صورة خوضه الانتخابات بلائحة “زرقاء صرف” من دون تحالفات تقليدية مع الأحزاب التي كان على توافق معها، فإن بقية الأفرقاء على توافق في مكان وعلى تعارض تام في مكان آخر، الأمر الذي يتطلب الكثير من الاجتهاد لـ “فكفكة” عقدها” .

تابع المصدر “رئيس مجلس النواب نبيه بري متمّسكٌ بـ “تبنيه” لنائبه إيلي الفرزلي وعلى توافق مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لكن الأخير يرفض التحالف مع الفرزلي ويُصر على ترشيح النائب السابق اللواء أنطوان سعد، والوزير السابق حسن مراد المرشح لخلافة والده يؤكد على تحالفه مع التيار الوطني الحر من خلال مرشحه شربل مارون، وكما بات معلومًا فإن حركة أمل لن تكون في لائحة واحدة مع التيار، مما يضع مراد في مأزق الصوت الشيعي لاسيما حزب الله المتمسّك بتحالفه “المتين” مع حركة أمل” .

أضاف: “بالنظر للحركة التي تشهدها المنطقة فإن لائحتين بدأت معالمهما تلوح في الأفق، الأولى يُشكلها مراد ونواتها حتى اللحظة بالاضافة إليه (شربل مارون للمقعد الماروني وجورج عبود عن المقعد الأرثوذكسي وطارق الداوود عن المقعد الدرزي) ويبقى المقعد الشيعي بانتظار الحصول على إجابة لسؤال يقلقه، هل سيكون مرشح الثنائي معه على اللائحة أم لا؟، والأخرى تضم النائب وائل أبوفاعور بالاضافة إلى النائب السابق أنطوان سعد والعميد المتقاعد طوني منصور، في محاولة استباقية لفرض مرشحيه على أي لائحة قد ينضم إليها، أو الذهاب لاختيار مرشح سنّي ذو حيثية مقبولة ترفده ببضعة آلاف من الأصوات تؤمّن له “العتبة الانتخابية”، بينما يتريث الرئيس بري في حسم موقفه النهائي قبل اتضاح بقية التحالفات خصوصًا تيار المستقبل واستراتيجيته لانتخابات المنطقة”.

المستقبل والجماعة الاسلامية

التيار الأزرق غير معني برسم هذه التحالفات لكنه يراقبها بدقة، وهو منكبٌّ على ترتيب بيته الداخلي سياسيًا وتنظيميًا وتحضير ماكينته الانتخابية، بانتظار “ساعة الصفر” المضبوطة على توقيت الرئيس سعد الحريري، وإذ تؤكد مصادره أن قرار خوض الانتخابات بلائحة “مكتملة” قد حسم نهائيًا ومن دون أي تحالفات وتحديدًا مع الاشتراكي والقوات، ولهذا أعاد تواصله بشكل فعّال مع الجماعة الاسلامية التي بات بحكم المؤكد أن التحالف بينهما سينسحب على بقية الدوائر من بيروت إلى الشوف وصيدا وطرابلس والضنية وعكار.

أما المجتمع المدني وخلاصة تحركات 17 تشرين، فرغم تسجيلها لحضور في هذه الدائرة، إلا أنها ما تزال غير قادرة على ترتيب أوضاعها، وسط بروز بعض الأسماء كالناشط علاء الشمالي والمهندس خالد العسكر والناشط ياسين ياسين بالاضافة إلى الاعلامية ماغي عون، لكنها على تباين فيما بينها، لأن النشطاء متعددو الاتجاهات السياسية وكل منهم يدّعي تصدره لـ “مشهدية الثورة” وأبوته لها، بانتظار معرفة أي دور ستلعبه حركة “سوا” المدعومة من “بهاء الحريري” ومدى قدرتها على احداث خرق في هذه المنطقة، لهذا هناك احتمالية لولادة “لائحتين” للمجتمع المدني الأمر الذي سيضعفهما “معًا”.

خبير انتخابي متابع أكد لـ “مناطق نت” أن “الهم الأكبر” للجميع حاليًا هو “الحاصل الانتخابي”، وفي قراءة لنتائج الانتخابات الماضية تظهر خارطة الحواصل على الشكل التالي: حاصلان للمستقبل، حاصل للثنائي، حاصل لمراد، ويبقى الصراع مفتوحًا على الحاصلين الأخريين، لذلك فإن شبكة التحالفات هي التي ستحدد حواصل الانتخابات المقبلة”.

الثنائي الشيعي

ويقول الخبير “الثنائي الشيعي لديه حاصل مؤكد وكسر حاصل اضافي جراء تحالفه مع الفرزلي لكن هذا يتطلب تجيير الصوت الشيعي برمته في هذا الاتجاه وأي تهاون في هذا الأمر قد يعرض مرشح حركة أمل لخطر الاقصاء، والوزير مراد المستند إلى قاعدة “أبيه” رغم الفروقات الشاسعة بينهما يعتقد أنه يمتلك حاصلًا مضمونًا ويبحث عن كسر الثاني، لكن هذه القاعدة تواجه نوع من التآكل بفعل تعاطي مراد والذي وصفه مقربون بـ “الفوقية” وعدم الإستجابة لمطالب الناس وتراكمات وُصِفت بـ “اللاصائبة”، الأمر الذي جعل جزء كبير لا يُستهان به يبتعد عن النائب مراد، لكنه سيقع في مأزق “الرافعة الشيعية” وقد يجد نفسه يلهث خلف حاصل واحد يؤمن له مقعدًا في الدائرة، أما النائب وائل أبوفاعور والكتلة الناخبة للإشتراكي في المنطقة فليس بوسعها الحصول على حاصل من دون تحالفات “دسمة” سنّية أو شيعية”.

وقال: “تيار المستقبل يمتلك حاصلين وتحالفه مع الجماعة الاسلامية في المنطقة يضعه على عتبة كسر الثالث، لذلك فإن أي ارتفاع في نسبة التصويت عمومًا والسني خصوصًا (حوالى 88 ألف ناخب) قد يوفّر له هذا الأمر، لهذا يعمل على توفير ما يمكن توفيره على مستوى الأسماء المستقبلية لاستنهاض القاعدة الشعبية ودفعها إلى صناديق الاقتراع، لأن الوصول إلى نسبة تفوق الـ 45 % عند السنّة تحديدًا سيجعل من هذا الأمر قابلا للتحقق وسيضع البقية في مأزق توفير الحواصل، فحصول تيار المستقبل على ثلاثة حواصل سيترك الفرقاء في صراع قاسٍ لنيل المقاعد الثلاث الباقية” .

وفق الكثير من القراءات فإن من يعتقد أن معركة “البقاع الغربي وراشيا” ستكون “نسخة طبق الأصل” عن انتخابات الـ 2018 فهو اعتقاد واهم، فالكثير من المتغيرات طرأت على هذه الدائرة والاشتباك السياسي في أوجّه، وكلٌّ يحسب نفسه متصدرًا للمشهد، من هنا فإن الترقب لما ستؤول إليه مواقف الرئيس الحريري فور عودته ستزيل الكثير من “اللبس” وتتضح الصورة بشكل كامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى