“هبة” تقتلع خيم اللاجئين في حوش الرافقة!
حطت العاصفة “هبة” في جولتها الأولى رحالها في مخيمات اللاجئين السوريين قبل غيرهم لكون “بيوتهم” مصنوعة من قهر وعذاب ومرارة التهجير، وهي لا تستطيع الصمود بوجه الرياح العاتية المترافقة مع تساقط الثلوج التي تضرب لبنان في هذه الأيام العصيبة.
خيم بلاستيكية مرفوعة بأعمدة من خشب، بداخلها المئات من الأطفال والشيوخ والنساء، في بلدة حوش الرافقة البقاعية، تصارع الموت كل سنة في هذا الفصل الأكثر برداً وصقيعاً وهطولاً للثلوج.
أهالي المخيم، وعند إشتداد الريح ليل أمس، أطلقوا “صافرات الإنذار” في “بيوتهم”، وتهيأوا “للمواجهة” التي لم تصمد إلا قليلاً. فقوة “هبة” وجبروتها أقوى من دمع الأطفال وصراخ النسوة.
مواجهة مع “هبة”
“معارك” ليلية مع العواصف خاضها الرجال والشباب، لحماية الأطفال والعجزة داخل الخيم خوفاً من سقوط الأسقف والجدران المدعومة “بكراتين”. المواجهة استمرت حتى صباح اليوم، أسفرت عن سقوط عدد من الخيم وتعرض العائلات للبرد القارس والزمهرير.
عشرات الأطفال لجأوا إلى خيم “صامدة” طلباً للدفء والحماية. وعجزة أخرجهم الشباب من الخيم المتساقطة ونقلوهم إلى أخرى خوفاً من الصقيع الذي قد يودي بحياتهم. في حين هم تولوا رفع انقاض الخيم وسط جو من البارد القارس وانعدام سبل المساعدة من الجهات الرسمية والدولية.
وبالرغم من ذلك، بقيت كمية الثلوج التي تساقطت على الخيم تهدد العشرات منها بالسقوط على رؤوس ساكنيها. في الوقت الذي ينتظر اللاجئون الموجة الثانية من العاصفة والتي قد تكون أكثر قوة وتخريباً.
بعد ساعات من معارك الليل، استفاق أهالي المخيم صباح اليوم، ولم يستطيعوا مواصلة حياتهم اليومية كالمعتاد. فلا مدافىء قادرة على الإشتعال بسبب ما أصابها من أعطال ليل أمس. وبالتالي لا إمكانية لإعداد الطعام وطهيه. ولا بطانيات صالحة للاستخدام من أجل النوم والتدفئة بعد أن غرقت بمياه الثلوج. لذا عمدت النسوة لإعداد المواقد الخارجية المصنوعة من الأحجار، وقد قمنَ للحفر في الثلج للعثور عليها، وذلك لطهي الطعام وحصول الأطفال على شيء من الدفء إلى جانب المواقد.
ومنذ الصباح وأهالي المخيم يعملون على إصلاح ما أمكن من أعطال قبل حلول الظلام، وذلك حماية لأنفسهم من أخطار البرد والصقيع المتوقعة لليل القادم.
مخيم حوش الرافقة
يضم مخيم حوش الرافقة حوالى المئة خيمة، بداخلها أكثر من ثمانمئة شخص. وهو ينتشر على الجهة الشرقية لبلدة حوش الرافقة، ويفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الصمود في وجه العواصف والرياح. ورغم ذلك فإن المخيم محروم من المساعدات الدولية، إلا القليل الذي لا يقدم ولا يؤخر في الحياة اليومية.
منذ سنوات يُطلق مسؤولو المخيم الصرخات ويرفعون الكتب للجهات الدولية والرسمية لتقديم المساعدة ولم يحصلوا على أي منها حتى اليوم. وبعد ما حصل معهم ليل أمس طالب أهالي المخيم الجهات الدولية المعنية بأوضاعهم زيارة مخيماتهم وتفقد أحوال أهلها، وتوفير مقومات الصمود في وجه موجات البرد والصقيع والثلوج القادمة إليهم، وإلا فإن مئات العائلات معرضة لخطر الموت.