157 عاما مضت.. بيت السيد الوزير
كتب علي سلمان
شكل علامة فارقة للدلالة على عنوان حي او ناحية، وعُرّفَت به عناوين اجتماعية وسياسية وعائلية. القادم الى البلدة يقع عليه ناظراه قبل ان يقع على جبلها وشجرها وتلالها. حيث يتربع وسط بلدة شمسطار البقاعية ويعرف بمنزل السيد احمد الحسيني.
هو منزل اثري يعود الى القرن الثامن عشر، الى العام 1860، بُني بطريقة هندسية معمارية مميزة تدل على العقل الهندسي لدى المعماريين في زمن ومنطقة كان اهلها يعتمدون على بساطة العيش والمعرفة.
هو “قصر روماني” بكل ما للحضارة الرومانية من إبداع على الرغم من ان مشيّديه هم لبنانيون من المنطقة، يتألف منزل السيد حسن الحسيني من طابقين متساويين في المساحة وتقسيم الغرف وعدَدِها: ثلاث منها بطول اربعة امتار وعرض ثلاثة، ومطبخ وحمام وممشى. احجاره من “الحوّار” الصلب الذي يتحمل ظروف المناخ والزمن وهي متساوقة في الطول والعرض والارتفاع، ولا تزال تحافظ على لونها الطبيعي المائل الى الاصفر دون ان تتأثر بأي عوامل طبيعية رغم المتغيرات الجيولوجية التي طرأت على لبنان خلال الحقبة الزمنية الممتدة من تاريخ بناء المنزل وحتى وقتنا الحاضر.
زاره العديد من المهندسين الذين وجدوا فيه معايير هندسية تؤهله للصمود بوجه الزمن الى مُدَدٍ مفتوحة كونه لا يزال يحافظ على تمساكه البنائي المتين، وشكله الذي لم يتغير قيد اُنملة وكأنه بني حديثا.
وهذا يعود الى الطريقة الهندسية التي اتبعها معماريو تلك الحقبة كما أخبرني احد اقارب صاحب المنزل السيد احمد الحسيني (85 عاماً) الذي قال: “ان الاحجار التي استخدمت في بناء المنزل كان يتم جمعها من البلدة التي تتميز بصلابة صخورها المخصصة للبناء، ومن ثم يستخدم لنشرها ونحتها وهندستها الة تسمى تَرتَبيك، حيث تخرج الاحجار منها اية في الجمال”.
ويضيف الحسيني ان سبب صمود المنزل ومحافظته على شكله حتى اليوم، وبحسب ما سمعه من اجداده، يعود الى القاعدة الاساسية التي بُني عليها وهي لا تتوفر حتى الآن في الاسمنت والحديد وقواعد الابنية الحديثة.
ويؤكد ان التعديل الوحيد الذي خضع له المنزل منذ تشييده هو اضافة قطع القرميد على سطحه وهو الاخر يعود الى عام 1905، هذا ما جعله فريدا في المنطقة، وبحسب معلومات الحسيني فان هذا المنزل الاثري زارته بعثات طالبية من لبنان والخارج للاطّلاع على صناعته وتاريخه حتى ان هناك طلاباً من الجامعتين اللبنانية والاميركية زاروه مع اساتذتهم، وابدوا انبهارهم بروعته وتبنوا تحويله الى متحف والتنسيق مع وزارتي السياحة والثقافة لتصنيفه معلماً اثرياً تاريخياً من معالم لبنان العريقة.
ويختم الحسيني بالقول: “ادعو كل المهتمين بالمعالم الاثرية من لبنانيين واجانب أن يزوروا هذا المنزل ويطَلعوا على تفاصيله ليروا الابداع اللبناني وتحديداً البقاعي منه ويُدركوا ان الانسان اللبناني كان يمتلك الحضارة ويمتلك المعرفة والعلوم في فن العمارة منذ قرون.