عن Miss Janoub.. مسابقة الجمال الجنوبي “المهرّبة” إلى الجية!

ما الذي تغيّر منذ العام 1992 تاريخ تنظيم آخر مسابقة لـ “ملكة جمال الجنوب” حتى اليوم؟. حينها خطفت هيفاء وهبي ذلك اللقب، وصحّ فيها القول “مالئة الدنيا وشاغلة الناس”. لكن منذ ثلاثين عامًا وحتى الآن، تغيّر الكثير وشهد الجنوب العديد من الأحداث والتطورات الكبيرة، تبدّلت فيها معايير الجمال ولم تعد مسابقاته أولوية يُحتفى بها كل عام على غرار العديد من المناطق. صار للجنوب صور أخرى، يأتي في صدارتها “معلم مليتا” السياحي الذي يرمز للمقاومة وتاريخها، تؤمه الوفود ويزوره السيّاح.

منذ أيام فازت الصيداوية “نور البوبو” بلقب “ملكة جمال الجنوب”، وذلك خلال حفل إعادة إطلاق المسابقة بعد غياب دام 31 عامًا. المفارقة أن المسابقة التي أُعيد إطلاقها والتي تهدف إلى تشجيع السياحة في الجنوب (حسب قول المنظمين)، أُقيمت في ساحل الشوف في الجية. والسؤال المشروع الذي يُطرح لماذا لم تُنظّم المسابقة في صور أو النبطية أو بنت جبيل أو حاصبيا أو غيرها من البلدات الجنوبية؟

التبرير من قبل المنظمين من أن اختيار الجية كموقع وسطي بغية تسهيل وصول المتباريات، غير مُقنع حتى الآن، خصوصًا أن المسافات من أطراف الجنوب البعيدة تُصبح أضعافًا مُضاعفة للوصول إلى الجية، فكيف بذلك تكون موقعًا وسطيًا!

ملكة جمال الجنوب نور البوبو
الجمال جنوبًا

يطرح إعادة تنظيم مسابقة “ملكة جمال الجنوب” سؤالا آخر، ويتعلّق بالطبيعة المجتمعية الجنوبية ونظرتها للمسابقة، وعمّا إذا كانت تشكّل بيئة “سامحة” لها، في ظل التبدلات الكبيرة التي طرأت على الجنوب وناسه، وعلى تجذّر الطابع الديني في مناسباتهم وعاداتهم وتقاليدهم، والذي أدّى إلى تغيّر ملامح البلدات الجنوبيّة جذريًّا.

لكن بالرغم من ذلك، فإن مناطق واسعة في الجنوب وخصوصًا صور، وبعض مناطق النبطية، إضافة إلى المناطق المختلفة طائفياً كجزين ومرجعيون وحاصبيا، تتمتع بهامش واسع من الحرية السياحية والتي تتضمن تقديم الكحول وإقامة السهرات الفنية والاختلاط وغيره، وهو ما يغض الثنائي المسيطر النظر عنه ويسمح به، وهو ما يتبدّى واضحًا خصوصًا على شاطئ صور، حيث يسير جنبًا إلى جنب “البيكيني” و”البوركيني”.

المفارقة أن صيدا التي فجّر شاطئها جدلاً واسعًا منذ فترة، بعد منع إحدى السيدات من ارتداء لباس البحر على الشاطىء، عادت وردّت الاعتبار لمساحة الحرية فيها من خلال فوز ابنتها الشابة نور البوبو بلقب ملكة جمال الجنوب، حيث صوّت مجمل أفراد لجنة الحكم المؤلفة من مشاهير في الوسط الفني والرياضي وخبراء التجميل والإعلاميين، نذكر منهم الدكتور “نادر صعب”، الإعلامية “رابعة الزيات”، الرياضي “فادي الخطيب”، الفنانة “كريستينا صوايا”، وغيرهم.

وقد فاجأت النجمة المصرية فيفي عبده الجمهور بحضورها الملفت وشاركت اللجنة باختيار miss janoub. وتخلل الحفل وقفات فنية، أحياها كل من “نادر الاتات” والعازف “جهاد عقل”.

يطرح إعادة تنظيم مسابقة “ملكة جمال الجنوب” سؤالا آخر، ويتعلّق بالطبيعة المجتمعية الجنوبية ونظرتها للمسابقة، وعمّا إذا كانت تشكّل بيئة “سامحة” لها

اشترك في مسابقة “ملكة جمال الجنوب” 15 شابّة يمثلْنَ مناطق متعدّدة من الجنوب، مثل جزين، صور، صيدا، النبطية، حومين، زوطر، الطيبة وغيرها. أما لماذا اختيرت صالة “life venue ” في منطقة الجية، لتنظيم تلك المسابقة، فلأنها تتوسّط محافظتَيْ بيروت والجنوب بحسب منظّمي الحفل، والذين أخطأوا عن عمد على ما يبدو في تقدير المسافات، لأن المسافة بين بنت جبيل أو الخيام أو مرجعيون هي أضعافًا مُضاعفة من المسافة الفاصلة بين بيروت والجية.

“مسابقة الجنوب” مهرّبة من الجنوب

“يفتقر الجنوب في الآونة الأخيرة لمناسبات وفعاليّات تسلّط الضوء على جمال هذه المحافظة ومميزاتها”.. هذا ما قاله منظم الحفل رجل الأعمال “سعيد ضاهر”، الذي أكد على أهمية هذه الفعالية لتنشيط السياحة، معبرًا عن إعجابه بجمال وثقافة الشابات الجنوبيات، لكن ما قاله ضاهر لم يبدّد نسبياً السبب في قرار إقامة الحفل في منطقة خارج الجنوب، وفي ذلك تناقض فادح بين الأهداف والحقيقة، وكأنّ المسابقة مهرّبة من الجنوب. فكيف نجتذب الآخرين إلى مكان نهرب منه علنًا، مكتفين فقط بوضع اسمه عنوانًا للجائزة!

المتباريات وتبدو في الخلفية قلعة الشقيف

وبالرغم من أن مسابقات الجمال المناطقيّة، وتحديدًا في منطقة الجنوب لم تكن دائمًا محطّ إهتمام. إلا أن غياب الفعاليّة لأكثر من ثلاثين عامًا، يطرح تساؤلات عن التحدّيات السّياسيّة والتغيرات الاجتماعيّة الّتي حوّلت الجنوب لمنطقة لها طابع اجتماعي وسياسي معيّن، كان السبب الحقيقي في تغييب المسابقة لهذه الفترة من الزمن.

جميلات الجنوب

في عرض سريع لجميلات الجنوب اللواتي فزن بألقاب جمال، تتصدّر النجمة هيفاء وهبي، المرتبة الأولى والأخيرة، فقد فازت وهبي بلقب ملكة جمال الجنوب عام 1992، لكن بعد اكتشاف زواجها، تمّ سحب اللّقب منها. أمّا رهف عبدالله، إبنة الجنوب، الفائزة بلقب ملكة جمال لبنان لعام 2010، فقد فتحت المجال أمام نظيرتها ملكة جمال لبنان لعام 2023 ياسمينا زيتون للفوز باللّقب.

بالعودة إلى مسابقة “ملكة جمال الجنوب” التي نُظّمت في الجية وأتت كترويجًا للموسم السياحي في الجنوب الذي يشهد هذا العام حمّى افتتاح الشاليهات والأماكن السياحية والتي لم يشهدها من قبل وخصوصًا في المناطق النائية منه، يبدو أن هناك التباسًا واضحاً وفروقًا كبيرة في معايير السياحة وأنواعها والبيئة الحاضنة لها، وهي تتأرجح بين واقعين، لا شك أنهما متناقضين، الأول هو قيود واضحة على مسابقة تتخذ من الجمال عنوانًا جرى تهريبها إلى الجية تفاديًا للإحراج، والثاني لا يزال شديد الالتباس يصارع بين صورتين الأولى تستريح على شاطئ صور والثانية تتسلق الجبال باتجاه معلم مليتا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى