الأستاذ علي طقش يترك حكاية العطاء والطيبة في النبطية ويرحل

في بيئتك، إمّا أن تكون متعاليًا، بطّاشًا، ظالمًا، أكّالًا للسحت، فتُعرف ويهابك الناس فلا يحبّونك ويكرهونك..

وإمّا أن تكون متسامحًا طيّبًا خدومًا قريبًا من همومهم وخصالهم، فيكبر رصيدك لديهم، ويبادلونك الحبّ بالحبّ والاحترام..

كان الأستاذ علي أحمد طقش (1947- 2024) متلازمًا والطيبة وحبّ الناس، منطلقًا من مهنة التعليم التي ميّزت أبناء النبطية ممّن سلكوا دروبها منذ مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي وامتدادًا إلى الربع الأخير من هذا القرن، إذ لم يكتفوا بممارسة التعليم بشكل جامد لا يتخطّى حدود المدرسة ويتجاوز أبوابها، بل انطلقوا بشكل دائريّ عرضيّ نحو كلّ المجالات التربويّة والعلميّة والثقافيّة والاجتماعيّة والفنّيّة، وصولًا إلى السياسة التي انخرطوا في ميادينها، إمّا مقتنعين موجِّهين ساعين إلى العدالة الاجتماعيّة وإحقاق الحقّ في التربية والتعليم والمساواة بالمواطنة؛ أو على حفافها تشجيعًا لها ودعمًا للخطى عينها التي تصبّ في جوانب تطوير الثقافة والتعليم والتنمية الاجتماعيّة.

كان الأستاذ علي أحمد طقش (1947- 2024) متلازمًا والطيبة وحبّ الناس، منطلقًا من مهنة التعليم التي ميّزت أبناء النبطية ممّن سلكوا دروبها منذ مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي.

بين الخصال الحميدة للسياسة والتعليم والفنون الجميلة انبرى الأستاذ علي يشبك يديه في مجالات عديدة تخدم الناس ولا تضرّهم، فيعطي من وقته من أجل التعليم وخصوصًا الرياضة، وكان أستاذًا لمادّتها، والعمل الاجتماعّي وتطوير الحياة الثقافيّة والفنّيّة في النبطية والجوار، حتّى إنّه اقترب من السياسة ولامس حدودها، لكن من زاوية العارف بما له وما عليه، وحتّى لا ينغمس في حيثيّاتها المطلقة ومواقف الناس منها وحولها، ابتعد شيئًا فشيئًا، إنّما لم يبتعد عن الناس.

كان التديّن عند الأستاذ “أبو ربيع” تلقائيًّا عفويًّا ومسلكًا نحو قلوب الناس وأحاسيسهم، وعرف كيف يكون أدنى إلى عباد الله وعياله تقرّبًا إلى الخالق، فساهم في تأسيس الأندية والجمعيّات وفي تمتين أسس المسرح العاشورائيّ في النبطية، وقد أطلّ عليه بين الجيلين الثاني والثالث ممّن أرسوا مداميك هذا المسرح ليكون رسول قضيّة “الإمام الحسين” ومظلوميّته إلى الناس، فواكبه منذ أواخر الستينيّات من القرن الماضي وحتى العام المنصرم 2023.

في مسرح عاشوراء، ظهر الأستاذ علي طقش وتميّز في أدوار عديدة، منها دور عليّ الأكبر (بين 1969- 1971) وعبيد الله بن زياد (1972- 1985) وفي تشخيص دور الإمام الحسين (1986- 1988) ثمّ في دور عبيد الله بن زياد (1989- 2020) وحبيب بن مظاهر بين 2021 و2023 حيث كان ظهوره الأخير في تجسيد أحداث “موقعة الطفّ” قبل أن يداهمه المرض السريع، ليغادرنا فجر يوم عيد الأمّ، الخميس في 21 آذار/ مارس 2024 إلى جوار من يحبّ.

الأستاذ علي طقش

بدأ الأستاذ علي التعليم في العام 1968، في مرجعيون، فور تخرّجه من دار المعلّمين والمعلّمات أستاذًا لمادّة الرياضة، وتابع تعليمه فنال التوجيهيّة الموحّدة ثم “الليسانس” في الأدب العربيّ سنة 1970. وتنقّل بعدها معلّمًا في عديد من المدارس والثانويّات.

والده الراحل أحمد طقش “أبو علي” شيخ القصّابين في النبطية، وشقيقه _الشهيد الفتى شبلي طقش الذي سقط في معارك العرقوب بين المقاومة الفلسطينيّة والاحتلال الإسرائيليّ بتاريخ 27 نيسان/أبريل سنة 1970، وكان أوّل شهيد من أبناء النبطية يسقط في صفوف المقاومة الفلسطينيّة._

يترك المربي الأستاذ علي ثغرة لا تُنسى في ذاكرة المدينة التي أحبّ وانتمى إلى أهلها، وحكاية من حكايات رجالات النبطية ونسائها، إذ زرعوا في تفاصيل يوميّاتها الحبّ والعطاء والطيبة والأعمال الحسنة وتطوير بيئتهم على الصعد كافّة، ونجحوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى