الشاهد على سكة الحديد إلى فلسطين..

أبو حمدان البردان، يوم كنا ننتظر القطار في اسكندرونا

عند زاوية ثكنة “بنوا بركات “التابعة للجيش اللبناني ، من الناحية الغربية ، المتفرع منها طرقات الى سوق الخضار الجديد والكورنيش الجنوبي والحديقة العامة في صور، يرتفع بناء حجري دائري (ملبس بالحجر الصخري الابيض الناصع ) وعلى بعد حوالي مئتي متر منه لناحية الشمال ، بناء آخر مماثل . كان الى سنوات خلت، يأوي في قسمه السفلي عائلة مهجرة.

يفصل هذان البناءان، خط حديدي مثبت بمكعبات خشبية. يتلاشى يومًا بعد يوم، بعدما ظل لمدة خمس سنوات، شريان الحياة بين لبنان وفلسطين المحتلة “1943- 1948” فوحدهما هذان البناءان على طول الخط الساحلي يؤرخان إلى زمن مد خط سكة الحديد خلال العامين 1942- 1943 لدوافع عسكرية خاصة بالجيش الانكليزي حينذاك. في أواخر الحرب العالمية الثانية. وكانت وظيفتهما تزويد القطار الآتي من بئر السبع في فلسطين المحتلة إلى بيروت وطرابلس بالفحم الحجري والمياه من فوهة في أسفل البناء، الذي ينقسم إلى قسمين، قسم سفلي يحتوي على الفحم الحجري وقسم علوي يحتوي على المياه.

«ن. ب. ط.»

تم إنشىاء خط سكة الحديد المسمى «ن. ب. ط.»، وهي الأحرف الأولى لـ «ناقورة، بيروت، طرابلس»، بموجب القرارين 159 و160 الصادرين عن المفوض السامي الفرنسي، وبقي هذا الخط يتولى نقل البضائع بين فلسطين ولبنان حتى أيار 1948 تاريخ اغتصاب فلسطين، بينما كان يقتصر عمله في المراحل الأولى على نقل العتاد العسكري والجنود الفرنسيين والبريطانيين المنتدبين في لبنان وفلسطين. فيما بقي الخط الممتد من بيروت إلى طرابلس يعمل حتى عام 1978، وخط الجية الزهراني حتى عام 1987 الذي كان يتم بواسطته نقل الفيول إلى معمل الزهراني الكهربائي.

ومن المحطات المؤثرة التي كان يرويها المرحوم مصطفى قندقجي، وهو أحد الأشخاص الذين عملوا في مد هذه السكة مع المئات من أبناء المنطقة مشاهدة “عودة الوفد اللبناني من فرنسا خلال معركة الاستقلال عن طريق فلسطين بواسطة القطار، الذي كان يتصل ببلدة بئر السبع الفلسطينية عند الحدود المصرية”. وكان “الوفد مؤلفًا آنذاك من الرئيسين رياض الصلح وصبري حمادة وسليم تقلا والقائد الشيوعي فرج الله الحلو، الذي رافق الوفد حينها نظراً لوجود حكومة اشتراكية في فرنسا برئاسة ليون بلوم”. وأثناء توقف القطار في صور للتزود بالفحم الحجري ، أطل الرئيس الراحل رياض الصلح من من مقصورة القطار الامامية . ملوحا بيده للاهالي المحتشدين وهنأهم باستقلال لبنان من الاحتلال الفرنسي.

الحاج سعيد البردان “ابو حمدان”

لا يزال الحاج سعيد البردان “أبو حمدان” 88 عامًا إبن قرية يارين الملاصقة لفلسطين، يتذكر مرور القطار الآتي من فلسطين إلى لبنان، عندما كان في سن لا يتجاوز الثانية عشرة.

ويقول البردان لـ “مناطق نت” كنا صبية نهبط من يارين إلى منطقة اسكندرونا عند مدخل الناقورة الشمالي، قاطعين مسافة كيلومترات سيرًا على الأقدام، لمشاهدة القطار وسماع صفاراته القوية. بينما كان الجنود الفرنسيون والبريطانيون، الذين يطلون رؤسهم من النوافذ يقومون بالقاء الخبز المدور “الافرنجي” فيتسابق الصبية للفوز بقطعة منه ذات الطعم اللذيذ.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى