لاجئو مخيّم حوش الرافقة من الغريق إلى الحريق

لا يزال الموت يلاحق اللاجئين السوريّين من مكان إلى مكان، ومن منطقة إلى أخرى بأساليب متعدّدة وطرق مختلفة. فتارةً يأتيهم غرقًا وتارة أخرى بحوادث الصّدم، وطورًا بصواريخ طائرات الموت الإسرائيليّة، والمرّة كان عن طريق الحريق، حتى لكأنّ القدر أبقى سجلّ الموت مفتوحًا عليهم، يطاردهم أنّى حلّوا وإلى أيّ مكان لجأوا.
مأساة مخيّم حوش الرافقة
يضمّ مخيّم بلدة حوش الرافقة للاجئين السوريّين أكثر من 4000 لاجىء سوريّ، تعرّض على مدى سنوات إلى حوادث حريق عدّة، نتج عنها احتراق عدد من الخيم وإصابة عديد من قاطنيه، وهو ومنذ نحو ثلاث سنوات محروم من الخدمات والتقديمات الصحّيّة والغذائيّة والاجتماعيّة من قبل الجهات الأمميّة والجمعيّات الداخليّة الخاصّة ومن مؤسّسات الدولة اللبنانيّة.
منذ أيام قليلة أصيب المخيّم المذكور بحادثة حريق أتت على ثلاث خيِم بالكامل وأدّت إلى تضرّر خيم أخرى، ما تسبّب في إصابة امرأة بحروق بليغة وكذلك طفلتها بحروق متوسّطة وجرى نقل الحالتين إلى المشفى.

نيران تلتهم الخيم
كانت الخيم الثلاث المحترقة تؤوي 15 فردًا من عائلات ثلاث غالبيّتهم من الأطفال عند نشوب الحريق. وبحسب مصطفى العلي صاحب الخيم فإنّ الحريق الذي شبّ فجأةً قرابة موعد الإفطار حيث إنّ الجميع مجتمعون، التهم الخيم بسرعة خاطفة “وأحدث حال ذعر وهلع كبيرين إذ كان الأولاد والنساء يفرّون من النيران من داخل الخيم إلى الخارج على غير هدىً في حين لم تتمكّن زوجتي من الهرب بسرعة ما أدّى إلى إصابتها بحروق بالغة في مختلف أنحاء جسدها وإصابة طفلتي البالغة أربع سنوات بحروق متوسّطة في يديها.”
ويقول العلي لـ “مناطق نت” إنّه “جرى نقل الحالتين إلى مشفى رياق التي طلبت منّا نقل زوجتي إلى “مشفى الجعيتاوي” في بيروت لأنّ حالتها حرجة وخطرة تتطلّب عنايةً ومعالجةً في مشفى متخصّص بالحروق. بينما جرى معالجة طفلتي فيها. ولقد حالت العناية الإلهيّة دون إصابة آخرين لأنّ الأمر كاد أن يؤدّي إلى كارثة.”
“أصبحنا في العراء”
ونتيجة اكتظاظ الخيم بساكنيها والوضع المعيشيّ المتردّي الذي يعاني منه قاطنو المخيّم فإن سكّان الخيم المحترقة أصبحوا بلا مأوى “فلا يستطيع أحد من جيراننا أن يؤوينا أو يستقبلنا وهم معذورون. لذلك نحن مشرّدون بلا طعام ولا شراب ولا غطاء، مع رحمة من الله أنّ الطقس مشمس ودافء إلى حدّ مّا، وإلّا كنّا مهدّدين بالموت بردًا.”
نتيجة اكتظاظ الخيم بساكنيها والوضع المعيشيّ المتردّي الذي يعاني منه قاطنو المخيّم فإن سكّان الخيم المحترقة أصبحوا بلا مأوى
جسيمةٌ خسائر العلي المادّيّة بسبب الحريق “وتقدّر بأكثر من 7000 دولار بين كلفة الخيم ومحتوياتها التي لم يبقَ منها أثر. في وقت نحن نعيش أزمةً اقتصاديّةً صعبةً بسبب الحرب الأخيرة التي قضت على محاصيلنا الزراعيّة، وانعدام التقديمات لنا من كلّ الجهات”. “ويشير إلى أنّه “لا يمكن الاستمرار طويلًا على ما نحن فيه الآن بعد المصاب الذي ألمّ بنا. وحياة عيالي مهدّدة بالخطر لا سيّما وأنّ معظمهم صغار يحتاجون إلى متطلّبات الحياة بحدودها الدنيا.”
ويناشد الجهات الداعمة للنازحين السوريّين بأن “تلتفت إلينا، وتتفقّد أحوالنا، وتشعر بأوضاعنا التي أصبحت في الحضيض، وهو أمرٌ لم يعد يطاق على رغم صبرنا الطويل وتحمّلنا الذي فاق الاحتمال.”
رحمة الله كانت كبيرة
أمّا النازح حسين الشّحل الذي نجا مع عائلته المكوّنة من أربعة أفراد بأعجوبة من احتراق خيمته فقد وصف ما حصل بالمخيّم بالكارثة “لقد كانت ليلةً عصيبةً ومرعبةً، ونحن صيام. فالأطفال أصيبوا بخوف لا يوصف. والنيران كانت تشبه انفجار صاروخ. لكنّ رحمة الله كانت كبيرة”. ويقول لِـ “مناطق نت”: “بعد الحادثة مباشرةً تواصلنا مع “الجمعيّة الدانماركيّة” التي تقدّم مساعدات للنازحين لوضعهم بصورة ما جرى، وأرسلت لهم فيديو مصوّرًا عن الحادثة، لأتفاجأ بردّهم: نعتذر منك”.
ويتابع: “إنّ الجمعيّة الدانماركية من مهامها اتّجاهنا كجمعيّة داعمة أن تتواصل مع وزارة الشؤون الاجتماعيّة اللبنانيّة من أجل تقديم ما يمكن من خدمات في مثل هذه الحوادث، ولكن لم نرَ شيئًا منها هي الأخرى علمًا أنّها علمت بالأمر من الصليب الأحمر اللبنانيّ الذي حضر إلى المكان في أثناء الكارثة، كذلك حضر الدفاع المدنيّ من مركزيْ بدنايل وبريتال”.
ويشير الشحل إلى أنّ مفوّضيّة الأمم المتّحدة متخلّية عنهم بالكامل “خصوصًا وأنّ الظروف صعبة للغاية، وغالبيّتنا لا تعمل بسبب عدم وجود فرص عمل بالزراعة.”
ويختم مطالبًا الأمم المتّحدة بالإسراع في زيارة مخيّم حوش الرافقة للاطّلاع “على أوضاعنا المأسويّة عن كثب، ولنؤكّد على كلامنا فنحن في مخيّم رقم 031 وهو موجود لدى سجلّات مفوّضيّة اللاجئين”.