عكار يظللها الوجع.. ومأساة أطفالها أكبر من أن توصف!

وجع واحد يظلل قرى عكار لم تتمكن معه الأيام الماضية من تبريد قلوب أهالي الضحايا. في اليوم الثالث على انفجار  عكار  لبنان بدأت قوافل الشهداء بالمسير، وارتفعت معها صرخات الانتقام ممن أجرم بحق الدماء البريئة. عكار كانت على موعد مع تشييع ليلي لثلاثة شهداء من آل حاويك في الكويخات. والأربعاء احتضنت الدوسة أبنائها الأربعة الذين ينتمون إلى عائلة شريتح، فيما شهدت قرى أخرى على جنازات متفرقة لأبنائها في الكواشرة، خربة شار، ودوير العدوية. الملفت هو الغياب الرسمي والإهتمام الإعلامي بهذه المنطقة التي تعيش منذ أيام “خارج التغطية” بفعل انقطاع تام للكهرباء وشبكة الإتصالات.

الضحايا الأطفال في انفجار عكار لبنان

وقع انفجار عكار لبنان كان كبيرا على الأطفال ، فمنهم من خسر أب أو أخ، ومنهم من يعيش في حالة نفسية صعبة حيث مرحلة ما بعد الصدمة. هذه الأمور يجتمع وقعها في عائلة شريتح من بلدة الدوسة التي شيعت طفلها جلال معين شريتح إبن الستة عشر عاماً، جنباً إلى جنب مع شقيقه خالد معين شريتح الذي يكبره سناً. رحل صاحب الإبتسامة البريئة، وصديق والديه، لا يمكن للكلمات أن تختصر الحالة النفسية للأهل. فالوداع الأخير كان سريعاً، لم يتمكنوا من لقاء أبنائهم كما يحبون. حرموا من الجلسات العائلية، والإبتسامات الصامتة، وكذلك التحلق حول العائلة في كل زمان ومكان. سيفتقد رفاق الحي والمدرسة للشاب جلال الذي حال الموت دون إتمامه تحصيله الدراسي. وكذلك الأمر بالنسبة لشقيقه خالد الطالب المهني الذي سيفتقده رفاق مقاعد الدراسة.

في الدوسة أيضاً، تمت مراسم الدفن، إلى جانب أبناء عمومتهم العريف حسين عادل شريتح متأهل وله إبنتين إثنتين، إحداهما من ذوي الإحتياجات الخاصة، وشقيقه العسكري فياض عارف شريتح. تعيش العائلة حالة من الإنهيار النفسي بسبب فقد الإبن، الزوج، والأب السند. وتختصر معاناة آل شريتح معاناة سائر أهالي الضحايا في عكار الذين دفعوا ثمن التقصير والإهمال والسماح لمحتكري المحروقات بتخزينها في أوضاع غير آمنة.

وقائع المأساة في انفجار عكار لبنان

يتحدث أبناء القرية عن فائض الصفات الحسنة التي يمتلكها هؤلاء الشبان. فإلى جانب النخوة والكرم، يمتلكون الاندفاع الذي جعلهم يقطعون كيلومترات عدة إلى التليل من أجل “إحضار البنزين لتحريك سياراتهم. والتي تحوّلت إلى شبه خردة بسبب شح المحروقات في عكار”. إتجه الشباب إلى منطقة إنفجار عكار لبنان من خلال “إعادة إرسال رسالة على الواتساب تدعوهم للإتجاه إلى التليل التي سيتم توزيع بنزين مجاني فيها، والتي تبعد 5 دقائق عن الدوسة”. لم يتوقع الأهل أن أبنائهم سيكونوا ضحايا تقصير الدولة في حمايتهم، وتمادي تجار التهريب في أعمالهم.

تعرّف الأهالي على أبنائهم بطريقتين، الأولى تفقد الجثة، والثانية التحقق من خلال فحص الحمض النووي للجثث المحترقة. ويلفت عبد الغني شريتح إبن خال الضحايا أن الحاج عادل شريتح تعرّف على إبنه في براد المستشفى. فيما إضطرت العائلة لإجراء الفحص DNA للتعرف على إبنها الآخر.

اليونيسيف تحذر عقب انفجار عكار لبنان

أعلنت اليونيسيف عن تضرر 3 أطفال جراء إنفجار عكار لبنان الذي ضرب عكار. وفي بيان صحفي، عبّرت بقلق عن سقوط ضحايا بين الأطفال، مشيرةً إلى أن “هذه مأساة أخرى كان يمكن تفاديها تصيب أطفال لبنان”. ودعت إلى “حماية كل طفل في جميع الأوقات، وتحديداً في ظل أزمة الوقود المتصاعدة والمثيرة للقلق والتي لها تأثير مؤذِ على الأطفال”. وأعلنت اليونيسيف عن تقديم مساعدات طارئة لمستشفى الجعيتاوي ورحّال.

أخوة حتى آخر نفس

لم يختلف المشهد في الكويخات التي تعجلت في تشييع أبنائها بصورة جماعية، وهم خالد أحمد حاويك، علي حسن حاويك، وشقيقه إبراهيم حسن حاويك في أجواء من الحزن والغضب. وجاء التشييع بعد سلسلة إجتماعات عقدتها العائلة ووجهاء القرية لضبط المشاعر، وحسن سير التشييع. ويؤكد محمد رفيق الشهداء أنه ” قبل التعرّف على الشهداء عاشت العائلة حالة من الضياع النفسي، فهي لم تكن تعرف مصيرهم”.”كما كانت عملية البحث مضنية، إنتقلوا من مستشفى إلى مستشفى في عكار، قبل الإنتقال إلى طرابلس.

يرقد مجموعة من أبناء القرية في مستشفى السلام للعلاج من حروق بدرجات مختلفة. وحسب مصادر موثوقة في مستشفى السلام طرابلس، هم: عبد الرحمن أحمد حاويك، محمد حسن حاويك، عثمان ماجد حاويك. بالإضافة إلى أحد عشر جريح آخر يتلقون العلاج في المستشفى.

استشفاء عكار في خطر

كشفت جريمة انفجار عكار لبنان على حاجة عكار إلى قطاع إستشفائي متطور. وتقاطعت تصريحات مسؤولي المستشفيات الحكومية والخاصة التي تواصلنا معها على عدم توافر أقسام متخصصة في معالجة الحروق العميقة والبليغة، لأن “هكذا مستشفيات تحتاج إلى مساحات واسعة، تمويل كبير، وكوادر طبية وتمريضية متخصصة ومدربة”. كما أن أعداد المستشفيات في المحافظة قليل نسبياً مقارنة بعدد المواطنين الذي يتجاوز عددهم النصف مليون إنسان. لذلك انتقل المصابون إلى مستشفى السلام في طرابلس، ومستشفى الجعيتاوي في بيروت، فيما نقلت 3 حالات للإستشفاء العاجل في تركيا. هذا وقد استقبل لبنان مساعدات بشرية وعينية من مصر والأردن، وعبرت الكويت عن استعدادها لنقل وعلاج مرضى على حسابها.

لتحقيق شفاف في انفجار عكار لبنان

يطالب أهالي عكار بالإسراع في التحقيق، وإعتماد الشفافيىة والنزاهة في التعاطي. ويؤكد عبد الغني شريتح “حقوق عكار مهدورة. ولكن نحن أبناء جيش ونتمسك بمظلة الجيش اللبناني”، مضيفاً “نطالب الجيش بإجراء التحقيق وعدم تسليمه لأي طرف آخر لكي يكون تحقيق شفاف ونزيه لنصل إلى الحقيقة”. لذلك ترفض عائلات ضحايا انفجار عكار لبنان محاولات تسييس مطلبهم بالحقيقة، لأن “كلنا عسكر وأبناء مؤسسة”. ويأتي هذا الكلام، بعد سلسلة الردود والردود المضادة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر التي تبادلت الإتهامات بتغطية تهريب المحروقات إلى سوريا، وتخزينها بين المدنيين في القرى. ويتطلع أهالي عكار إلى عودة الدولة بقوة إلى عكار، وتنفيذ المشاريع الإنمائية الموعودة. بالإضافة إلى كبح تجارة السوق السوداء التي أودت بحياة ما يزيد عن 30 ضحية و80 جريح من أبناء المحافظة الواقعة في أقصى شمال لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى